المسألة الثانية : في الكتاب : إذا . قضي بأعدلهما وإن كانت أقل عددا ، فإن استوتا تساقطتا ، ويقر الشيء بيد حائزه ويحلف ، ولا يقضى بأكثرهما فيساوي رجلان ورجل وامرأتان ، مائة رجل ، وكذلك لو تعارضت بينة صاحب اليد مع بينة الطالب سقطتا ، وبقيت بيد صاحب اليد ؛ لأن كل بينة جرحت صاحبتها ، قال غيره : ليس هذا جرحا ، لكن التكافؤ فكأنهما لم يكونا ، وكذلك التكافؤ إذا تداعيا شيئا ليس بأيدهما ، ثم إن رأى الإمام فيما شهدوا به أنه مما يمنعهما منه حتى يأتيا ببينة أعدل فعل ، وإن كان مما ينبغي للإمام أن يقره ويرى أنه لأحدهما قسمه بينهما بعد أيمانهما كما لو لم تشهد لهما بينة ، وإن تنازعا عفوا من الأرض قضي بالأعدل ويحلف صاحبها ، وإن تكافأتا سقطتا وبقيت الأرض كغيرها من [ ص: 179 ] عصر دار المسلمين ، وعن ادعى الدار صاحب اليد ، واثنان بغير يد ، وتكافأت بينة غير ذي اليد مالك : إن تكافأتا والشيء ليس في أيديهما وهو مما لا يخاف عليه كالعقار ، ترك حتى يأتي أحدهما بأعدل مما أتى به صاحبه ، إلا أن يطول الزمان فيقسم بينهما لئلا يهلك ، وما خشي ما يغيره كالحيوان والعروض والطعام يؤخره قليلا لعل أحدهما يأتي بأثبت مما أتى به الآخر ، فإن لم يأت وخيف عليه قسم ، ولو ، قضي فيها لصاحب الولادة ؛ لأنه مرجح ، قال غيره : إذا كانت ببينة الناتج [ . . . ] أن كانت بينة الآخر أعدل ، وليس هذا من التهاتر ، ولكن لما زادت بقدم اليد قدمت ، كما لو شهدت [ . . . ] بشهر والأخرى عام قدمت ، وإن كانت الأخرى أعدل ، ولا ينظر لمن بيده الأمة إلا أن [ . . . ] لآخر [ . . . ] الخدمة [ . . . ] لادعاء لها بحضرة الآخر فهذا يقطع دعواه . وفي التنبيهات : في [ . . . ] اختلفا [ . . . ] السلعة قضي لصاحب اليد بغير يمين ، خلافا شهدت بينة في أمة أنها لك ، وشهدت أخرى أنها له ، وولدت عنده ، وليست في يد أحدهما لابن القاسم في اليمين ، ومعظم الشيوخ لا يرون على المقضي له بالأرض ببينة الأعدل يمينا ، قال : وأرى إيجاب اليمين عليه في الكتاب ؛ لأنها في غير يده ، واحتيط باليمين لحق بيت مال المسلمين ، ولو كان لهما مالك لم تلزم اليمين .
قال التونسي : اختلف في ، كزيادة العدالة ، أو يفرق بأن الترجيح بالكثرة يفضي إلى طول النزاع بأن يسعى الخصم الآخر في الزيادة فيعدد الأول ويزيد شهودا ويتسلسل الحال ، وليس في قدرته أن يجعل بينة أرجح عدالة ، فلا يتسلسل ، واختلف إذا ساوى شاهد شاهدين في العدالة : قال الترجيح بكثرة العدد بناء على أنه يزيد على غلبة الظن ابن القاسم : يحلف صاحب الشاهد ويكون شاهده ويمينه كشاهدي الآخر ، وكذلك شاهد وامرأتان تكافئ شاهدين مع [ ص: 180 ] استواء العدالة ؛ لأنها كانت حججا شرعية ، ولم يسو أشهب ؛ لأن اليمين لا يحكم بها في الدماء ، وكذلك المرأتان ، وقال عبد الملك : الحائز لا ينتفع بينة ، لقوله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( ) فلم تشرع إلا له ، وصاحب اليد لم يدع ، اختلف في البينة على من ادعى ، فقيل : تخلى لصاحب اليد لتساقط البينتين . وقيل : تقسم بينهما لاتفاق البينتين على إبطال ملك ذي اليد ، واختلف لو أقر بها الحائز لأحدهما ، فعلى مذهب المدونة : إنما له تكون للمقر له ، وعلى الآخر : لا يقبل إقرار ، والترجيح بتقدم التاريخ ليس فيه تكاذب لاحتمال أن يكون متأخر التاريخ غصبا أو اشتري من غاصب ، فلا يزول ملك الأول إلا بيقين إذا حلف أنه ما باع ولا وهب ، وكذلك الترجيح بالنتاج . وعن الدار يدعيها ثلاثة هي في يد أحدهم فتكافأت بينتا غير ذي اليد أشهب : إذا شهدت بأن العبد كان بيدك ، لا تكون أحق حتى تقول ملكك ، قال : وفيه نظر ؛ لأن كونه بيدك يوجب رده إلى يدك حتى تثبت يد قبل يدك ، ولا يبطل ذلك إلا بيقين ، وعن أشهب : لو شهدت بأنها لك ، وشهدت أخرى بأنها ملك خصمك ، قضي له بها ، ولو تقدم تاريخ يدك ، وفيه نظر ، كما تقدم أن يكون معنى كلامه الذي هو شهدت له بالملك اشترى ممن حاز قبلك فيصح ، قال : كذلك أيضا يشكل قوله في الكتاب : لا يعتبر أنها ولدت عنده ؛ لأن يده تقدمت على أمها إلا أن يعلم أن أمها ملك لغيره ، وإن شهدت أنها بنت أمته ، لم يقض له بها لاحتمال أن تكون ولدتها قبل ملك الأم ، إلا أن يقولوا : ولدت عندك .
وفي الكتاب : إذا شهدت في التي بيد غيرك أنها ولدت عندك ، لا يقضى لك حتى يقولوا : إنك تملكها ، ويحلف لك : ما أعلم لك فيها حقا ، ولو [ ص: 181 ] شهدوا بنسيج الثوب ولم يقولوا : لك لم يقض به بل بقيمة النسج ، ويحلف : ما نسجته ملكا ، قال : وهذه المسائل تخالف الأصول المعروفة ، لأن الحيازات لها أثر فيرجح بها ، أما لو شهدت كلتاهما بالنسج أو الولادة عندكما كان تكاذبا يقضى بالأعدل ، لو كان مما يمكن أن ينسج مرتين كالخز ترجح الأول : وللثاني أجرة [ . . . ] فإن شهدتا بعين ذلك النسج لكما قضي بأعدلهما ؛ لأنه تكاذب ويسقطان مع التكافؤ ويأخذها الحائز مع يمينه ، وفي الموازية : ابن سحنون فهي بينهم أثلاثا أو العبد في أحدهما فهي بينهما نصفين ؛ لأن العبد في أحدهما ، أو هي بيد تاجرين وحر ، فادعاها العبدان لأنفسهما ، والحر لنفسه ، قسمت أثلاثا ، ولو كان السيد معهم في الدار وهما غير ما [ . . . ] قسمت بينهما وبين المدعي لنفسه نصفين ، ولم يكن للعبدين يد مع السيد ، فإن كان معه في الدار عبدان [ . . . ] أو زوار لم ينظر إلى عددهم ودعواهم إن كان هو الذي أحلهم في الدار معه ، وإن لم يكن في الدار نظرت إلى عددهم فإن كانوا أربعة أحدهم يدعيها لنفسه ، والباقون يدعونها للذي ليس معهم قسمت أربعة ، ربع للمدعي لنفسه ، والباقي لمن ادعاها له الباقون ، ولو كان معهم في الدار ، قسمت نصفين ، وزالت يد المدعين لغيرهم ، وإن قال الثلاثة : أكراها منا فلان وهي له ، فلا عبرة بكونه في الدار معهم أم لا ؛ لأن الكراء أوجب لهم يدا فصار للذي أسكنهم ثلاثة أرباعها ؛ لأنهم إن كانوا معه كانوا تحت يده كمتاع له في الدار ، ولم ينظر لعدد رءوسهم ، وإن لم يكن معهم صاروا حائزين دونه . فيقسم على الأعداد ، قال : وانظر إذا كان هو وعبده المأذون وأجنبي ولا دين على العبد ، هل هو بمنزلة المحجور وتقسم نصفين ، لأن يد العبد [ ص: 182 ] إذا كان عليه دين كالأجنبي ، لأن سيده لا يقدر على انتزاع ماله ، وإن كان لا دين عليه فقد يقال ، لأن يد السيد إذا كان معه أقولك السيد قال : الدار كلها لي دون عبدي ، وقوله يقبل عليه من الأجنبي ، يقول : كلها لي فتقسم بينهما نصفين ، وإن كان مأذونا له ، إن الأجنبي يقول : السيد مقر بما يوجب مقاسمتي إياه ، لقوله : الدار كلها لي ، عن دار بين حرين وعبد تاجر أشهب في عبد بيدك ، وأقام آخر بينة أن قاضيا قضى له به ، وأقام آخر بينة كذلك ، وأقمت بينة أنه ملكه وولدك في ملكك ، قضي به لك ، إلا أن يزيدوا في الشهادة : أن القاضي قضى به له ؛ لأنه اشتراه منك ، أو من وكيلك أو ممن بعته إياه ، فإن شهد للآخر بذلك بقول البينة المؤرخة ، إلا أن يكون في شهادة غير المؤرخة أن القاضي قضى بهذا العبد لهذا فاقضي له به ، وإن ورختا قدمت المقدمة ، أو لم تؤرخا قسم بينهما بعد أيمانهما أو نكولهما ولا يمين على صاحب الولادة ، ومن نكل قضي عليه للآخر ، قال ابن القاسم : فإن أقمت بينة بولادتها في ملكك ، والآخر بينة أنه اشتراها به من المقاسم ؛ لأنه شأن الشراء من المقاسم ولو ثبت ملكه لمسلم .
قال ابن يونس عن مالك : يقضى مع الاستواء في العدالة بأكثرهما عددا في الدعاوى إلا أن يكون هؤلاء كثيرا يكتفى بهم في الاستظهار ، والآخرون أكثر جدا فلا تراعى الكثرة بخلاف اثنين وأربعة ، وأما شاهدان وشاهد أعدل زمانه مع يمين ، قال ابن القاسم : يقضى بالشاهدين ، وعنه بالأعدل مع اليمين لمزيد العدالة ، وقال أصبغ : أقدم الأعدل مع اليمين على أربعة ، فإن كان في الأربعة اثنان أعدل منه قضيت بهما ، قال أشهب : الأعدل مع اليمين مقدم على الشاهدين ، قاله أصحاب مالك ، قال ابن القاسم : إذا جهلت البينتان لا يقضى بأعدل ممن زكاهما وإنما تعتبر الأعدلية في الشهود أنفسهم ، وعن مالك : التسوية [ ص: 183 ] في الترجيح ؛ لأنه يزيد الظن في المزكي ، وإذا شهدت أنه تركها من سنتين ، والأخرى أنها ولدت عنده ، فهذا تهاتر ، ويقضى بأعدلهما ، ويسقطان مع التساوي ، قال أشهب : يرجح بقول العبد : إني لأحدكما عبد ، في تساوي البينتين ، وهو في أيديكما ، وإلا اعتبر قوله في غير هذا ، إلا أن يقيما بينة فهو لمن أقر له بالملك بعد أن [ . . . ] الأرجح بقوله ، وإحدى البينتين أرجح ، وإن ادعيتما دارا بيد غيركما [ . . . ] أو استعارها فهي لك ، إلا أن يقيم الآخر بينة ، وهي لك أيضا عند تكافؤ البينتين [ . . . ] ويحلف مع التكافؤ ما لم يعلم لأحد فيها حق ، ولا يمين على المقر ؛ لأنه لو [ . . . ] يصدق ، فإن أقام الآخر بينتين أن الآخر أودعه إياها ، قدم المتقدم من الكراء وإلا من [ . . . ] قدمت بينته ، قال : إذا ثبت فلسه ، فأقمت بينة أن له دارا هو ساكنها ، وأقامت المرأة بينة أن الدار لها يقضى بأعدل البينتين ، فإن استوتا بقيت للزوج وبيعت في دينه ؛ لأن سكناه أغلب من سكناها ؛ لأن عليه إسكانها ، وحيث قسم المدعى لتساوي البينتين ، فأقام أحدكما بينة أعدل ، لم يرجع عليك بشيء ؛ لأنه حكم مضى ، قاله سحنون مطرف ، وقال عبد الملك : يرجع لبطلان سبب الحكم ، وقال في شاة مسلوخة بيدك وسقطها بيد آخر ، وتداعيتماها سقطها ، قضي للجميع بأعدل البينتين ، فإن استوتا تحالفتما ، فإن حلفتما أو نكلتما ، قضي لكل واحد بما في يديه ، أو نكل أحدكما ، قضي للآخر بما في يده ، فلو أقمت بينة أنها ولدت عندك ، وأنك ذبحتها وسلختها وأن السقط لك ، فالجواب سواء ، وإذا شهدوا أن أباك تصدق به عليه ، وشهدوا أنه لم يزل في يديه حتى تصدق به ، قال سحنون اللخمي : يحمل قوله في عدم الترجيح بالهذر ، على أن الكثرة لم تحصل بالعلم ، وإلا قدم العلم على الظن ، وعن جماعة من أصحابنا : لا ترجح بمزيد العدالة ، وإذا شهدتا بأن الدابة نتجت عندكما فهو تكاذب ، أرخت أم لا ، تقدم التاريخ أو اتحد ، ومتى [ ص: 184 ] شهدت بالنتاج في وقت لا يشبه قدم ، وإن شهدت أنك رهنته ما تحت يده ، وشهدت أخرى أنه اشتراه منك ، قال ابن القاسم : قدمت بينة الشراء إلا أن تشهد الأخرى أن الرهن بعد الشراء ، وقيل : يقضى بأعدلهما ، قال : والأول أصوب إلا أن يشهدا عن مجلس واحد فيقضى بالأعدل ، فإن استوتا قضي بالرهن ، لأن البينتين تسقطان ، ويبقى الإقرار ، وقال : شهدت للقائم بما وقع بعده من الشراء ، وإن تقدم الشراء كان قد غصب ملكه .
تمهيد : في الجواهر : أربعة : زيادة العدالة ، وقوة الحجة ، فيقدم الشاهدان على الشاهد واليمين ، وعلى الشاهد والمرأتين إذا استووا في العدالة ، قال مدارك الترجيح أشهب : وقال ابن القاسم : لا يقدمن ، ولو كان الشاهد أعدل من حكم واحد منهما لحكم به على اليمين ، وقدم على الشاهد ، وعنه مثل أشهب ، والثالث : اليد ، فتقدم بينة صاحب اليد ، واشتمال أحد البينتين على زيادة تاريخ ، وإذا قدمتا بالأعدل ، فهل يقدم بأعدلية المزكي ، لم يعتبره ابن القاسم واعتبره مطرف .