الفرع الثاني
في الكتاب : تمتنع كفالة المأذون إلا بإذن سيده إلا أن يغترق الدين ماله فيمنع ، وإن أذن السيد كالحر إذا اغترق دينه ماله ، وتجوز ، وقال ( ش ) لأنه لو وكل عبده في قضاء فأقام شاهدا بالقضاء حلف العبد وبرئ السيد كالحر ، ولا يحلف السيد ، وإن تحمل عبد بدين على سيده بإذن السيد ثم فلس السيد أو مات خير الطالب أن يتبع ذمة السيد فيبتاع له العبد أو [ ص: 195 ] ذمة العبد فيكون له دينه فيها ، وقال غيره : ليس له اتباع ذمة العبد إلا عما عجز منه مال السيد ، قال حمالة العبد بالخصومة بإذن السيد ابن القاسم : وإن تحمل عن أجنبي بأداء السيد ففي ذمته لا في رقبته ; لأنها ليست جناية ويجوز كفالة العبد ومن فيه رق لسيده ، ولا يجبره السيد على ذلك ; لأنه قد يؤدبه بعد العتق ، ولا يلزمه إن أجبره ; لأنه عقد إكراه وإباء العبد خوف اللزوم بعد العتق ، وأشهد السيد أنه ألزمه ذلك لم يلزم العبد إلا برضاه ، قال مالك : إذا أعتقه وعليه مائة لزمته وإن كره ، وفي التنبيهات : قيل : قول ابن القاسم في تخيير الطالب بين العبد والسيد على قول مالك الأول : أن للطالب اتباع الكفيل مع يسر الغريم ، وليس هو اختيار ابن القاسم ، فقد خالف أصله ، وقيل : إنما قال هذا ; لأن العبد مع سيده بخلاف غيره ; لأن الذمتين كشيء واحد ، وقيل : المسألة على أصله ولعل السيد فلس أو مات ، ويخاف المحاصة ، وذكره إعتاق العبد على أن الذي عليه مائة فتلزمه وإن كره في العتق الثاني خلافه ، ذكرها بعد إجبار العبد على الكفالة تنبيها على الخلاف ، وأن مذهب سحنون ابن القاسم في المسألة مخالف لمالك ، وأنه يأتي على قول مالك إلزام الإجبار ، وهو قول عبد الملك وروي عن ابن القاسم وقيل : بل أشار للفرق بين العتق والحمالة لحرمة العتق ، وأن ما أدخل فيه العبد من المائة انتفع بعوضها من تعجيل العتق ، ولا منفعة له في إلزام الكفالة ، وفي النكت : إذا طالب السيد ببيع العبد فلم يف بالدين له مطالبة العبد بما بقي له ، كالحر إذا تحمل ولم يف مال المطلوب له مطالبة الكفيل بما بقي ، قال : وقول الغير لا يطالب العبد إلا بما عجز عنه مال السيد كيف يباع ولا يعرف ما بقي في ذمته ; لأنه من جملة مال السيد فلا يتجه إلا على التبعيض في المزايدة ، مثل أن يكون الدين مائة فيقال : من يشتريه بخمسين على أن يبقى عليه أربعون ، هكذا حتى تقف على ثمن معلوم قال : واعلم أن ما يؤخذ من ثمن العبد يسقط من ذمته ، فإن كان على سيده أيضا دين فما أخذ من ثمنه لأجل الدين فيه نصيب فما حصل لهم منه باق في ذمة العبد في هذا عامرة بما عجز عنه ثمنه ، وبما أخذ أهل الدين : مثاله على السيد مائة وتحمل العبد عنه بمائة ، فيقال : من يشتريه بمائة على أن تبقى في [ ص: 196 ] ذمته خمسون ؟ فيقول آخر : آخذه بمائة وعشرين على أن يبقى في ذمته أربعون ; لأن العشرين التي زادنا بين الغرماء نصفين ، فيسقط من ذمة العبد نصفها على هذا الترتيب ، قال التونسي : قوله يحلف العبد فإن نكل حلف السيد مع الشاهد ; لأنه أمر يدفعه عن نفسه بشاهد قام له ، وأما الوكيل الحر فإن كان عديما حلف الموكل ليبرئ من الغرم أيضا ، ومتى أيسر الوكيل حلف صاحب الدين ورجع على الوكيل وبرئ وغرم الوكيل الذي وكله ، وإذا تحمل العبد لسيده فأفلس ، بيع العبد إن طلب صاحب الدين دينه من السيد فإن رضي ببيع العبد كان ذلك في ذمة العبد ، وانظر إلى قوله : إن الطالب يخير بين السيد إذا فلس وبين العبد ، فإنه قد ترك السيد واتبع ذمة العبد فهو نحو قول مالك في الإكراه على الحمالة أو على أن يجعل في ذمته بعد العتق شيئا ; لأن للعبد أن يقول : إنما أنا حميل بما عجز عنه مال السيد ، فإذا ألزمت مع وجود ماله فهو إكراه على الحمالة ، وفي الموازية : لو ليس لصاحب الحق المطالبة حتى يحل الأجل ; لأن العبد لو مات وفلس قبل الأجل لم يحل الأجل على الحميل ، فكيف انتزاع ماله ؟ قال تحمل السيد عن عبده ثم باعه وكان منتزع المال بالبيع اللخمي : أجاز عبد الملك : المأذون ; لأنه يتألف بها في التجارة فيفعل معه كذلك ، قال : وهو أحسن فيما يراد به التأليف ، فإن كان المكفول موسرا جازت وإن كثر المكفول ، أو فقيرا امتنعت إلا في القين ، وكفالة المكاتب فيما يخشى منه التعجيز تجري على الخلاف في تعجيزه لنفسه مع وجود القدرة ، قال : وفي قولان : إذا كان فقيرا قال : وينبغي إذا قال المكفول له : إن وجدت شيئا أخذته وإلا لم أحبسه لا يمتنع ، وإذا عتق اتبع كالذي يقول : أنت حر على أن عليك مائة ، وليس كالذي يقول : أنت حر وعليك ; لأنه في الحمالة أوجب عليه المال قبل العتق ، وإذا قال : وعليك أوجب عليه بعد العتق . جبر العبد على الكفالة