المانع الثالث
. وفي الكتــاب : تمتنع شهادته لمكاتبه ; لأن الكتابة له ولامرأته بالعتق ; لأن ولده يبقى حرا بخلاف شريكه المفاوض في غير التجارة إذا لم يجر لنفسه ، قال تهمة جر الشاهد النفع لنفسه في ضمن الشهادة ابن يونس : قال ابن القاسم : إن باع أحدهما سلعة بينهما من رجل ، ولم يقبضها المبتاع حتى باعها البائع من آخر وقبضها الثاني ، فلا تجوز شهادة الذي لم يتول البيع الأول بالشراء ، وإن كان الثاني قد اشتراها بفضل [ . . . ] الشاهد من الفضل شيئا ، قال ابن يونس : ينبغي إذا اشتراها بمثل الثمن الأول [ . . . ] قبول شهادته لعدم التهمة ، ووجه الأول : أنهما متفاوضان فكأنهما معا باعا من الثاني ، ولا يقبل قوله : إن شريكه باعها من الأول ، ويجب على المقر أن يعطي نصف الزائد عن الصفقة الأولى للأول .
[ ص: 270 ] فـرع
في الكتــاب : تجوز ، ويحلف الطالب مع الوارث الواحد إن كان عدلا ويستحق ، فإن نكل أخذ من شاهده قدر ما يصيبه من الدين لاعترافه بذلك ، وإن كان سفيها امتنعت شهادته لسفهه ولم يرجع عليه لعدم نفوذ إقراره ، وتجوز شهادة الوصيين أو الوارثين بدين على الميت ; لأنه نفع لغيرهما ، وقال غيره : إن ادعى ذلك فلان ولم يجرا بذلك لنفسيهما نفعا ، وكذلك الوارثان فتجوز ، وتجوز شهادة الوصيين أن الميت أوصى إلى فلان معهما ، أو أن فلانا وصي ، وإن شهدا أن أباهما أعتق هذا العبد ومعهما أخوات أو زوجة الأب : فإن لم يتهما في ولائه لذاته جازت شهادتهما ، وإن اتهمهما في جر ولائه ، امتنعت ، وتمتنع شهادة الوارثين على نسب يلحقانه بالميت ، أو دين أو وصية ; لأنه خليفة إلا أن يكون الورثة كبارا عدولا ، ولا يجر بشهادته شيئا يأخذه ، وتمتنع شهادة الوصي بدين للميت ; لأنه الناظر لهم إلا أن يكونوا كبارا عدولا ، فإنه لا يتهم لهم ، في التنبيهات : قوله للسفيه : ترد شهادته ، ظاهره : اشتراط الرشد في العدالة ، وهو قول شهادة الوصي لورثة الميت بدين لهم على الناس أشهب ، ولم يشترطه مالك في كتاب التفليس ، وقوله : إلا أن يكون الورثة كبارا عدولا يقتضي اشتراط العدالة في الرشد ، قاله بعض شيوخنا ، حتى قال : ومعناه عندي أن يكونوا مرضيين في أحوالهم ، لا عدالة الشهادة ، والقولان في المذهب في اشتراط الدين في الرشد ، وقال بعضهم : أراد بالعدالة الوجه الذي لا يختلف فيه أنه لا يحجر عليهم ، فتنتفي التهمة عن الوصي ، وإذا لم يكونوا عدولا فهم مختلف فيهم ، فيتهم الوصي لكون الورثة معرضين للإيصاء ، قال ابن يونس : يحلف مع الوارث العدل : إن حقه لحق ، وإنه ما قبض من الميت شيئا منه ، ولا أسقطه عنه . وقوله : يأخذ منه نصيبه ، يريد إذا أقر الشاهد أن الدين باق على [ ص: 271 ] الميت ، وأن يأخذ منه شيئا حتى يحلف : إنه ما قبض منه ولا أسقطه عنه ، وعن ابن القاسم : إذا احتضر فقال : ما شهد علي به أنه من دين أو شيء فهو مصدق إلى مائة دينار ، ولم يوقت وقتا ، ثم مات فشهد الولد لقوم ، فلا بد من اليمين إن كان الولد عدلا ، وإن لم يكن عدلا ، أو نكل المشهود له ، لزم الولد نصيبه من الدين ، وإن كان سفيها امتنع إقراره من ميراثه ، ولم يحلف الطالب ، قال ابن القاسم : لو شهد الولدان أن أباهما أعتق هذا العبد ، وشهد أجنبيان أنه أوصى بالثلث [ . . . ] ذان إنهما في ولايته ، امتنعت شهادتهما وإلا جازت ، وفي النوادر : قال مالك : إذا شهد ولي اليتيم له وهو يخاصم قبل الخصومة أو بعدها في مال يلي قبضه لا تقبل قبل ولا بعد ، ويقبل فيما لا يلي قبضه ; لأن القبض ولاية ، وقد يقترض ويتجر فيما قبض فيتهم في ذلك ، وإذا زالت الولاية قبلت إلا أن ترد أو لا ، قال مالك : وتجوز . وفي الجلاب : المنع لأنه يتهم في راحة من ضبط المال ، قال شهادة الوصي على اليتيم في زمن الآية كالوالد : إذا أتيا بكتاب مختوم للقاضي [ . . . ] على وصيته وهما الوصيان ، سألهما إن قالا : قبلنا الوصية ، ردت شهادتهما [ . . . ] . سحنون
فـرع
في الكتاب : ، أو لهما ولفلان على فلان مائة بأنه لم يجر أحدهما لجر النفع بهما بخلاف شهادة بوصية أوصى له فيها بشيء تافه لا يتهم فيه فيجوز له ولغيره ، وعنه : لا يصح بعض الشهادة دون بعضها ، وعن شهد أن فلانا كفيل لفلان ، ولوالدهما بمال مالك : إذا اتهم امتنعت له ولغيره ، وقال : في هذا الأصل [ ص: 272 ] اختلاف عن سحنون مالك ، وقال : إن شهد معه غيره جازت له ولغيره ، وإلا جازت لغيره دونه ، وعن يحيى بن سعيد مالك : لا تجوز له ولا لغيره مطلقا ، في التنبيهات : لا يختلف في رد شهادته لنفسه إذا أشهدهما بشيء له ولغيره ، وإن كان الذي شهد به لنفسه حقيرا إلا ما في الموازية أنها تجوز له ولغيره إذا كان الذي له يسيرا كالوصية ، وقيل : يجوز منها شهادته فقط تخريجا ، ويحتمل أن ما في الموازية وقول ابن القاسم في الوصية : إنه إن كان الشاهد فيها يبين أنه إن كان وحده حلف المشهود له وأخذ ما شهد له به لنفسه ; لأنه كخز واحد ، وهو فيه يحكم اتبع ، وقد حلف الآخر على تصحيح شهادته وأن معه غيره ، أخذ الآخر حقه بغير يمين لاجتماع شاهدين له ، وأخذ أيضا حقه بغير يمين ; لكونه تبعا لحق صاحبه ; لم يختلف شيوخنا أن هذا معنى قول ابن القاسم ، واختلف في تأويل قول ابن سعيد ، قيل : معناه : إن كان وحده جازت لغيره مع يمينه ، وامتنعت له ، وإن كان معه غيره جازت لغيره بغير يمين ، وله بغير يمين معاتبة بشاهدين ، وقيل : إن كان معه غيره لم يأخذ هو حقه إلا بيمين مع شهادة صاحبه ، وقاله مالك ، ففي المدونة : قولان لمالك وتأويلا قول ابن سعيد قولان آخران ، وإن ردت شهادته في الجميع على المشهور للتهمة ، وقيل : يجوز لغيره دون نفسه ، وهو أحد الأقوال في الجلاب . كان ما شهد به لنفسه في الوصية كثيرا
قال بعض الأندلسيين : تجويزه هاهنا إن كان الذي له يسيرا مع المنع مطلقا إذا شهد أنه أوصى لابنه اختلاف ، إذ لا فرق في التهمة ، قال : وليس كذلك ; لأنه في القرابة إنما أجاب عن شهادة الأب لابنه ، ولم يعترض للوصية ، ولا فرق بين الوصية له أو إليه في تنفيذ يسير المال الذي لو أوصى له في جملة وصية لم يتهم فيه ، أو تنفيذ عتق وشبهه مما لا يتهم فيه ، أو هو لا يتشرف مثله بإسناد الوصية ، قاله في المستخرجة ، وفي النكت : تجوز شهادته في الوصية له فيها يسير ، [ ص: 273 ] بخلاف سائر الحقوق ; لأنه ضرورة يخشى من تأخرها معالجة الموت ، وقوله : إذا شهد وارثان أن فلانا تكفل لفلان ولوالدهما لا يجوز ، معناه : في حق واحد ، وأما في حقين تكفل لفلان بكذا ، ولوالدهما في شيء آخر بكذا ، فيجوز للأجنبي ، قال التونسي : إذا ردت الشهادة للتهمة لم يجز للغير بخلاف إذا ردت للسنة ، كشهادته بمال وعتق فيجوز ما قابل المال دون ما قابل العتق ; لأن الشاهد لم يتهم في صدقه بخلاف التهمة ، وقال أصبغ : إذا شهد كل واحد منهما لصاحبه : أن الميت أوصى له بكذا ، والكتاب واحد أو متعدد صحت الشهادة ويحلف كل واحد مع شاهده ، قال ابن القاسم : إذا شهد على وصية أوصى له فيها ثبت الثلث ، والوصايا تحيط بالثلث ، فإن كان الميت يداين الناس ويشك إن كان له على الناس ديون ثبتت ، بطلت الشهادة ، أو لا يداين الناس ، جازت ، قال ابن يونس : إذا شهد في وصيتين مختلفتين لهما في إحداهما يسير ، جازت الوصيتان وإلا ردت فيهما ، وعن مالك : إذا أشهدهما أن ثلث ماله : ثلث للمساكين ، وثلث لجيرانه ، وثلث لهما ، تجوز شهادتهما لأنها يسيرة ، قالاللخمي : في المدونة : إذا شهد في ذكر حق له فيه شيء ردت له أو لغيره ، قال في المجموعة : لأن أحدهما لا يأخذ منه شيئا إلا شاركه الآخر فيه ، ولو اقتسما قبل الشهادة جازت شهادته ، قال : فعلى هذا تجوز شهادته في الوصية لغيره ، وإن كثر ما يخصه منها إذا كانت الوصية لأحدهما بعبد ، وللآخر بثوب مثلا ; لأن أحدهما لا يدخل على الآخر ، فهي كشهادتين فلا ترد شهادة الأجنبي ، فإن قال : أنا أعلم أن شهادتي لا تقبل في نصيبي ، وإنما قصدت حق غيري ، وذكرت ما أوصى لي به لأؤدي ، أم جلس على ما وقع ، فأولى أن تبطل في حق الأجنبي .
قال مطرف وعبد الملك : إذا ، امتنعت ، أو شيئا بعد شيء جاز ، أو على رجلين جاز في مجلس أو مجالس قال : وأخرى ردها كانت على رجلين أو رجل في مجلس أو مجالس لفظا [ ص: 274 ] أو بكتاب لاتهامهما على : اشهد لي وأشهد لك ، إلا أن يطول ما بينهما ، قال شهد بعض الشهود لبعض على رجل واحد في مجلس مالك : إذا شهدت عليه بمال في يدك : أنه تصدق به على فلان ، وفلان حاضر ، جاز ، أو غائب ، امتنعت ; لأنها ملك على أقر لك المال في يدك ، قال محمد : سلم المال ولا تشهد لأنك إن شهدت رددت للتهمة فلا تقبل بعد ذلك إذا قدم الغائب لتهمة الرد ، وإذا سلمته شهدت له إذا قدم ، قال : وأرى أن يثبت بالمال للحاكم ، أو قلت له : أوقفه حيث ترى أن تقبل الشهادة ، ويكاتب المشهود له إلا أن تبعد غيبته فيحلف صاحبه الغائب ويأخذ ، فإن قدم حلف واسترجعه ، ولو كان المال مما لا تتهم أنت في الانتفاع به عندك كالثوب ، قبلت الشهادة ; لأن العبد لا يتهم في مثل هذا ، وقد تسلف الدنانير ، حكى صاحب البيان فيما إذا شهد بوصية له فيها شيء : الأربعة الأقوال المتقدمة ثم قال : هذا إذا كانت الشهادة على وصية مكتوبة ، أما اللفظ نحو : ، امتنعت شهادته لنفسه دون غيره ، وقد يقال : يبطل لغيره على رواية لفلان كذا ، ولفلان كذا ، والشاهد أحدهم ، والذي له يسير أشهب ; لأنه روى أنه لا تجوز شهادته في وصية بعد الوصية التي له هو ، وليس له في الثانية شيء ، ومع ذلك منع الإشهاد به ، قال محمد : لا تجوز شهادته في الثانية إلا أن يشهد أنه نسخ الأولى ، ويجوز لغيره على قول مطرف .
فـرع
في الكتــاب : توفي أحد المسافرين من قبائل شتى وأوصى بوصية ، تمتنع شهادة بعضهم لبعض فيها ، وإن شهد على وصية فيها عتق ووصايا القوم ، نفذت في الوصايا للقوم مع أيمانهم دون العتق ، فإن ضاق الثلث فإنما لهم من الثلث ما فضل عن العتق ، وإنما تبطل كلها لو شهد لنفسه فيها . ولو شهدت [ ص: 275 ] أنه تصدق بما أودعك لفلان أو أقر به ، حلف مع شهادتك واستحق إن كان حاضرا ، وتبطل شهادتك إن كان غائبا خشية اتهامك بانتفاعك بذلك المال ، قد تقدم كلام اللخمي على هذا في الفـرع الذي قبله ، قال ابن يونس : إنما يتهم في الوديعة إذا كانت طيبة تنتفع أنت في مثلها بالمال . في الموازية : إذا أوصى لك بعبده ولهما ثبت ماله فشهدا عليك أنك قتلت الموصى له ، ردت شهادتهما ; لأنهما ينتفعان بهما في الثلث ، ولو لم يوص إلا بثلاثة إذا جمع مع العبد لم ترد لارتفاع الحصاص ، وجوزها محمد مطلقا ; لأنه لا بد من الحصاص إما له وإما للورثة ، وأما الجاهلان الظانان أن الحصاص يسقط عنهما بسقوطك فلا ، قال محمد : ولو شهد بأنك قتلت الموصي ; لم ترد لعدم انتفاعهم ; لأن الورثة تقوم مقام الميت ، وقال ابن القاسم في المسلوبين : تقبل شهادتهم في الحد للحرابة دون الأموال ، وقال مطرف : تقبل منهما ; لأن الشهادة لا تتبعض ، وعن ابن القاسم : تجوز في الجميع إذا كان ما للمشهود من المال يسيرا كالوصية ، قال في أكرياء السفينة تعطب قبل البلاغ ، وقد نقد الكراء ، شهد بعضهم لبعض ويرجعون عليه ، ثم قال : ليس هذا موضع ضرورة فلا تقبل ; لأنهم كانوا يجدون من يشهد سواهم . سحنون
نظــائر : قال العبدي : يجوز : اشهد لي وأشهد لك ، في مسألتين : المسلوبين وأهل المركب إذا كانوا ثلاثين ، وقيل : عشرين .