الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( والخطأ على نوعين : خطأ في القصد ، وهو أن يرمي شخصا يظنه صيدا فإذا هو آدمي أو يظنه حربيا فإذا هو مسلم . وخطأ في الفعل ، وهو أن يرمي غرضا فيصيب آدميا ، وموجب ذلك الكفارة والدية على العاقلة ) : لقوله تعالى: { فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله }الآية ، وهي على عاقلته في ثلاث سنين لما بيناه . قال : ( ولا إثم فيه ) يعني في الوجهين ، قالوا المراد إثم القتل ، فأما في نفسه فلا يعرى عن الإثم من حيث ترك العزيمة والمبالغة في التثبت في حال الرمي ، إذ شرع الكفارة يؤذن باعتبار هذا المعنى ( ويحرم عن الميراث ) لأن فيه إثما فيصح تعليق الحرمان به ، بخلاف ما إذا تعمد الضرب موضعا من جسده فأخطأ فأصاب موضعا آخر فمات حيث يجب القصاص لأن القتل قد وجد بالقصد إلى بعض بدنه ، وجميع البدن كالمحل الواحد . قال : ( وما أجري مجرى الخطإ مثل النائم ينقلب على رجل فيقتله فحكمه حكم الخطإ في الشرع . وأما القتل بسبب كحافر البئر وواضع [ ص: 328 ] الحجر في غير ملكه وموجبه إذا تلف فيه آدمي الدية على العاقلة ) لأنه سبب التلف ، وهو متعد فيه فأنزل موقعا دافعا فوجبت الدية ( ولا كفارة فيه ولا يتعلق به حرمان الميراث ) وقال الشافعي رحمه الله : يلحق بالخطإ في أحكامه لأن الشرع أنزله قاتلا ، ولنا أن القتل معدوم منه حقيقة فألحق به في حق الضمان فبقي في حق غيره على الأصل ، وهو إن كان يأثم بالحفر في غير ملكه لا يأثم بالموت على ما قالوا وهذه كفارة ذنب القتل وكذا الحرمان بسببه ( وما يكون شبه عمد في النفس فهو عمد فيما سواها ) لأن إتلاف النفس يختلف باختلاف الآلة وما دونها لا يختص إتلافه بآلة دون آلة ، والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية