الركن الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=16737الواجب فيه . وهو الأموال ; لأنها متعلق الأغراض . فما لا مالية له لا حرمة له ، فلا يوجب الشرع اختصاصه بأحد ، فلا يتصور الغصب ، وعدم المالية إما شرعا فقط ، كالخنزير للحقارة الشرعية ، أو الآدمي الحر المشرف من الأعيان ، أو من المنافع كوطث البهائم للحقارة الشرعية ، أو الأثمان للسرف ، وإما شرعا وعادة كالقمل والبعوض من الأعيان ، والاستظلال والاستصباح من المنافع .
وهاهنا أمور مترددة بين المالية وعدمها ، اختلف العلماء فيها ، فأذكرها ، وهي ثمانية فروع :
الفرع الأول : في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10750غصب مسلم من مسلم خمرا فخللها فلربها أخذها لأنها حلت ، وليس للغاصب فيها ملك ولا صنيع يحتج به ، بخلاف الصبغ أو جلد ميتة غير مدبوغ ، ضمنه ، كما لا يباع كلب ماشية ، أو زرع ، أو ضرع ، وعلى قاتله قيمته ، قال
ابن يونس : قال
أشهب : لو
nindex.php?page=treesubj&link=10751كانت الخمر المتقدم ذكرها لذمي يخير في أخذها خلا أو قيمتها خمرا يوم الغصب ; لأنه يقر على ملكه الخمر ، والمعاوضة عليها من ذمي ، ونظر
أشهب أيضا بالزرع الذي لم يبد صلاحه ، وبئر الماشية التي لا يجوز بيعها إذا اغتصبها فسقى بها زرعه فعليه قيمة ما سقى منها ، قال مالك : ويغرم قيمة الزرع على ما يرجى من تمامه ، ويخاف أن لو كان يحل بيعه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل :
nindex.php?page=treesubj&link=10750يرد الخمر إذا تخللت للمسلم كما قلناه ، قال : ويرد الكلب المباح ، ولا يضمن جلد الميتة .
[ ص: 276 ] لنا : قضاؤه - عليه السلام - بالغرة في الجنين مع امتناع بيعه ، وهو أصل تضمين ما يمتنع بيعه ; حيث ضمن ، وعن
مالك : لا شيء في جلد الميتة غير المدبوغ قياسا على غير المتمول حيث كان ، قال
إسماعيل ، إلا أن يكون لمجوسي ; لأنه عندهم يؤكل فهو كخمر الذمي ، قال
اللخمي عن
ابن القاسم : لا شيء في غير المدبوغ ، وإن دبغ فقيمة ما فيه من الدباغ ، قال
اللخمي : إن دبغ فقيمة جميعه . وقد قال
مالك : مرة يجوز بيعه ، وليس كل ما يثبت له ضمان المتعدي جاز بيعه ، ويختلف في جلود السباع قبل الدباغ وبعده إذا ذكيت ، قال
مالك ،
وابن القاسم : هي مذكاة ، ويجوز بيعها ، فعلى هذا يغرم الغاصب قيمتها ، وعلى قول : هي كجلود الميتة قبل الدباغ ، وإن أخذه من صاحبه حيا فعليه قيمة جلده على قول مالك ، خلافا
لابن حبيب في عدم اعتباره .
ويختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=10748صفة تقويم الكلب المباح الاتخاذ ، فمن أجاز بيعه قوم على ذلك ، ومن منع رده إلى أحكام جلد الميتة للانتفاع لا للبيع ، ولا شيء في كلب الدار ; لأمر النبي بقتلها ، وإذا عاد الزرع أو الثمر اللذان لم يبد صلاحهما لقيمتهما بعد الحكم لم ينقض ، فإن عادا قبل الحكم فعن
مالك : تسقط القيمة إن لم يكن فيه منفعة ، وإن كانت فيه منفعة قوم على غير الرجاء والخوف ، وقال
أصبغ : على الرجاء والخوف ، قال : وأرى أن يرجع إلى ما يكشف عنه من الغيب حكم أم لا ، فإن تراخى الحكم وسلم زرع ذلك الموضع ، فقيمته على السلامة إن كان لا يسقى ، وإلا حط ما ينوب أجرة السقي ، وإن هلك زرع ذلك الموضع أو
[ ص: 277 ] تمرهم ، فالقيمة على غير الرجاء إلا أن يكون غيره بعدما انتقل وزاد ، فالقيمة على ما انتقل إليه .
الفرع الثاني : إن
nindex.php?page=treesubj&link=10749غصب عصيرا فصار خمرا ، كسرت عليه وغرم مثل العصير ، فإن صار العصير خلا خير بين أخذه أو مثل العصير لفواته بالتغير ، وفي ثمانية أبي زيد : إن كسر العصير وقد دخله عرق خل ولم يخلل ، فالقيمة على الرجاء والخوف ، كالثمرة .
الفرع الثالث : قال : قال
مالك : إن
nindex.php?page=treesubj&link=10707_23652_23651غصب حرا فباعه ، ثم تاب يطلبه فإن أيس منه ، ودى ديته إلى أهله .
الفرع الرابع : قال : قال
ابن القاسم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10713ماتت أم الولد عند غاصبها غرم قيمتها لسيدها قيمة أم ولد لا عتق فيها ، قياسا على تضمين الجنين بالغرة ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون كالحرة ، ووافق المشهور ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، ووافق
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ( ح ) ، ووافق
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون إذا جنى عليها ، قاله في الجواهر : وقال المكاتب والمدبر كالقن ، ولم يحك فيهما خلافا لقوة شائبة الرق .
الفرع الخامس : في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10751غصب خمر الذمي فأتلفها فعليه قيمتها ، يقومها من يعرف القيمة من المسلمين . وقاله ( ح ) خلافا لـ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل في خمر الذمي
nindex.php?page=treesubj&link=10754وخنزيره ، ومنشأ الخلاف النظر إلى اعتقادهم ، ومقتضى عقد الذمة ، أو إلى شرعنا ، لنا : أن
عمر - رضي الله عنه - كتب إليه عماله يسألونه عن الذمي يمر بالعاشر ومعه خمر ، فكتب إليهم : يبيعوها وخذوا منهم العشر من أثمانها ، ولم يخالفه أحد ، نقله
أبو عبيد في كتاب الأموال ، وهو يدل على
[ ص: 278 ] أنها من مالهم من ثلاثة أوجه : أحدها : أن أمر الإمام العادل بالبيع يدل على أن المبيع متمول ، وثانيها : إيجاب العشر في ثمنها ولا يجب إلا في متمول ، وثالثها : تسمية ما يقابلها ثمنا ، وهو لا يكون إلا في بيع صحيح عند الإطلاق ، ولا يصح البيع إلا في متمول ، وبالقياس على سائر أشريتهم وأموالهم ; لأن القضاء عليهم باعتقادهم لا باعتقاد القاضي أنه يوجب عليهم الحد فيها ويقضي لهم بثمنها إذا باعها من ذمي ، ويقرهم على مسها وشربها وجعلها صداقا ، وسائر التصرفات فيها ، وكذلك نقرهم على أنكحتهم الفاسدة عندنا ، فكذلك كونها مالا ومضمونة ; ولأن عقد الذمة وقع على إقرارهم على شربها ، والتصرف فيها بسقوط تضمينها نقضا لأمانهم وحملا للناس على إراقتها ، أو نقول : إن الخمر غير محرمة عليهم فتكون متمولة ، أما عدم تحريمها : فلأن الخمر كانت مباحة في صدر الإسلام ، ثم نزل قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر " - إلى قوله تعالى - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة " فخصص بخطاب التحريم المؤمنين ، ولأنهم ليسوا من أهل الصلاة ، ولا عجب في استثناء بعض الأحكام عنهم بدليل سقوط الضمان والأداء عنهم ; ولأن أهل الذمة عصمت دماؤهم عن السفك . وأعراضهم عن الثلم ، وأموالهم عن النهب ، وأزواجهم عن الوطء ، مع وجود سبب عدم ذلك في الجميع وهو الكفر ، فكذلك الخمر لا تمنع مفسدة الإسكار تمولها وعصمتها . ويؤكده الإجماع على منع إراقتها ووجوب ردها مع بقاء عينها ، إنما الخلاف إذا تعدى فأتلفها ; ولأن الخمر يتعلق بها عندنا وجوب الحد ، وسقوط الضمان ، وقد خالف الذمي المسلم في
[ ص: 279 ] الحد ، فيخالفه في سقوط الضمان قياسا لأحدهما على الآخر ، احتجوا : بأن الإسلام أعظم من عقد الذمة ، والإسلام لم يجعلها مالا ، فعقد الذمة أولى ; ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349605إن الله سبحانه حرم الخمر وثمنه ، وحرم الخنزير وثمنه ، وحرم الكلب وثمنه ) والقيمة بدل الثمن ، ومنع الأصل منع للفرع ، وقياسا على البول والدم والميتة ; ولأنه ساوى المسلم في عدم القطع في سرقتها منه فيساويه في عدم ضمانها له ; ولأنها لو كانت مالا معصوما لما أريقت إذا أظهروها قياسا على سائر الأموال ، ولأن اعتقاد الذمي تمولها كفر فلا يترك اعتقاد الإسلام لاعتقاد الكفر ، ويدل على ذلك : أنهم يعتقدون العبد المرتد مالا ، ولا يضمن بالإتلاف المسلم للذمي ولا ذمي لمسلم ، ويعتقدون المصحف والشحوم ليس بمال ، ونضمنها لهم ويضمنونها لنا ، فلو ضمنا المسلم لضمن بالمثل ، ولما لم يضمنها بالمثل لم تكن مضمونة . والجواب عن الأول : أن عظم الإسلام أوجب له الكمال ، فلا تقر معه مفسدة ، وعقد الذمة لنقصه تثبت معه المفاسد بدليل ثبوت الكفر وغيره ، وعن الثاني : القول بالموجب ، فإن الثمن في الشرع ما نشأ عن العقد وهو محرم ، والقيمة ما نشأ عن الإتلاف ، وهي التي أوجبناها دون الثمن ، فلم يتناول الحديث صورة النزاع ; لأن قيمة أم الولد حلال ، وثمنها حرام ، والقيمة في قتل الصيد على المحرم حلال ، وثمنه حرام ، ومهر المجوسية حرام ، ومهر بضعها بالإتلاف حلال . وعن الثالث : أن البول غير متمول لهم ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=10755الميتة nindex.php?page=treesubj&link=10756والدم فمنع بالحكم فيهما ، بل يضمنان لأنهما مال لهم ، ويأكلونهما ، ولو عدوا أيضا البول مالا ، قال أصحابنا : نضمنه أيضا ، وعن الرابع : الفرق أن المسلم لا يعدها مالا بخلافه ; ولأنه خالفه في التمكن من الشرب والتصرف فيخالفه في الضمان ، وعن الخامس : لو كانت لهم قافلة فيها خمر فمر بها قطاع الطريق
[ ص: 280 ] وجب على الإمام حمايتهم والذب عنهم ، فدل على أنها كأنفسهم معصومة . وعن السادس : انتقاضه بالحد ; ولأن اعتقادهم التثليث والصاحبة والولد كفر ، وقد نزل اعتقاد الإسلام وأقررناهم على اعتقادهم ، وأما العبد المرتد : فلأنه لا يقر على دينه ، ولأنه أباح دم نفسه بالردة فهو كما لو أباحنا الذمي ماله أو خمره ، فإنه لا يضمن ، وأما المصحف فهم يعدونه مالا كلاما حسنا فصيحا ، يستحسنونه ويعلمونه أولادهم كالشعر الحسن ، ثم المصحف والشحوم حجة عليكم ، لأنا غلبنا في التضمين قول من يعتقدهما مالا فليكن الخمر مثله ، وعن السابع : أنها حرام على المسلم فلا يمكن أن يملك المثل حتى يبذله للذمي ، كما لو قتله بآلة اللواط فإن القصاص بالمثل ، ومع ذلك فنعدل إلى غيرها ، فهو مما عدل فيه عن المثل إلى القيمة للضرورة ، كالصبرة إذا جهل كيلها فإنها تضمن بالقيمة .
تفريع : قال في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=26215يقضى بين أهل الذمة في غصب الخمر وإفسادها ، ولا يقضى بينهم في تظالمهم في الربا ، وترك الحكم أحب إلي ; لقول الله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " ، في التنبيهات : وقع في بعض الروايات : يقومها أهل دينهم ، وعلى الأول اختصر المختصرون ، واختلف في تعميم قوله : ترك الحكم أحب إلي ، هل يختص بالربا أو يعم ؟ ومراده إذا طلبوا الحكم بينهم بغير حكم الإسلام ، أما حكم الإسلام فلا نكرهه ، وقيل : نكرهه ; لأن حكم الإسلام في حقهم غير متوجه كحكم الطلاق مثلا ، وفي التلقين اختلف في ضمان خمر الذمي وخنزيره .
الرُّكْنُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=16737الْوَاجِبُ فِيهِ . وَهُوَ الْأَمْوَالُ ; لِأَنَّهَا مُتَعَلَّقُ الْأَغْرَاضِ . فَمَا لَا مَالِيَّةَ لَهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ ، فَلَا يُوجِبُ الشَّرْعُ اخْتِصَاصَهُ بِأَحَدٍ ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْغَصْبُ ، وَعَدَمُ الْمَالِيَّةِ إِمَّا شَرْعًا فَقَطْ ، كَالْخِنْزِيرِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، أَوِ الْآدَمِيِّ الْحُرِّ الْمُشْرِفِ مِنَ الْأَعْيَانِ ، أَوْ مِنَ الْمَنَافِعِ كَوَطْثِ الْبَهَائِمِ لِلْحَقَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، أَوِ الْأَثْمَانِ لِلسَّرَفِ ، وَإِمَّا شَرْعًا وَعَادَةً كَالْقَمْلِ وَالْبَعُوضِ مِنَ الْأَعْيَانِ ، وَالِاسْتِظْلَالُ وَالِاسْتِصْبَاحُ مِنَ الْمَنَافِعِ .
وَهَاهُنَا أُمُورٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدِمِهَا ، اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا ، فَأَذْكُرُهَا ، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ فُرُوعٍ :
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ : فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10750غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا لِأَنَّهَا حَلَّتْ ، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِيهَا مِلْكٌ وَلَا صَنِيعٌ يَحْتَجُّ بِهِ ، بِخِلَافِ الصَّبْغِ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ ، ضَمِنَهُ ، كَمَا لَا يُبَاعُ كَلْبُ مَاشِيَةٍ ، أَوْ زَرْعٌ ، أَوْ ضَرْعٌ ، وَعَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
أَشْهَبُ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10751كَانَتِ الْخَمْرُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا لِذِمِّيٍّ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا خَلًّا أَوْ قِيمَتِهَا خَمْرًا يَوْمَ الْغَصْبِ ; لِأَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مِلْكِهِ الْخَمْرَ ، وَالْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهَا مِنْ ذَمِّيٍّ ، وَنَظَرَ
أَشْهَبُ أَيْضًا بِالزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ، وَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إِذَا اغْتَصَبَهَا فَسَقَى بِهَا زَرْعَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا سَقَى مِنْهَا ، قَالَ مَالِكٌ : وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الزَّرْعِ عَلَى مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ ، وَيُخَافُ أَنْ لَوْ كَانَ يَحُلُّ بَيْعُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=10750يُرَدُّ الْخَمْرُ إِذَا تَخَلَّلَتْ لِلْمُسْلِمِ كَمَا قُلْنَاهُ ، قَالَ : وَيُرَدُّ الْكَلْبُ الْمُبَاحُ ، وَلَا يَضْمَنُ جِلْدَ الْمَيْتَةِ .
[ ص: 276 ] لَنَا : قَضَاؤُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ امْتِنَاعِ بَيْعِهِ ، وَهُوَ أَصْلُ تَضْمِينِ مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ ; حَيْثُ ضُمِنَ ، وَعَنْ
مَالِكٍ : لَا شَيْءَ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ غَيْرِ الْمَدْبُوغِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ حَيْثُ كَانَ ، قَالَ
إِسْمَاعِيلُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجُوسِيٍّ ; لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ يُؤْكَلُ فَهُوَ كَخَمْرِ الذِّمِّيِّ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ عَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ : لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ ، وَإِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الدِّبَاغِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِنْ دُبِغَ فَقِيمَةُ جَمِيعِهِ . وَقَدْ قَالَ
مَالِكٌ : مَرَّةً يَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَثْبُتُ لَهُ ضَمَانُ الْمُتَعَدِّي جَازَ بَيْعُهُ ، وَيُخْتَلَفُ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ إِذَا ذُكِّيَتْ ، قَالَ
مَالِكٌ ،
وَابْنُ الْقَاسِمِ : هِيَ مُذَكَّاةٌ ، وَيَجُوزُ بَيْعُهَا ، فَعَلَى هَذَا يَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا ، وَعَلَى قَوْلٍ : هِيَ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ جِلْدِهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ ، خِلَافًا
لِابْنِ حَبِيبٍ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ .
وَيُخْتَلَفُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10748صِفَةِ تَقْوِيمِ الْكَلْبِ الْمُبَاحِ الِاتِّخَاذِ ، فَمَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ قَوَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، وَمَنْ مَنَعَ رَدَّهُ إِلَى أَحْكَامِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ لِلِانْتِفَاعِ لَا لِلْبَيْعِ ، وَلَا شَيْءَ فِي كَلْبِ الدَّارِ ; لِأَمْرِ النَّبِيِّ بِقَتْلِهَا ، وَإِذَا عَادَ الزَّرْعُ أَوِ الثَّمَرُ اللَّذَانِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا لِقِيمَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ ، فَإِنْ عَادَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَعَنْ
مَالِكٍ : تَسْقُطُ الْقِيمَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةُ قَوْمٍ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ، قَالَ : وَأَرَى أَنْ يُرْجَعَ إِلَى مَا يُكْشَفُ عَنْهُ مِنَ الْغَيْبِ حُكِمَ أَمْ لَا ، فَإِنْ تَرَاخَى الْحُكْمُ وَسَلَّمَ زَرْعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، فَقِيمَتُهُ عَلَى السَّلَامَةِ إِنْ كَانَ لَا يُسْقَى ، وَإِلَّا حَطَّ مَا يَنُوبُ أُجْرَةَ السَّقْيِ ، وَإِنْ هَلَكَ زَرْعُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ
[ ص: 277 ] تَمْرُهُمْ ، فَالْقِيمَةُ عَلَى غَيْرِ الرَّجَاءِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ بَعْدَمَا انْتَقَلَ وَزَادَ ، فَالْقِيمَةُ عَلَى مَا انْتَقَلَ إِلَيْهِ .
الْفَرْعُ الثَّانِي : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10749غَصَبَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا ، كُسِرَتْ عَلَيْهِ وَغَرِمَ مِثْلَ الْعَصِيرِ ، فَإِنْ صَارَ الْعَصِيرُ خَلًّا خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِفَوَاتِهِ بِالتَّغَيُّرِ ، وَفِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ : إِنْ كَسَرَ الْعَصِيرَ وَقَدْ دَخَلَهُ عِرْقُ خَلٍّ وَلَمْ يُخَلَّلْ ، فَالْقِيمَةُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ، كَالثَّمَرَةِ .
الْفَرْعُ الثَّالِثُ : قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10707_23652_23651غَصَبَ حُرًّا فَبَاعَهُ ، ثُمَّ تَابَ يَطْلُبُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ ، وَدَى دِيَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ .
الْفَرْعُ الرَّابِعُ : قَالَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10713مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عِنْدَ غَاصِبِهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا لِسَيِّدِهَا قِيمَةَ أُمِّ وَلَدٍ لَا عِتْقَ فِيهَا ، قِيَاسًا عَلَى تَضْمِينِ الْجَنِينِ بِالْغُرَّةِ ، وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ كَالْحُرَّةِ ، وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَوَافَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونَ ( ح ) ، وَوَافَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونَ إِذَا جَنَى عَلَيْهَا ، قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ : وَقَالَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ كَالْقِنِّ ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِمَا خِلَافًا لِقُوَّةِ شَائِبَةِ الرِّقِّ .
الْفَرْعُ الْخَامِسُ : فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10751غَصَبَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ فَأَتْلَفَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا ، يُقَوِّمُهَا مَنْ يَعْرِفُ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَقَالَهُ ( ح ) خِلَافًا لِـ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنِ حَنْبَلٍ فِي خَمْرِ الذِّمِّيِّ
nindex.php?page=treesubj&link=10754وَخِنْزِيرِهِ ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إِلَى اعْتِقَادِهِمْ ، وَمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ ، أَوْ إِلَى شَرْعِنَا ، لَنَا : أَنَّ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَّالُهُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الذِّمِّيِّ يَمُرُّ بِالْعَاشِرِ وَمَعَهُ خَمْرٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ : يَبِيعُوهَا وَخُذُوا مِنْهُمُ الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ ، نَقَلَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى
[ ص: 278 ] أَنَّهَا مِنْ مَالِهِمْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ بِالْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَمَوَّلٌ ، وَثَانِيهَا : إِيجَابُ الْعُشْرِ فِي ثَمَنِهَا وَلَا يَجِبُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ ، وَثَالِثُهَا : تَسْمِيَةُ مَا يُقَابِلُهَا ثَمَنًا ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ أَشْرِيَتِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ; لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَيْهِمْ بِاعْتِقَادِهِمْ لَا بِاعْتِقَادِ الْقَاضِي أَنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِمُ الْحَدَّ فِيهَا وَيَقْضِي لَهُمْ بِثَمَنِهَا إِذَا بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ ، وَيُقِرُّهُمْ عَلَى مَسِّهَا وَشُرْبِهَا وَجَعْلِهَا صَدَاقًا ، وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا ، وَكَذَلِكَ نُقِرُّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ عِنْدَنَا ، فَكَذَلِكَ كَوْنُهَا مَالًا وَمَضْمُونَةً ; وَلِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَقَعَ عَلَى إِقْرَارِهِمْ عَلَى شُرْبِهَا ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِسُقُوطِ تَضْمِينِهَا نَقْضًا لِأَمَانِهِمْ وَحَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى إِرَاقَتِهَا ، أَوْ نَقُولُ : إِنَّ الْخَمْرَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ مُتَمَوَّلَةً ، أَمَّا عَدَمُ تَحْرِيمِهَا : فَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " - إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى - : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=91وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ " فَخَصَّصَ بِخِطَابِ التَّحْرِيمِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ ، وَلَا عَجَبَ فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَنْهُمْ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ عَنْهُمْ ; وَلِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عُصِمَتْ دِمَاؤُهُمْ عَنِ السَّفْكِ . وَأَعْرَاضُهُمْ عَنِ الثَّلْمِ ، وَأَمْوَالُهُمْ عَنِ النَّهْبِ ، وَأَزْوَاجُهُمْ عَنِ الْوَطْءِ ، مَعَ وُجُودِ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْكُفْرُ ، فَكَذَلِكَ الْخَمْرُ لَا تَمْنَعُ مَفْسَدَةُ الْإِسْكَارِ تَمَوُّلَهَا وَعِصْمَتَهَا . وَيُؤَكِّدُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ إِرَاقَتِهَا وَوُجُوبِ رَدِّهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا ، إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا تَعَدَّى فَأَتْلَفَهَا ; وَلِأَنَّ الْخَمْرَ يَتَعَلَّقُ بِهَا عِنْدَنَا وُجُوبُ الْحَدِّ ، وَسُقُوطُ الضَّمَانِ ، وَقَدْ خَالَفَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ فِي
[ ص: 279 ] الْحَدِّ ، فَيُخَالِفُهُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، احْتَجُّوا : بِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ ، وَالْإِسْلَامُ لَمْ يَجْعَلْهَا مَالًا ، فَعَقْدُ الذِّمَّةِ أَوْلَى ; وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349605إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهُ ، وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ ، وَحَرَّمَ الْكَلْبَ وَثَمَنَهُ ) وَالْقِيمَةُ بَدَلَ الثَّمَنِ ، وَمَنْعُ الْأَصْلِ مَنْعٌ لِلْفَرْعِ ، وَقِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ ; وَلِأَنَّهُ سَاوَى الْمُسْلِمَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَتِهَا مِنْهُ فَيُسَاوِيهِ فِي عَدَمِ ضَمَانِهَا لَهُ ; وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَالًا مَعْصُومًا لَمَا أُرِيقَتْ إِذَا أَظْهَرُوهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَمْوَالِ ، وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الذِّمِّيِّ تَمَوُّلَهَا كُفْرٌ فَلَا يُتْرَكُ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ لِاعْتِقَادِ الْكُفْرِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ مَالًا ، وَلَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ الْمُسْلِمُ لِلذِّمِّيِّ وَلَا ذِمِّيٌّ لِمُسْلِمٍ ، وَيَعْتَقِدُونَ الْمُصْحَفَ وَالشُّحُومَ لَيْسَ بِمَالٍ ، وَنَضْمَنُهَا لَهُمْ وَيَضْمَنُونَهَا لَنَا ، فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمُسْلِمَ لَضَمِنَ بِالْمِثْلِ ، وَلَمَّا لَمْ يَضْمَنْهَا بِالْمِثْلِ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً . وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ عِظَمَ الْإِسْلَامِ أَوْجَبَ لَهُ الْكَمَالَ ، فَلَا تُقَرُّ مَعَهُ مَفْسَدَةٌ ، وَعَقْدُ الذِّمَّةِ لِنَقْصِهِ تَثْبُتُ مَعَهُ الْمَفَاسِدُ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ ، وَعَنِ الثَّانِي : الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ ، فَإِنَّ الثَّمَنَ فِي الشَّرْعِ مَا نَشَأَ عَنِ الْعَقْدِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ ، وَالْقِيمَةُ مَا نَشَأَ عَنِ الْإِتْلَافِ ، وَهِيَ الَّتِي أَوْجَبْنَاهَا دُونَ الثَّمَنِ ، فَلَمْ يَتَنَاوَلِ الْحَدِيثُ صُورَةَ النِّزَاعِ ; لِأَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ حَلَالٌ ، وَثَمَنُهَا حَرَامٌ ، وَالْقِيمَةُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ حَلَالٌ ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ ، وَمَهْرُ الْمَجُوسِيَّةِ حَرَامٌ ، وَمَهْرُ بُضْعِهَا بِالْإِتْلَافِ حَلَالٌ . وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ الْبَوْلَ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ لَهُمْ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=10755الْمَيْتَةُ nindex.php?page=treesubj&link=10756وَالدَّمُ فَمُنِعَ بِالْحُكْمِ فِيهِمَا ، بَلْ يُضْمَنَانِ لِأَنَّهُمَا مَالٌ لَهُمْ ، وَيَأْكُلُونَهُمَا ، وَلَوْ عَدُّوا أَيْضًا الْبَوْلَ مَالًا ، قَالَ أَصْحَابُنَا : نَضْمَنُهُ أَيْضًا ، وَعَنِ الرَّابِعِ : الْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَعُدُّهَا مَالًا بِخِلَافِهِ ; وَلِأَنَّهُ خَالَفَهُ فِي التَّمَكُّنِ مِنَ الشُّرْبِ وَالتَّصَرُّفِ فَيُخَالِفُهُ فِي الضَّمَانِ ، وَعَنِ الْخَامِسِ : لَوْ كَانَتْ لَهُمْ قَافِلَةٌ فِيهَا خَمْرٌ فَمَرَّ بِهَا قُطَّاعُ الطَّرِيقِ
[ ص: 280 ] وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ حِمَايَتُهُمْ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَأَنْفُسِهِمْ مَعْصُومَةٌ . وَعَنِ السَّادِسِ : انْتِقَاضُهُ بِالْحَدِّ ; وَلِأَنَّ اعْتِقَادَهُمُ التَّثْلِيثَ وَالصَّاحِبَةَ وَالْوَلَدَ كُفْرٌ ، وَقَدْ نَزَلَ اعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ وَأَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ : فَلِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ ، وَلِأَنَّهُ أَبَاحَ دَمَ نَفْسِهِ بِالرِّدَّةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَبَاحَنَا الذِّمِّيُّ مَالَهُ أَوْ خَمْرَهُ ، فَإِنَّهُ لَا يُضْمَنُ ، وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَهُمْ يَعُدُّونَهُ مَالًا كَلَامًا حَسَنًا فَصِيحًا ، يَسْتَحْسِنُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ أَوْلَادَهُمْ كَالشِّعْرِ الْحَسَنِ ، ثُمَّ الْمُصْحَفُ وَالشُّحُومُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ ، لِأَنَّا غَلَّبْنَا فِي التَّضْمِينِ قَوْلَ مَنْ يَعْتَقِدُهُمَا مَالًا فَلْيَكُنِ الْخَمْرُ مِثْلَهُ ، وَعَنِ السَّابِعِ : أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ الْمِثْلَ حَتَّى يَبْذُلَهُ لِلذِّمِّيِّ ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِآلَةِ اللِّوَاطِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ بِالْمِثْلِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَنَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهَا ، فَهُوَ مِمَّا عُدِلَ فِيهِ عَنِ الْمِثْلِ إِلَى الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ ، كَالصَّبْرَةِ إِذَا جُهِلَ كَيْلُهَا فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ .
تَفْرِيعٌ : قَالَ فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=26215يُقْضَى بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي غَصْبِ الْخَمْرِ وَإِفَسَادِهَا ، وَلَا يُقْضَى بَيْنَهُمْ فِي تَظَالُمِهِمْ فِي الرِّبَا ، وَتَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوِ أَعْرِضْ عَنْهُمْ " ، فِي التَّنْبِيهَاتِ : وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : يُقَوِّمُهَا أَهْلُ دِينِهِمْ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَ الْمُخْتَصِرُونَ ، وَاخْتُلِفَ فِي تَعْمِيمِ قَوْلِهِ : تَرْكُ الْحُكْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ ، هَلْ يَخْتَصُّ بِالرِّبَا أَوْ يَعُمُّ ؟ وَمُرَادُهُ إِذَا طَلَبُوا الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ ، أَمَّا حُكْمُ الْإِسْلَامِ فَلَا نَكْرَهُهُ ، وَقِيلَ : نَكْرَهُهُ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّهِمْ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ كَحُكْمِ الطَّلَاقِ مَثَلًا ، وَفِي التَّلْقِينِ اخْتُلِفَ فِي ضَمَانِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَخِنْزِيرِهِ .