[ الكلام على صنيع البخاري ] :
لكن قد رد على
nindex.php?page=treesubj&link=29591ما عاب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري به بأن ذلك بمجرده لا يوجب إسقاطا إذا كان فاعله يستجيز الرواية بالمعنى .
هذا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب لم يتأخر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولا غيره من الأئمة عن التخريج له مع كونه ممن يفعله ، وإنما ترك الاحتجاج
بحماد مع كونه أحد الأئمة الأثبات الموصوف بأنه من الأبدال ; لأنه قد ساء حفظه ، ولهذا فرق بين صنيعه وصنيع
ابن وهب ، بأن
ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ .
وبه يجاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، على أن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وإن كان لا يعرج على البيان ولا يلتفت إليه هو - كما قال
ابن كثير - في الغالب ، وإلا فقد تعاطى البيان في بعض الأحايين كقوله في تفسير " البقرة " : ثنا
يوسف بن راشد ، ثنا
جرير وأبو أسامة ، واللفظ
لجرير . فذكر حديثا .
وفي الصيد والذبائح : ثنا
يوسف بن راشد أيضا ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع nindex.php?page=showalam&ids=17376ويزيد بن هارون ، واللفظ
ليزيد . ولكن ليس في هذا ما يقتضي الجزم بكونه من
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، إذ يحتمل أن يكون ذلك من شيخه كما
[ ص: 185 ] سيأتي في الفصل التاسع في مسألة أخرى .
وربما يسلك مسلكا دقيقا يرمز فيه للبيان ، كقوله في الحج : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير ثنا
الليث ، عن
عقيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب - هو الزهري - عن
عروة ، عن
عائشة ، وحدثني
محمد بن مقاتل ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله - هو ابن المبارك - أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16892محمد بن أبي حفصة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
عروة ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929965كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ، وكان يوما تستر فيه الكعبة ، فلما فرض الله رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شاء أن يصومه فليصمه ، ومن شاء أن يتركه فليتركه ) .
فإن الظاهر أنه إنما عدل عن أن يقطع السند الأول عند
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ثم يقول بعد
ابن أبي حفصة من الثاني : كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري . لكون اللفظ للثاني فقط ، ويتأيد بجزم
الإسماعيلي بأن ستر الكعبة إنما هو عند
ابن أبي حفصة خاصة دون
عقيل ، وحينئذ فرواية
عقيل لا تدخل في الباب الذي أوردها فيه ، وهو باب قول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة الآية .
ولذا قال
الإسماعيلي : إن عادة
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري التجوز في مثل هذا . وقول
أبي داود في ( سننه ) : ثنا
مسدد ،
وأبو توبة ، المعنى قالا : ثنا
أبو الأحوص . يحتمل أن يكون المعنى يتعلق بحديثهما معا ، وحينئذ فيكون من باب : وتقاربا في اللفظ . ويحتمل أن يتعلق
بأبي توبة فقط ، ويكون اللفظ للأول ، وحينئذ فهو من باب : واللفظ لفلان .
قال
البلقيني : ويلزم على الأول ألا يكون رواه بلفظ واحد منهما . قال : وهو بعيد ، وكذا إذا قال : أنا فلان وفلان ، وتقاربا في اللفظ . لا انحصار له في أن روايته عن كل منهما بالمعنى ، وأن المأتي به لفظ ثالث غير لفظيهما .
والأحوال كلها آيلة في الغالب إلى أنه لا بد أن يسوق الحديث على لفظ مروي له برواية واحدة ، والباقي
[ ص: 186 ] بمعناه . انتهى .
وتبعه
الزركشي ، وفيه نظر كما أشار إليه
العز بن جماعة ، فيجوز أن يكون ملفقا منهما ، إذ من فروع هذا القسم كما سيأتي في الفصل الثالث عشر ما إذا سمع من كل شيخ قطعة من متن ، فأورده عن جميعهم بدون تمييز .
[ الْكَلَامُ عَلَى صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ ] :
لَكِنْ قَدْ رُدَّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29591مَا عَابَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ بِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ إِسْقَاطًا إِذَا كَانَ فَاعِلُهُ يَسْتَجِيزُ الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى .
هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ لَمْ يَتَأَخَّرِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنِ التَّخْرِيجِ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الِاحْتِجَاجَ
بِحَمَّادٍ مَعَ كَوْنِهِ أَحَدَ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ الْمَوْصُوفَ بِأَنَّهُ مِنَ الْأَبْدَالِ ; لِأَنَّهُ قَدْ سَاءَ حِفْظُهُ ، وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ صَنِيعِهِ وَصَنِيعِ
ابْنِ وَهْبٍ ، بِأَنَّ
ابْنَ وَهْبٍ أَتْقَنُ لِمَا يَرْوِيهِ وَأَحْفَظُ .
وَبِهِ يُجَابُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ وَإِنْ كَانَ لَا يُعَرِّجُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ هُوَ - كَمَا قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ - فِي الْغَالِبِ ، وَإِلَّا فَقَدَ تَعَاطَى الْبَيَانَ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ كَقَوْلِهِ فِي تَفْسِيرِ " الْبَقَرَةِ " : ثَنَا
يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ ، ثَنَا
جَرِيرٌ وَأَبُو أُسَامَةَ ، وَاللَّفْظُ
لِجَرِيرٍ . فَذَكَرَ حَدِيثًا .
وَفِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ : ثَنَا
يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ أَيْضًا ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ nindex.php?page=showalam&ids=17376وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، وَاللَّفْظُ
لِيَزِيدَ . وَلَكِنْ لَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِكَوْنِهِ مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، إِذْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْخِهِ كَمَا
[ ص: 185 ] سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى .
وَرُبَّمَا يَسْلُكُ مَسْلَكًا دَقِيقًا يَرْمُزُ فِيهِ لِلْبَيَانِ ، كَقَوْلِهِ فِي الْحَجِّ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ثَنَا
اللَّيْثُ ، عَنْ
عُقَيْلٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنِ شِهَابٍ - هُوَ الزُّهْرِيِّ - عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، وَحَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16892مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=929965كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ ) .
فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقْطَعَ السَّنَدَ الْأَوَّلَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ
ابْنِ أَبِي حَفْصَةَ مِنَ الثَّانِي : كِلَاهُمَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ . لِكَوْنِ اللَّفْظِ لِلثَّانِي فَقَطْ ، وَيَتَأَيَّدُ بِجَزْمِ
الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِأَنَّ سَتْرَ الْكَعْبَةِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ
ابْنِ أَبِي حَفْصَةَ خَاصَّةً دُونَ
عُقَيْلٍ ، وَحِينَئِذٍ فَرِوَايَةُ
عُقَيْلٍ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَابِ الَّذِي أَوْرَدَهَا فِيهِ ، وَهُوَ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْآيَةَ .
وَلِذَا قَالَ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ : إِنَّ عَادَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ التَّجَوُّزُ فِي مِثْلِ هَذَا . وَقَوْلُ
أَبِي دَاوُدَ فِي ( سُنَنِهِ ) : ثَنَا
مُسَدَّدٌ ،
وَأَبُو تَوْبَةَ ، الْمَعْنَى قَالَا : ثَنَا
أَبُو الْأَحْوَصِ . يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يَتَعَلَّقُ بِحَدِيثِهِمَا مَعًا ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ : وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ
بِأَبِي تَوْبَةَ فَقَطْ ، وَيَكُونَ اللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ : وَاللَّفْظُ لِفُلَانٍ .
قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ : وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَلَّا يَكُونَ رَوَاهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا . قَالَ : وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَكَذَا إِذَا قَالَ : أَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ ، وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ . لَا انْحِصَارَ لَهُ فِي أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمَعْنَى ، وَأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ لَفْظٌ ثَالِثٌ غَيْرُ لَفْظَيْهِمَا .
وَالْأَحْوَالُ كُلِّهَا آيِلَةٌ فِي الْغَالِبِ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَسُوقَ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظٍ مَرْوِيٍّ لَهُ بِرِوَايَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَالْبَاقِيَ
[ ص: 186 ] بِمَعْنَاهُ . انْتَهَى .
وَتَبِعَهُ
الزَّرْكَشِيُّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ
الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةٍ ، فَيَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ مُلَفَّقًا مِنْهُمَا ، إِذْ مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْقِسْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ مَا إِذَا سَمِعَ مِنْ كُلِّ شَيْخٍ قِطْعَةً مِنْ مَتْنٍ ، فَأَوْرَدَهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ بِدُونِ تَمْيِيزٍ .