الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 258 - 259 ] قال : ( وإذا رمى صيدا فوقع في الماء أو وقع على سطح أو جبل ثم تردى منه إلى الأرض لم يؤكل ) ; لأنه المتردي ، وهي حرام بالنص ولأنه احتمل الموت بغير الرمي ; إذ الماء مهلك ، وكذا السقوط من عال ، يؤيد ذلك { قوله عليه الصلاة والسلام لعدي رضي الله عنه : وإن وقعت رميتك في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري أن الماء قتله أو سهمك }" ( وإن وقع على الأرض ابتداء أكل ) ; لأنه لا يمكن الاحتراز عنه وفي اعتباره سد باب الاصطياد ، بخلاف ما تقدم لأنه يمكن التحرز عنه فصار الأصل أن سبب الحرمة والحل إذا اجتمعا وأمكن التحرز عما هو سبب الحرمة ترجح جهة الحرمة احتياطا ، وإن كان مما لا يمكن التحرز عنه جرى وجوده مجرى عدمه ; لأن التكليف بحسب الوسع فيما يمكن التحرز عنه إذا وقع على شجر أو حائط أو آجرة ثم وقع على الأرض أو رماه وهو على جبل فتردى من موضع إلى موضع حتى تردى إلى الأرض أو رماه فوقع على رمح منصوب أو على قصبة قائمة أو على حرف آجرة لاحتمال أن حد هذه الأشياء قتله ، ومما لا يمكن الاحتراز عنه إذا وقع على الأرض كما ذكرناه أو على ما هو في معناه كجبل أو ظهر بيت أو لبنة موضوعة أو صخرة فاستقر عليها ; لأن وقوعه عليه وعلى الأرض سواء ، وذكر في المنتقى لو وقع على صخرة فانشق بطنه لم يؤكل لاحتمال الموت بسبب آخر ، وصححه الحاكم الشهيد رحمه الله وحمل مطلق المروي في الأصل على غير حالة الانشقاق ، وحمله شمس الأئمة السرخسي رحمه الله على ما [ ص: 260 ] أصابه حد الصخرة فانشق بطنه بذلك ، وحمل رحمه الله المروي في الأصل على أنه لم يصبه من الآجرة إلا ما تصيبه من الأرض لو وقع عليها ، وذلك عفو وهذا أصح ، وإن كان الطير مائيا فإن كانت الجراحة لا تنغمس في الماء أكل وإن انغمست لا يؤكل كما إذا وقع في الماء .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث : { قال عليه السلام لعدي بن حاتم : وإن وقعت رميتك في الماء ، فلا تأكل ، فإنك لا تدري أن الماء قتله ، أو سهمك }; قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : إذا رميت سهمك ، فاذكر اسم الله عليه ، فإن وجدته قد قتل ، فكل ، إلا أن تجده قد وقع في ماء } ، وزاد مسلم : فإنك لا تدري الماء قتله ، أو سهمك انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية