المسألة العاشرة : قال صاحب البيان : إذا قال : رضيت بشهادة فلان بيني وبينك ، فشهد فقال له : شهد بغير الحق ، قال مالك : ذلك بخلاف التحكيم ينفذ وإن كره المحكوم عليه ، والفرق : أن الشاهد لم يفوض الأمر على اجتهاده ، بل المطلوب معين تمكن المنازعة فيه إذا عدل عنه ، والتحكيم في غير معين مفوض للاجتهاد ، [ ص: 232 ] فتتعذر المنازعة فيه ، قال ابن دينار : لو تنازعتما في شيء كل واحد منكما يظنه له ، فسألتما رجلا فشهد به لأحدكما جاز ، ولا تشبه مسألة مالك ; لأنك هاهنا حكمتما في غير معلوم ، فهو كالتحكيم ، ومسألة مالك إذا حكمت فيما تعلمه وتعتقد أنه شاركك في العلم ، فإذا خالفك علمك لك الإنكار ، وعن ابن القاسم : عدم اللزوم في الوجهين ; لأن الأصل : أن لا يلزم الإنسان إلا شهادة العدل عند الحاكم ، وعن مطرف : له الرجوع ما لم يشهد ، فإذا شهد فلا يلزمه ، كان يعلم أو يظن ما لم يكن على وجه التنكيت لصاحبه والتبرئة للشاهد من أن يقول ذلك ، وهذا الاختلاف فيه ; لأن المنزه غير محكم ، وفي غيره الأقوال الثلاثة المتقدمة : يلزمه ، لا يلزم التفرقة بين التحقيق والظن ، وسواء كان الشاهد في هذا كله عدلا أو مسخوطا أو نصرانيا ، وقيل : لا يلزم الرضا بالنصراني بخلاف المسخوط لبعد الكافر عن درجة الشهادة ، وإذا لم يظهر في المنازعة تنكيت من غيره فمحمول على غير التنكيت حتى يتبين منه التنكيت ; لأنه ظاهر التحكيم ، ولو قال المريض : ما قاله فلان إنه علي من الديون فهو مصدق ، وذلك عبد أو مسخوط ، لا يلزم ذلك الورثة ، قاله ابن القاسم ، ولا يجري الخلاف المتقدم هاهنا لأنه حكم على الورثة فسقط ، والصحيح حكم على نفسه بحدث الخلاف ، مع أن أصبغ خالف وقال : يلزم الورثة ذلك كقول مالك ، وصيتي عند فلان ، فما خرج فيها فأنفذوه : ينفذ وإن كان غير عدل متى لم يكن متهما على الورثة ، وخلافه ليس بصحيح ، والفرق بين الوصية والديون : أنها في الثلث ، وهو له يوصي فيه ، والديون من رأس المال ، والوصية خفف أمر الشهادة فيها حتى قبل الكافر في السفر بخلاف الديون .
فـرع
في النوادر : قال مطرف : إن قال : كل من شهد لي فشهادته ساقطة عنك أو [ ص: 233 ] مبطل ، لا يلزمه حتى يسمي معينا أو معينين ، فإن قال : من قرية كذا ، لزمه ، وقاله ابن القاسم .
فـرع
قال : قال : إذا شهد على زيد فعزله ابن كنانة عمرو فشهادته على عمرو مقبولة من غير زيادة تعديل ، لاعترافه بعدالته .
فـرع
قال : قال عبد الملك : إذا سأل الخصمان الحاكم ، أو من حكماه أن يحكم بينهما بشهادة من لا يقبل شهادته ، لا يفعل ; لأنه قد يقتدى به وقد يعدل الشاهد بذلك ، ويقال لهما : ما علمناه من الشهادة اجعلا قرارا .
فـرع
قال : متى قالا : رضينا بشهادة فلان وفلان بعد أن فسر الشاهدان الشهادة لزم الإقرار .