الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل في الاستبراء وغيره قال : ( ومن اشترى جارية فإنه لا يقربها ولا يلمسها ولا يقبلها ولا ينظر [ ص: 146 ] إلى فرجها بشهوة حتى يستبرئها ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس : " { ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة }" أفاد وجوب الاستبراء على المولى ، ودل على السبب في المسبية ، وهو استحداث الملك واليد ; لأنه هو الموجود في مورد النص . وهذا ; لأن الحكمة فيه التعرف عن براءة الرحم صيانة للمياه المحترمة عن الاختلاط والأنساب عن الاشتباه ، وذلك عند حقيقة الشغل أو توهم الشغل بماء محترم ، وهو أن يكون الولد ثابت النسب ، ويجب على المشتري لا على البائع ; لأن العلة [ ص: 147 ] الحقيقية إرادة الوطء ، والمشتري هو الذي يريده دون البائع ، فيجب عليه غير أن الإرادة أمر مبطن فيدار الحكم على دليلها ، وهو التمكن من الوطء ، والتمكن إنما يثبت بالملك واليد فانتصب سببا وأدير الحكم عليه تيسيرا ، فكان السبب استحداث ملك الرقبة المؤكد باليد وتعدى الحكم إلى سائر أسباب الملك كالشراء والهبة والوصية والميراث والخلع والكتابة وغير ذلك ، وكذا يجب على المشتري من مال الصبي ; ومن المرأة ، ومن المملوك ، وممن لا يحل له وطؤها ، وكذا إذا كانت المشتراة بكرا لم توطأ ، لتحقق السبب وإدارة الأحكام على الأسباب دون الحكم لبطونها فيعتبر تحقق السبب عند توهم الشغل ، وكذا لا يجتزأ بالحيضة التي اشتراها في أثنائها ، ولا بالحيضة التي حاضتها بعد الشراء أو غيره من أسباب الملك قبل القبض ، ولا بالولادة الحاصلة بعدها قبل القبض خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى; لأن السبب استحداث الملك واليد والحكم لا يسبق السبب ، وكذا لا يجتزأ بالحاصل قبل الإجارة في بيع الفضولي ، وإن كانت في يد المشتري ، ولا بالحاصل بعد القبض في الشراء الفاسد قبل أن يشتريها شراء صحيحا لما قلنا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        فصل في الاستبراء

                                                                                                        الحديث السادس والعشرون : قال عليه السلام في سبايا أوطاس : { ألا لا توطأ [ ص: 146 ] الحبالى حتى يضعن حملهن ، ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة }" ; قلت : أخرجه أبو داود في " النكاح " عن شريك عن قيس بن وهب عن الوداك عن الخدري ، ورفعه { أنه قال في سبايا أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة }انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح ، على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وأعله ابن القطان في " كتابه " بشريك ، وقال : إنه مدلس ، وهو ممن ساء حفظه بالقضاء ، وعن الحاكم رواه البيهقي في " المعرفة في السير " وله طريق أخرى مرسلة ، قال ابن أبي شيبة في " مصنفه " : حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود ، قال : قلت للشعبي : إن أبا موسى نهى يوم فتح تستر ، أن لا توطأ الحبالى ، ولا يشارك المشركون في أولادهم ، فإن الماء يزيد في الولد ، هو شيء قاله برأيه ، أو رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع ، أو حائل حتى تستبرأ }انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " : أخبرنا سفيان الثوري عن زكريا عن الشعبي ، { قال : أصاب المسلمون نساء يوم أوطاس ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقعوا على حامل حتى تضع ، ولا على غير حامل حتى تحيض حيضة }انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : روى أبو داود حدثنا النفيلي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري ، { قال : قام فينا خطيبا ، فقال : أما إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول [ ص: 147 ] الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال : لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يسقي ماءه زرع غيره يعني إتيان الحبالى ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم }انتهى . حدثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية عن ابن إسحاق بهذا الحديث ، وقال : حتى يستبرئها بحيضة انتهى . قال أبو داود : الحيضة ليست بمحفوظة انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع التاسع والمائة ، من القسم الثاني ، ويراجع .

                                                                                                        [ ص: 148 ] حديث آخر } : قال ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حفص عن حجاج عن عبد الله بن زيد عن علي ، { قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع ، أو الحائل حتى تستبرأ بحيضة }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن مسلم الجندي عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ حامل حتى تضع . أو حائل حتى تحيض }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية