الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 11 ] ( ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين ) ( بأربعين آية أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب ) . ويروى من أربعين إلى ستين ، ومن ستين إلى مائة ، وبكل ذلك ورد الأثر ، ووجه التوفيق أنه يقرأ بالراغبين مائة ، وبالكسالى أربعين ، وبالأوساط ما بين خمسين إلى ستين ، وقيل : ينظر إلى طول الليالي وقصرها ، وإلى كثرة الأشغال وقلتها . قال : ( وفي الظهر مثل ذلك ) لاستوائهما في سعة الوقت ، وقال في الأصل أو دونه ; لأنه وقت الاشتغال فينقص عنه تحرزا عن الملال .

                                                                                                        ( والعصر والعشاء سواء يقرأ فيهما بأوساط المفصل ، وفي المغرب دون ذلك يقرأ فيها بقصار المفصل ) والأصل فيه كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل ، وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل ، وفي المغرب بقصار المفصل ، ولأن مبنى المغرب على العجلة ، والتخفيف أليق بها ، والعصر والعشاء يستحب فيهما [ ص: 12 ] التأخير وقد يقعان بالتطويل في وقت غير مستحب ، فيوقت فيهما بالأوساط .

                                                                                                        [ ص: 11 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 11 ] قوله : ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين ، سوى فاتحة الكتاب ، ويروى من أربعين ، إلى ستين ، ومن ستين إلى مائة ، وبكل ذلك ورد الأثر ، قلت : روى مسلم في " صحيحه " من حديث جابر بن سمرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ب ق ونحوها }وأخرجا عن أبي برزة ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين الستين ، إلى المائة آية } ، وفي لفظ ابن حبان : { كان يقرأ بالستين ، إلى المائة } ، وأخرج عن ابن عمر ، قال : { إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤمنا في الفجر بالصافات }انتهى .

                                                                                                        وأخرج عن جابر بن سمرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة ونحوها من السور } ، ذكر ذلك كله في النوع الرابع والثلاثين ، من القسم الخامس . قوله : روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن اقرأ في الفجر والظهر : بطوال المفصل ، وفي العصر . والعشاء : بأوساط المفصل ، وفي المغرب : بقصار المفصل ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى عبد الرزاق في " مصنفه " ، أخبرنا [ ص: 12 ] سفيان الثوري عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن . وغيره ، قال : كتب عمر إلى أبي موسى : أن اقرأ في المغرب : بقصار المفصل ، وفي العشاء : بوسط المفصل ، وفي الصبح : بطوال المفصل . انتهى .

                                                                                                        وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا شريك عن علي بن زيد عن زرارة بن أبي أوفى ، قال : أقرأني أبو موسى كتاب عمر : أن اقرأ بالناس في المغرب : بآخر المفصل انتهى ، وروى البيهقي في " المعرفة " من طريق مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري : أن اقرأ في ركعتي الفجر : بسورتين طويلتين من المفصل ، مختصر .

                                                                                                        وقال الترمذي في " كتابه " في باب القراءة في الصبح " : وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : أن اقرأ في الصبح : بطوال المفصل ، ثم قال في الباب الذي يليه : وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل ، ثم قال في الباب الذي يليه : وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى : أن اقرأ في المغرب : بقصار المفصل انتهى .

                                                                                                        وفي الباب حديث مرفوع ، رواه النسائي . وابن ماجه في " سننهما " من حديث الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن { أبي هريرة ، قال : ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان ، قال سليمان : كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر ، ويخفف الأخريين ، ويخفف العصر ، وكان يقرأ في المغرب : بقصار المفصل ، وفي العشاء : بوسط المفصل ، وفي الغداة : بطوال المفصل }. انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الرابع والثلاثين ، من القسم الخامس ، عن ابن خزيمة بسنده ومتنه ، ورواه ابن سعد في " الطبقات " عن الضحاك بن عثمان عن شريك بن أبي نمر عن { أنس بن مالك ، قال : ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز ، قال الضحاك : [ ص: 13 ] وكنت أصلي خلفه ، فكان يطيل الأوليين من الظهر ، إلى آخره }




                                                                                                        الخدمات العلمية