[ ص: 124 ] الباب التاسع
في
الاستخلاف
وبه قال الأئمة ، وما علمت فيه خلافا ، وفي الجواهر : إذا نهي عنه لم يفعله ؛ لأن النهي عزل ، فإن أذن له فيه فعله على مقتضى الإذن كسائر أنواع الولاية ، فإن تجدد عقد الولاية عن النهي الإذن : فقال عبد الملك ومطرف وأصبغ : ليس إذا كان حاضرا ، وأما إن سافر أو مرض ففي الواضحة : يستخلف ، وقال لقاضي الخليفة الاستخلاف مكانه : لا يستخلف وإن سافر أو مرض إلا بإذن الخليفة وعند ( ش ) : يستحب للإمام أن يأذن له في الاستخلاف في نواحي عمله ؛ لأن القاضي لا يتسع لجميع ذلك ، ويشق على الناس الحضور إليه ، فإن نهاه عن الاستخلاف أو أمره اتبع أمره ونهيه ، وفي الشامل للشافعية : إن كان يمكنه النظر في ذلك العمل لم يستخلف ، ووجود النهي وعدمه سواء ، فإن سحنون امتنع الاستخلاف ؛ لأن الإمام لم يرض بنظر غيره ، فإن كان لا يمكنه مباشرة الجميع استخلف فيما يعجز عنه ، كما يوكل الوكيل فيما يعجز عنه ، وله في الاستخلاف على ما يقدر عليه قولان : المنع والجواز كالإمام الأعظم ، وقال ( ح ) : لا يستخلف إلا بإذن الإمام فإن أذن له فاستخلف فالثاني قاضي الإمام . عزت الولاية عن الأمر والنهي
تمهيد : الولاية ثلاثة أقسام : منها ما يتضمن الاستخلاف لتوقف مقصودها عليه ، كولاية إمامة الجمعة ، فإن مقصودها صحة الصلاة ، ولو سبقت الحدث [ ص: 125 ] ولم يستخلف بطلت صلاتهم ، وكذلك إذا طرأ عليه ما يبطل إمامته أو صلاته ، : ضبط مصالح جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بها ، ولا يحصل ذلك إلا بالاستخلاف ، وكالوصية مقصودها : أن تقوم مقام الميت ، ولا يحصل ذلك إلا إذا كان له أن يوصي إن مات ، أو يوكل حال حياته . ومنها ما لا يتضمن الاستخلاف . كالوكالة على ما يقدر على مباشرته ، فإن المقصود يحصل به وحده ، وعوارض عجزه نادرة ، بخلاف إمامة الجمعة ، عوارض العجز عنها كثيرة ، وكالاستيداع ، مقصوده : الحفظ ، وهو خاص بالمودع عنده وحده ، وكالمقارض والمساقي ، فمتى وكل أحد هؤلاء فهو متعد ، ومنها ما فيه الشبهان ، كالقضاء من جهة أن ما ولي عليه من المصالح غير متناه ولا منضبط ، أشبه الإمامة ، ومن جهة أن فوقه من ارتضاه وحده وله الاستبدال به عند عجزه أشبه الوكالة فهذه المدارك منشأ اختلاف العلماء - رضي الله عنهم - . وكالإمامة العظمى مقصودها
تفريع : في الجواهر : حيث أجزنا ، ؛ لأنه قاض إلا إذا لم يفوض إليه سماع الشهادة ، ولا يشترط فيه من العلم إلا معرفة ذلك القدر ، وليس له أن يشترط على النائب الحكم بخلاف اجتهاده ، وخلاف معتقده إن جوزنا تولية المقلد عند الضرورة ، قال يشترط في الخليفة صفات القضاة الأستاذ أبو بكر : وللإمام المعتقد مذهب مالك أو غيره أن يولي من يعتقد خلافه ؛ لأن الواجب على القاضي أن يجتهد ، ولا يلزم أحدا من المسلمين التقليد في النوازل والأحكام من المعتزي إلى مذهبه ، فإن مالكا لم يلزمه المصير في أحكامه إلى أقوال مالك ، بل أينما أداه اجتهاده صار إليه ، فإن صح العقد وبطل الشرط ، لمناقضته لما يجب من الاجتهاد ، كان موافقا لمذهب الشرط أو مخالفا له ، قال : وأخبرني شرط على القاضي الحكم بمذهب إمام معين دون غيره القاضي أبو الوليد ، قال : كان الولاة عندنا [ ص: 126 ] بقرطبة يشترطون في سجل القاضي أن لا يخرج عن سجلات ابن القاسم ما وجده ، قال الأستاذ : وهذا جهل عظيم منهم ، وفي النوادر : إذا ولي على كور العادة أن يولى فيها قضاة ، فله أن يستخلف ؛ لأن العادة كالإذن ، قاله عبد الملك وليس له أن يستخلف من يحكم بعد موته .