الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
453 [ ص: 303 ] حديث ثاني عشر لإسحاق ، عن رافع بن إسحاق .

مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن رافع بن إسحاق مولى لآل الشفاء ، وكان يقال له مولى أبي طلحة ، أنه سمع أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمصر يقول : والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه .

التالي السابق


هكذا قال مالك في هذا الحديث " مولى لآل الشفاء " وقال في الحديث الذي قبله " مولى الشفاء " فيما رواه يحيى بن يحيى عنه ، وقد قال عن مالك في الموضعين جميعا طائفة من الرواة " مولى الشفاء " وقال آخرون عنه في الموضعين جميعا " مولى آل الشفاء " وقال قوم كما قال يحيى ، وهذا إنما جاء من مالك ، والشفاء اسم امرأة من الصحابة من قريش ، وهي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خالد من بني عدي بن كعب ، وهي أم سليمان بن أبي خيثمة ، وقد ذكرناها في كتابنا في الصحابة ، وكان حماد بن سلمة يقول : عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن رافع بن إسحاق مولى أبي أيوب ، وكان مالك يقول : وكان يقال له مولى أبي طلحة ، وهو من تابعي أهل المدينة ، ثقة فيما نقل وحمل ، وحديثه هذا حديث متصل صحيح .

[ ص: 304 ] وفيه من الفقه أن على من سمع الخطاب أن يستعمله على عمومه إذا لم يبلغه شيء يخصه ; لأن أبا أيوب سمع النهي من رسول الله - صلى الله عليه - عن استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط ، مطلقا غير مقيد بشرط ، ففهم منه العموم ، فكان ينحرف في مقاعد البيوت ، ويستغفر الله أيضا ، ولم يبلغه الرخصة التي رواها ابن عمر وغيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البيوت .

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المومن قال : أخبرنا محمد بن يحيى بن عمر الطائي قال : حدثنا علي بن حرب الطائي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي أيوب يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تستقبلوا القبلة بغائط وبول ، ولا تستدبروها قال أبو أيوب : فقدمنا الشام ، فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة ، فننحرف عنها ونستغفر الله ، وهكذا يجب على كل من بلغه شيء أن يستعمله على عمومه حتى يثبت عنده ما يخصه أو ينسخه .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا عفان ، وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال : أخبرنا محمد بن بكر بن داسة قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قالا جميعا : أخبرنا وهيب بن خالد قال : حدثنا عمرو بن يحيى ، عن أبي زيد ، عن معقل بن أبي معقل [ ص: 305 ] الأسدي ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تستقبل القبلتان ببول أو بغائط ، ورواه سليمان بن بلال ، عن عمرو بن يحيى بإسناده مثله ، ذكره أبو بكر بن أبي شيبة ، عن خالد بن مخلد ، عن سليمان ، وكان مجاهد ، وإبراهيم النخعي ، ومحمد بن سيرين يكرهون أن نستدبر إحدى القبلتين أو نستقبل بغائط أو بول - الكعبة وبيت المقدس - .

وفي حديث يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول : إن ناسا يقولون : إذا قعدت لحاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس ، وقد اختلف في متن هذا الحديث على يحيى بن سعيد ، أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد ، وحدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قالا جميعا : حدثنا حفص بن غياث ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، عن ابن عمر قال : رأيت النبي عليه السلام قاعدا على لبنتين يقضي حاجته متوجها نحو القبلة .

وزاد عبد الوارث في حديثه : أو بيت المقدس ، ورواه مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه ، عن ابن عمر قال : لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين ، مستقبل بيت المقدس لحاجته .

[ ص: 306 ] وهكذا رواه عبد الوهاب الثقفي ، وسليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد بلفظ حديث مالك ومعناه ، وأخبرنا عبد الوارث قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال : حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني محمد بن العجلان ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن واسع بن حبان ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : يتحدث الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغائط بحديث ، وقد اطلعت يوما على ظهر بيت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته محجر عليه بلبن ، فرأيته مستقبل القبلة .

وقرأت على أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن ، فأقر به ، أن قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا هشيم ، عن يحيى بن سعيد - يعني الأنصاري - ، قال أبو عبيد : وحدثني يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، كلاهما عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه ، عن ابن عمر قال : ظهرت على أجار لحفصة - وقال بعضهم : سطح - فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا على حاجته مستقبل بيت المقدس مستدبر الكعبة .

قال أبو عمر : هذه الرواية فيها موافقة لما قاله مالك من استقبال بيت المقدس ، وهذا إن شاء الله أثبت الروايات في حديث ابن عمر [ ص: 307 ] وقد تابع مالكا على ما قاله من ذلك الثقفي ، وسليمان بن بلال ، وقد ذكرنا ذلك في باب يحيى بن سعيد ، والحمد لله .

وقد قال المروزي : رواية يحيى القطان ، عن عبيد الله بن عمر في هذا الحديث تشهد لما قاله مالك ، والثقفي ، وسليمان بن بلال ، في ذكر بيت المقدس خاصة .

قال أبو عمر : لما روى ابن عمر أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا لحاجته مستقبل بيت المقدس مستدبر الكعبة ، أو مستقبل القبلة ، على حسب ما مضى من الرواية في ذلك ، واستحال أن يأتي ما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم - علمنا أن الحال التي استقبل فيها القبلة بالبول واستدبرها غير الحال التي نهى عنها ، فأنزلنا النهي عن ذلك في الصحاري ، والرخصة في البيوت ; لأن حديث ابن عمر في البيوت ، ولم يصح لنا أن يجعل أحد الخبرين ناسخا للآخر ; لأن الناسخ يحتاج إلى تاريخ أو دليل لا معارض له ، ولا سبيل إلى نسخ قرآن بقرآن ، أو سنة بسنة ، ما وجد إلى استعمال الآيتين أو السنتين سبيل .

وروى مروان الأصفر قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا ؟ قال : إنما نهي عن ذلك في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس ،ذكره أبو داود ، عن محمد بن يحيى [ ص: 308 ] بن فارس ، عن صفوان بن عيسى ، عن الحسن بن ذكوان ، عن مروان الأصفر ، عن ابن عمر .

وقد فسره الشعبي كما ذكرنا نحوا من تفسير ابن عمر ، ذكر وكيع ، وعبيد الله بن موسى ، عن عيسى بن أبي عيسى الخياط ، وهو عيسى ابن مسيرة ، عن الشعبي أنه قال له : قال أبو هريرة : لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ، وقال ابن عمر : حانت مني التفاتة ، فرأيت النبي عليه السلام في كنيفه مستقبل القبلة ، فقال الشعبي : صدق أبو هريرة ، وصدق ابن عمر ، قول أبي هريرة في البرية ، وقول ابن عمر في الكنف .

قال الشعبي : أما كنفكم هذه فلا قبلة فيها ، هذا لفظ حديث وكيع .

وحدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن مطرف ، حدثنا أيوب بن سليمان ، ومحمد بن عمر بن لبابة قالا : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال : حدثني عبيد الله بن موسى ، عن عيسى الخياط ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كنيفه مستقبل القبلة ، قال [ ص: 309 ] يحيى : وأخبرنا عيسى الخياط ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ، قال عيسى : فذكرت ذلك للشعبي ، فقال : صدق أبو هريرة ، وصدق ابن عمر ، أما قول أبي هريرة فذلك في الصحراء لا يستقبلها ولا يستدبرها ، وأما قول ابن عمر فالكنيف بيت صنع للتبرز ليس فيه قبلة ، استقبل حيث شئت .

قال أبو عمر : هذا قول مالك وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، وهو قول ابن المبارك ، وإسحاق بن راهويه .

وكان الثوري والكوفيون يذهبون إلى أن لا يجوز استقبال القبلة بالبول والغائط لا في الصحاري ولا في البيوت ، وبه قال أحمد بن حنبل ، وأبو ثور ، واحتجوا بحديث أبي أيوب وسائر الأحاديث الواردة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول وهي كثيرة ، رواها جماعة من الصحابة ، منهم أبو هريرة ، وعبد الله بن مسعود ، وسهل بن حنيف ، وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، وسليمان .

ورد أحمد بن حنبل حديث جابر ، وحديث عائشة الواردين عن النبي صلى الله عليه وسلم بالرخصة في هذا الباب ، وضعف حديث جابر ، وتكلم في حديث عائشة بأنه انفرد به خالد بن أبي الصلت ، عن عراك بن مالك ، عن عائشة ، وقال في حديث ابن عمر : إنما فيه نسخ استقبال بيت المقدس واستدباره بالغائط والبول ، قال : هذا الذي لا أشك فيه ، وأشك في الكعبة .

وذكر الأثرم عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال : من ذهب إلى حديث عائشة - يعني حديث خالد بن أبي الصلت - فإن مخرجه حسن ، ولكنه [ ص: 310 ] يعجبني أن يتوقى القبلة ، وأما بيت المقدس فليس في نفسي منه شيء أنه لا بأس به .

وقال آخرون : جائز استقبال القبلة وبيت المقدس على كل حال واستدبارهما بالبول والغائط في الصحاري وفي البيوت ، وذكروا حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط ، قال : ثم رأيته بعد ذلك يستقبل القبلة ببوله قبل موته بعام ، رواه محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن جابر .

قالوا : وهذا يبين أن النهي عن ذلك منسوخ ، وذكروا ما رواه خالد بن أبي الصلت ، عن عراك بن مالك ، عن عائشة ، حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع ، عن حماد بن سلمة ، عن خالد الحذاء ، عن خالد بن أبي الصلت ، عن عراك بن مالك ، عن عائشة ، قالت : ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قوم [ ص: 311 ] يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة ، قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فعلوها ، استقبلوا بمقعدي القبلة ، قالوا : فلما تعارضت الآثار في هذا الباب لم يجب العمل بشيء منها لتهاترها كالبينتين المتعارضتين .

قالوا : والأصل أن لا حظر إلا ما يرد به الخبر عن الله أو عن رسوله مما لا معارض له ، روي هذا المعنى عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، حكاه أبو صالح عن الليث ، عن ربيعة ، وقال به قوم ، منهم داود وأصحابه ، وهو قول عروة بن الزبير .

واحتج بعض من ذهب هذا المذهب بما ذكرنا من حديث جابر ، وحديث عائشة ، وزعموا أن النسخ فيها واضح لما كان عليه الأمر من كراهية ذلك ، وقالوا : ليس خالد بن أبي الصلت بمجهول ; لأنه روى عنه خالد الحذاء ، والمبارك بن فضالة ، وواصل مولى ابن عيينة ، وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز ، فكيف يقال فيه مجهول ؟ وذكروا حديث شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يستقبل القبلة بالغائط والبول ، وحديث بكر بن مضر ، عن جعفر ، عن ربيعة ، عن عراك بن مالك ، عن عائشة أنها كانت تنكر قولهم : إذا خرج أحدكم إلى الخلاء فلا يستقبل القبلة .

قال أبو عمر : ليس الإنكار بحجة ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما وصفناه ، وأما ما روي عن ابن عمر فمحمله عندنا على أن ذلك في البيوت ، وقد بان ذلك برواية مروان الأصفر وغيره عن ابن عمر .

[ ص: 312 ] والصحيح عندنا الذي يذهب إليه ما قاله مالك وأصحابه ، والشافعي ; لأن في ذلك استعمال السنن على وجوهها الممكنة فيها دون رد شيء ثابت منها ، وليس حديث جابر بصحيح عنه فيعرج عليه ; لأن أبان بن صالح الذي يرويه ضعيف ، وقد رواه ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن قتادة ، عن النبي عليه السلام على خلاف رواية أبان بن صالح ، عن مجاهد ، عن جابر ، وهو حديث لا يحتج بمثله .

وحديث عائشة قد دفعه قوم ، ولو صح لم يكن فيه خلاف لما ذهبنا إليه ; لأن المقعد لا يكون إلا في البيوت ، وليس بذلك بأس عندنا في كنف البيوت ، وإنما وقع نهيه والله أعلم على الصحاري والفيافي والفضاء دون كنف البيوت ، وخرج عليه حديثه - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان متبرز القوم ، ألا ترى إلى ما في حديث الإفك من قول عائشة رحمها الله : وكانت بيوتنا لا مراحيض لها ، وإنما أمرنا أمر العرب الأول ، يعني البعد في البراز .

وقال بعض أصحابنا : إن النهي إنما وقع على الصحاري لأن الملائكة تصلي في الصحاري ، وليس المراحيض كذلك .

وأما قوله في الحديث " كيف أصنع بهذه الكرابيس " فهي المراحيض ، واحدها كرباس ، مثل سربال وسرابيل ، وقد قيل إن الكرابيس مراحيض الغرف ، وأما مراحيض البيوت ، فإنها يقال لها الكنف ، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث " فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه " دليل على أن القبل يسمى فرجا ، وأن الدبر أيضا يسمى فرجا .

[ ص: 313 ] وقد اختلف الفقهاء في وضوء من مس ذكره أو دبره على ما سنذكره في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله .

إسحاق ، عن زفر بن صعصعة حديث واحد




الخدمات العلمية