الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل ( ونفقة الأولاد الصغار على الأب لا يشاركه فيها أحد كما لا يشاركه في نفقة الزوجة ) لقوله تعالى: { وعلى المولود له رزقهن }والمولود له هو الأب ( وإن كان الصغير رضيعا فليس على أمه أن ترضعه ) لما بينا أن الكفاية [ ص: 566 ] على الأب ، وأجرة الرضاع كالنفقة ، ولأنها عساها لا تقدر عليه لعذر بها فلا معنى للجبر عليه .

                                                                                                        وقيل في تأويل قوله تعالى: { لا تضار والدة بولدها }بإلزامها الإرضاع مع كراهتها ، وهذا الذي ذكرنا بيان الحكم ، وذلك إذا كان يوجد من ترضعه . أما إذا كان لا يوجد من ترضعه تجبر الأم على الإرضاع صيانة للصبي عن الضياع .

                                                                                                        قال : ( ويستأجر الأب من ترضعه عندها ) أما استئجار الأب فلأن الأجر عليه ، وقوله عندها : معناه إذا أرادت ذلك الحجر لها ( وإن استأجرها وهي زوجته أو معتدته لترضع ولدها لم يجز ) ; لأن الإرضاع مستحق عليها ديانة .

                                                                                                        قال الله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن }إلا أنها عذرت لاحتمال عجزها ، فإذا أقدمت عليه بالأجر ظهرت قدرتها فكان الفعل واجبا عليها ، فلا يجوز أخذ الأجر عليه ، وهذا في المعتدة عن طلاق رجعي رواية واحدة ; لأن النكاح قائم وكذا في المبتوتة في رواية . وفي رواية أخرى جاز استئجارها ; لأن النكاح قد زال .

                                                                                                        وجه الأولى أنه باق في حق بعض الأحكام . ( ولو استأجرها وهي منكوحته أو معتدته لإرضاع ابن له من غيرها جاز ) ; لأنه غير مستحق عليها ( وإن انقضت عدتها فاستأجرها ) يعني لإرضاع [ ص: 567 ] ولدها ( جاز ) ; لأن النكاح قد زال بالكلية وصارت كالأجنبية ( فإن قال الأب : لا أستأجرها وجاء بغيرها فرضيت الأم بمثل أجر الأجنبية إن رضيت بغير أجر كانت هي أحق ) ; لأنها أشفق فكان نظرا للصبي في الدفع إليها ( وإن التمست زيادة لم يجبر الزوج عليها ) دفعا للضرر عنه ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : { لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده }أي بإلزامه لها أكثر من أجرة الأجنبية . ( ونفقة الصغير واجبة على أبيه وإن خالفه في دينه كما تجب نفقة الزوجة على الزوج وإن خالفته في دينه ) أما الولد فلإطلاق ما تلونا ، ولأنه جزؤه فيكون في معنى نفسه ، وأما الزوجة فلأن السبب هو العقد الصحيح فإنه بإزاء [ ص: 568 ] الاحتباس الثابت به ، وقد صح العقد بين المسلم والكافرة وترتب عليه الاحتباس فوجبت النفقة ، وفي جميع ما ذكرنا إنما تجب النفقة على الأب إذا لم يكن للصغير مال . أما إذا كان ، فالأصل أن نفقة الإنسان في مال نفسه صغيرا كان أو كبيرا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية