[ ص: 75 ] كتاب الرهون
في التنبيهات :
nindex.php?page=treesubj&link=5567الرهن اللزوم ، وكل شيء ملزوم فهو رهن ، وهذا رهن أي محبوس دائم لك ، وكل شيء ثبت ، ودام فقد رهن . ويسمى آخذ الرهن مرتهنا - بكسر الهاء - وينطلق على الراهن ; لأنه سبيل الرهن .
قال
الجوهري : يجوز رهنته ، وأرهنته رهنا ، وجمعه رهان كحبل ، وحبال . ويقال : رهن - بضمها - جمعا لرهان مثل فراش ، وفرش . ورهن معناه دام ، وثبت ، والراهن الثابت ، والراهن المعزول من الإبل ، والناس ، وأرهنت في السلعة غاليت فيها ، وأرهنت فيها أي أسلفت فيها . وأصله قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ) وعلى جوازه في الحضر ما في الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349557nindex.php?page=treesubj&link=5570أنه عليه السلام اشترى طعاما بثمن إلى أجل ، ورهن فيه درعه ، وهو بالمدينة .
قال
اللخمي : الإجماع عليه سفرا وحضرا إلا
مجاهد منعه في الحضر بمفهوم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وإن كنتم على سفر ) فشرط السفر . وجوابه أنما خصص السفر لغلبة فقدان الكاتب الذي هو البينة فيه .
تنبيه : إنما رهن عند اليهودي حذرا من مسامحة المسلمين ، أو إبرائهم ، وهو يدل على جواز الشراء بالنسيئة ، وعلى جوازه في الديون ، وعلى جواز
nindex.php?page=treesubj&link=8733معاملة أهل الذمة ، وإن كانت أموالهم لا تخلو عن ثمن الخمور والربا . قال صاحب القبس : لم يصح إلا حديثان : هذا ، وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349558الرهن محلوب ، ومركوب ، ويركب بنفقته [ ص: 76 ] ويحلب بنفقته ، وآخر أرسله
مالك في الموطأ . قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349559لا يغلق الرهن . غير أن الفقهاء اتفقوا على الأخذ به ، وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني فيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349559لا يغلق الرهن ، الرهن من راهنه الذي رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه . ويعارض حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري المتقدم حيث جعله محلوبا ، ومركوبا بنفقته .
واتفق العلماء على أن منافع الراهن . وقال ( ح ) : هي عطل للحيلولة بين الراهن ، والرهن ، وعدم ملك المرتهن ، فلا تكون لواحد منهما . ويرد عليه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " له غنمه " الحديث ، ونهيه عليه السلام عن إضاعة المال ، ولأن الراهن مالك إجماعا ، فهو أحق بمنافع ملكه . وقال ( ش ) : يستوفيهما الراهن عند نفسه . وقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349560يركب بنفقتها ، ويحلب " يحمل على أنها كانت عادتهم ، أو برضا المتراهنين ، ومعنى " لا يغلق الرهن " لا يذهب هدرا لقول الشاعر ، وهو
زهير :
وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
أي ذهب بغير جبر ، وفي ذلك أحوال :
أحدها : تفسير
مالك هذا .
وثانيها : يهلك عند المرتهن ، فهل يضمن بقيمته ؟ قاله ( ح ) ، أو لا ؟ قاله ( ش ) ، أو يفرق بين ما يغيب عليه ، وغيره . قاله
مالك . قال صاحب الاستذكار : مرسل الموطأ متصل من طرق ثابتة ، وروايته بضم القاف على الخبر ، أي : لا يذهب باطلا ، فيقول : إن لم آتك بالدين فالرهن لك . وقال
أبو عبيدة : لا تجيز العرب : غلق ضاع ، بل إذا استحقه المرتهن ، فذهب به ، وهو قول
مالك ، وجماهير العلماء . قال
الخطابي : قال
أحمد : للمرتهن حلب الرهن ، وركوبه بقدر النفقة لظاهر الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إن لم ينفق المرتهن ، فكذلك ، وإلا فلا لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349561وعلى الذي يركب ، ويحلب نفقته . وقال ( ش ) : المنافع
[ ص: 77 ] للراهن اتفق أم لا ، ومعنى الحديث أن
nindex.php?page=treesubj&link=5589عارية الرهن لا تبطل الرهن لصحته أولا ، وهو يدل على أن دوام القبض ليس شرطا .
فائدة : قال
الجوهري : يغلق الرهن - بفتح اللام - في المستقبل ، وكسرها في الماضي . وغلقا بفتح اللام في المصدر . قال
الخطابي : أي لا ينغلق ، ويعقد حتى لا يقبل الفك ، بل متى أدى الحق انفك بخلاف المبيع لا يرجع أصلا .
تنبيه : يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=5571الرهن ، ولا يجب خلافا للظاهرية لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) ولأنه جعله بدل الشهادة ، وهي لا تجب ، فلا يجب .
[ ص: 75 ] كِتَابُ الرُّهُونِ
فِي التَّنْبِيهَاتِ :
nindex.php?page=treesubj&link=5567الرَّهْنُ اللُّزُومُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ مَلْزُومٌ فَهُوَ رَهْنٌ ، وَهَذَا رَهْنٌ أَيْ مَحْبُوسٌ دَائِمٌ لَكَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ ، وَدَامَ فَقَدْ رُهِنَ . وَيُسَمَّى آخِذُ الرَّهْنِ مُرْتَهِنًا - بِكَسْرِ الْهَاءِ - وَيَنْطَلِقُ عَلَى الرَّاهِنِ ; لِأَنَّهُ سَبِيلُ الرَّهْنِ .
قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : يَجُوزُ رَهَنْتُهُ ، وَأَرْهَنْتُهُ رَهْنًا ، وَجَمْعُهُ رِهَانٌ كَحَبْلٍ ، وَحِبَالٍ . وَيُقَالُ : رُهُنٌ - بِضَمِّهَا - جَمْعًا لِرِهَانٍ مِثْلَ فِرَاشٍ ، وَفُرُشٍ . وَرَهَنَ مَعْنَاهُ دَامَ ، وَثَبَتَ ، وَالرَّاهِنُ الثَّابِتُ ، وَالرَّاهِنُ الْمَعْزُولُ مِنَ الْإِبِلِ ، وَالنَّاسِ ، وَأَرْهَنْتُ فِي السِّلْعَةِ غَالَيْتُ فِيهَا ، وَأَرْهَنْتُ فِيهَا أَيْ أَسْلَفْتُ فِيهَا . وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ) وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349557nindex.php?page=treesubj&link=5570أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اشْتَرَى طَعَامًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَرَهَنَ فِيهِ دِرْعَهُ ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ .
قَالَ
اللَّخْمِيُّ : الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا إِلَّا
مُجَاهِدٌ مَنَعَهُ فِي الْحَضَرِ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ ) فَشَرَطَ السَّفَرَ . وَجَوَابُهُ أَنَّمَا خَصَّصَ السَّفَرَ لِغَلَبَةِ فِقْدَانِ الْكَاتِبِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ فِيهِ .
تَنْبِيهٌ : إِنَّمَا رَهَنَ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ حَذَرًا مِنْ مُسَامَحَةِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ إِبْرَائِهِمْ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ ، وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الدُّيُونِ ، وَعَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=8733مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ لَا تَخْلُو عَنْ ثَمَنِ الْخُمُورِ وَالرِّبَا . قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ : لَمْ يَصِحَّ إِلَّا حَدِيثَانِ : هَذَا ، وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349558الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ ، وَمَرْكُوبٌ ، وَيُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ [ ص: 76 ] وَيُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ ، وَآخَرُ أَرْسَلَهُ
مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ . قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349559لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ . غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى الْأَخْذِ بِهِ ، وَزَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349559لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ، الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِي رَهَنَهُ ، لَهُ غُنْمُهُ ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ . وَيُعَارِضُ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَحْلُوبًا ، وَمَرْكُوبًا بِنَفَقَتِهِ .
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّاهِنِ . وَقَالَ ( ح ) : هِيَ عُطْلٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الرَّاهِنِ ، وَالرَّهْنِ ، وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُرْتَهِنِ ، فَلَا تَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا . وَيَرِدُ عَلَيْهِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : " لَهُ غُنْمُهُ " الْحَدِيثَ ، وَنَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ ، وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ إِجْمَاعًا ، فَهُوَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِ مِلْكِهِ . وَقَالَ ( ش ) : يَسْتَوْفِيهِمَا الرَّاهِنُ عِنْدَ نَفْسِهِ . وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349560يَرْكَبُ بِنَفَقَتِهَا ، وَيَحْلِبُ " يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَادَتَهُمْ ، أَوْ بِرِضَا الْمُتَرَاهِنَيْنِ ، وَمَعْنَى " لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ " لَا يَذْهَبُ هَدَرًا لِقَوْلِ الشَّاعِرِ ، وَهُوَ
زُهَيْرٌ :
وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا
أَيْ ذَهَبَ بِغَيْرِ جَبْرٍ ، وَفِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ :
أَحَدُهَا : تَفْسِيرُ
مَالِكٍ هَذَا .
وَثَانِيهَا : يَهْلِكُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ، فَهَلْ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ ؟ قَالَهُ ( ح ) ، أَوْ لَا ؟ قَالَهُ ( ش ) ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يَغِيبُ عَلَيْهِ ، وَغَيْرِهِ . قَالَهُ
مَالِكٌ . قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ : مُرْسَلُ الْمُوَطَّأِ مُتَّصِلٌ مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ ، وَرِوَايَتُهُ بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى الْخَبَرِ ، أَيْ : لَا يَذْهَبُ بَاطِلًا ، فَيَقُولُ : إِنْ لَمْ آتِكَ بِالدَّيْنِ فَالرَّهْنُ لَكَ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : لَا تُجِيزُ الْعَرَبُ : غَلِقَ ضَاعَ ، بَلْ إِذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ ، فَذَهَبَ بِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ ، وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ . قَالَ
الْخَطَّابِيُّ : قَالَ
أَحْمَدُ : لِلْمُرْتَهِنِ حَلْبُ الرَّهْنِ ، وَرُكُوبُهُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبُو ثَوْرٍ : إِنْ لَمْ يُنْفِقِ الْمُرْتَهِنُ ، فَكَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349561وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ ، وَيَحْلِبُ نَفَقَتُهُ . وَقَالَ ( ش ) : الْمَنَافِعُ
[ ص: 77 ] لِلرَّاهِنِ اتَّفَقَ أَمْ لَا ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5589عَارِيَةَ الرَّهْنِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ لِصِحَّتِهِ أَوْلًا ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ شَرْطًا .
فَائِدَةٌ : قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : يَغْلَقُ الرَّهْنُ - بِفَتْحِ اللَّامِ - فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَكَسْرِهَا فِي الْمَاضِي . وَغَلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ فِي الْمَصْدَرِ . قَالَ
الْخَطَابِيُّ : أَيْ لَا يَنْغَلِقُ ، وَيَعْقِدُ حَتَّى لَا يَقْبَلَ الْفَكَّ ، بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ انْفَكَّ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا .
تَنْبِيهٌ : يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=5571الرَّهْنُ ، وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ) وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلَ الشَّهَادَةِ ، وَهِيَ لَا تَجِبُ ، فَلَا يَجِبُ .