الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويكره أن يذكر مع اسم الله تعالى شيئا غيره وأن يقول عند الذبح : اللهم تقبل من فلان ) وهذه ثلاث مسائل : إحداهما : أن يذكر موصولا لا معطوفا فيكره ولا تحرم الذبيحة . وهو المراد بما قال ونظيره أن يقول : بسم الله محمد رسول الله ; لأن الشركة لم توجد ، فلم يكن الذبح واقعا له إلا أنه يكره لوجود القران صورة فيتصور بصورة المحرم .

                                                                                                        والثانية : أن يذكر موصولا على وجه العطف والشركة بأن يقول بسم الله واسم فلان أو يقول بسم الله وفلان أو بسم الله ومحمد رسول الله بكسر الدال فتحرم الذبيحة ; لأنه أهل به لغير الله .

                                                                                                        والثالثة : أن يقول مفصولا عنه صورة ومعنى بأن يقول قبل التسمية وقبل أن [ ص: 40 ] يضجع الذبيحة أو بعده ، وهذا لا بأس به لما روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد الذبح . اللهم تقبل هذه عن أمة محمد ممن شهد لك بالوحدانية ولي بالبلاغ }والشرط هو الذكر الخالص المجرد على ما قال ابن مسعود رضي الله عنه : جردوا التسمية حتى لو قال عند الذبح : اللهم اغفر لي لا يحل ; لأنه دعاء وسؤال ، ولو قال : الحمد لله أو سبحان الله يريد التسمية حل ، ولو عطس عند الذبح فقال : الحمد لله لا يحل في أصح الروايتين ; لأنه يريد به الحمد على نعمه دون التسمية وما تداولته الألسن عند الذبح ، وهو قوله : بسم الله والله أكبر منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى{ فاذكروا اسم الله عليها صواف }.

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الخامس : روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعد الذبح : اللهم تقبل هذه ، عن أمتي ممن شهد لك بالوحدانية ، ولي بالبلاغ }; قلت : أخرجه مسلم في " الضحايا " عن يزيد بن قسيط عن عروة بن الزبير عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ، ويبرك في سواد ، وينظر في سواد ، فأتي به ليضحي به ، فقال لها : يا عائشة هلمي [ ص: 40 ] المدية ، ثم قال : استحديها بحجر ، ففعلت ، فأخذها وأخذ الكبش ، فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ، ومن أمة محمد ، ثم ضحى به }انتهى .

                                                                                                        وهو عند أبي داود بالواو ، وقال : { فأضجعه وذبحه ، وقال : بسم الله } ، وليس فيه مقصود المصنف .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن أبي رافع { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين ، أملحين ، أقرنين ، فإذا خطب وصلى ، ذبح أحد الكبشين بنفسه بالمدية ، ثم يقول : اللهم هذا عن أمتي جميعا ، من شهد لك بالتوحيد ، وشهد لي بالبلاغ ، ثم أتي بالآخر ، فذبحه ، وقال : اللهم هذا عن محمد ، وآل محمد ، ثم يطعمهما المساكين ، ويأكل هو وأهله منهما ، فمكثنا سنين قد كفانا الله الغرم ، والمؤنة ، ليس أحد من بني هاشم يضحي } ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى .

                                                                                                        قوله : عن ابن مسعود أنه قال : جردوا التسمية ; قلت : غريب .

                                                                                                        قوله : وما تداولته الألسن عند الذبح ، وهو قوله . بسم الله ، والله أكبر ، منقول عن ابن عباس في قوله تعالى{ فاذكروا اسم الله عليها صواف }; قلت : رواه الحاكم في " المستدرك في الذبائح " من حديث شعبة عن سليمان عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله تعالى{ فاذكروا اسم الله عليها صواف } ، قال : قياما على ثلاثة قوائم معقولة ، [ ص: 41 ] يقول : بسم الله ، والله أكبر ، اللهم منك وإليك انتهى وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه انتهى .

                                                                                                        وعنده فيه رواية أخرى ، أخرجه في " التفسير " عن جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله : { فاذكروا اسم الله عليها صواف }قال : إذا أردت أن تنحر البدنة ، فأقمها ، ثم قل : الله أكبر ، الله أكبر ، منك ولك ، ثم سم ، ثم انحرها ، وقال : صحيح على شرط الشيخين أيضا ، ولقد حجر المصنف على نفسه ، ففيه حديث مرفوع ، أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم في الضحايا " عن قتادة عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين ، يذبحهما بيده ، ويسمي ، ويكبر ، ويضع رجله على صفاحهما }; وفي لفظ لمسلم ، والبخاري : ويقول : { بسم الله ، والله أكبر }انتهى . إلا أن يكون أراد الاستدلال بالقرآن مفسرا بقول صحابي ، فيكون حسنا ، والله أعلم .




                                                                                                        الخدمات العلمية