ومن المتوسط بزائد مسألة ( هؤلاء ) ففي الأولى التحقيق وبين بين مع المد والقصر ، وفي الثانية الإبدال بثلاثة والروم بوجهين صارت خمسة عشر ، لكن يمتنع منه وجهان في وجه بين بين ، وهما مد الأولى وقصر الثانية وعكسه ؛ لتصادم المذهبين ، وذكر في الأولى الإبدال بواو على اتباع الرسم مع المد والقصر ، فتضرب في الخمسة فتبلغ خمسة وعشرين ، ولا يصح .
ومما مسألة ( قل اونبيكم ) في آل عمران فيها ثلاث همزات ( الأولى ) بعد ساكن صحيح منفصل ، وهو اللام والثانية متوسطة بزائد وهي مضمومة بعد فتح ( والثالثة ) متوسطة بنفسها وهي مضمومة بعد كسر ، ففي الأولى التحقيق والتسهيل ، فإذا حققت فيجيء في الساكن قبلها السكت وعدمه ، وإذا سهلت فالنقل ، وفي الهمزة الثانية التحقيق والتسهيل ، وتسهيلها بين بين فقط ، وفي الثالثة التسهيل على مذهب اجتمع فيه متوسط بزائد وبغير زائد بين الهمزة والواو ، وعلى مذهب سيبويه الأخفش بياء محضة ، فيجوز فيها حينئذ عشرة أوجه .
( الأول ) السكت مع تحقيق الثانية المضمومة مع تسهيل الثالثة بين بين ، وهذا الوجه لحمزة بكماله في " العنوان " ، ولخلف عنه في " الكافي " ، و " الشاطبية " ، و " التيسير " ، وطريق أبي الفتح فارس ، عنه .
( الثاني ) مثله مع إبدال الثالثة ياء مضمومة على ما ذكر من مذهب الأخفش ، وهو اختيار الحافظ أبو العلاء الداني في وجه السكت ، وفي " الشاطبية " ، و " التيسير " لخلف .
( الثالث ) عدم السكت على اللام مع تحقيق الهمزة الأولى [ ص: 488 ] والثانية ، وتسهيل الثالثة بين بين ، وهو في " الهداية " ، و " التذكرة " لحمزة ، وهو لخلاد في " التبصرة " ، و " الكافي " و " الشاطبية " ، و " التيسير " ، و " تلخيص " ابن بليمة ( الرابع ) مثله مع إبدال الثالثة ياء ، وهو في " الشاطبية " ، و " التيسير " لخلاد ، واختيار الداني في وجه عدم السكت .
( الخامس ) السكت على اللام مع تسهيل الهمزة الثانية بين بين ، وهو في " التجريد " لحمزة وطريق أبي الفتح لخلف ، عن حمزة ، وكذا في " الشاطبية " ، و " التيسير " .
( السادس ) مثله مع إبدال الثالثة ياء وهو اختيار الداني في وجه السكت أيضا ، وفي الشاطبية والتيسير لخلف .
( السابع ) عدم السكت مع تسهيل الثانية والثالثة بين بين ، وهو اختيار صاحب الهداية لحمزة وفي تلخيص ابن بليمة وطريق أبي الفتح لخلاد ، وفي " الشاطبية " ، و " التيسير " .
( الثامن ) مثله مع إبدال الثالثة ياء ، وهو اختيار الداني في وجه عدم السكت وفي " الشاطبية " و " التيسير " .
( التاسع ) النقل مع تسهيل الثانية والثالثة بين بين ، وهو في " الروضة " ، والشاطبية " ، ومذهب جمهور العراقيين .
( العاشر ) مثله مع إبدال الثالثة ياء ، وهو في " الكفاية الكبرى " وغاية أبي العلاء ، وحكاه أبو العز ، عن أهل واسط وبغداد ، ولا يصح فيها غير ما ذكرت . وقد أجاز الجعبري وغيره من المتأخرين فيها سبعة وعشرين وجها باعتبار الضرب ، فقالوا في الأولى : النقل والسكت وعدمه هذه ثلاثة ، وفي الثانية التحقيق بين بين ، والواو اتباعا للرسم ، وهذه ثلاثة ، وفي الثالثة التسهيل كالواو وإبدالها ياء وتسهيلها كالياء على ما ذكر من مذهب الأخفش فنضرب الثلاثة الأولى في الثلاثة الثانية بنسبة التسعة في الثلاثة الأخرى بسبعة وعشرين ، وقد ذكر أبو العباس أحمد بن يوسف النحوي المعروف بالسمين في شرحه للشاطبية ونقله عن صاحبه الشيخ أبي علي الحسن ابن أم قاسم حيث نظمه فقال :
سبع وعشرون وجها قل لحمزة في قل أونبيكم يا صاح إن وقفا فالنقل والسكت في الأولى وتركهما
وأعط ثانية حكما لها ألفا [ ص: 489 ] واوا وكالواو أو حقق وثالثة
كالواو أو يا وكاليا ليس فيه خفا واضرب يبن لك ما قدمت متضحا
وبالإشارة استغنى وقد عرفا
ومن ذلك ( مسألة : قل أأنتم يجيء فيها خمسة أوجه ) : أحدها السكت على اللام مع تسهيل الهمزة الثانية ( والثاني ) كذلك مع تحقيقها ( والثالث ) عدم السكت مع تسهيل الثانية ، ولا يجوز مع التحقيق لما قدمنا ، وذكر فيها ثلاثة أخرى وهي السكت وعدمه ، والنقل مع إبدال الثانية ألفا على ما ذكر في " الكافي " وغيره ، وفيه نظر ، وحكى هذه الثلاثة مع حذف إحدى الهمزتين على صورة اتباع الرسم ولا يصح سوى ما ذكرته أولا .
ومن أيضا ( مسألة : المتوسط بغيره بعد ساكن قالوا آمنا ) وذكر فيه خمسة أوجه : أحدها التحقيق مع عدم السكت ، وهو مذهب الجمهور ( والثاني ) مع السكت ، وهو مذهب أبي الشذائي . وذكره الهذلي أيضا ، وبه قرأ صاحب " المبهج " على شيخه أبي الفضل صاحب التجريد على شيخه عبد الباقي في رواية خلاد [ ص: 490 ] ( والثالث ) النقل ، وهو مذهب أكثر العراقيين ( والرابع ) الإدغام ، وهو جائز من طرق أكثرهم كما قدمنا من مذاهبهم ( والخامس ) التسهيل بين بين على ما ذكره الحافظ أبو العلاء ، وهو ضعيف وتجيء هذه الخمسة في قوله تعالى : ( من دونه أولياء ) مع الخمسة في الهمزة الأخيرة المضمومة فتبلغ خمسة وعشرين وجها ، إلا أن الإدغام فيها يختار على النقل كما تقدم ، وأكثر القراء لا يرون التسهيل بالروم كما ذكرنا .
ومن ذلك ( مسألة بني إسرائيل ) وفيها بحكم ما ذكرنا عشرة أوجه وهي الخمسة المذكورة أولا مع تسهيل الهمزة الثانية مدا وقصرا ، وقيل : فيها وجه آخر ، وهو إبدال الهمزة ياء على اتباع الرسم ، وهو شاذ ، فإن ضرب في الخمسة المذكورة صارت خمسة عشر وأشذ منه حذف الهمزة واللفظ بياء واحدة بعد الألف ، مع أنه غير ممكن فيصير عشرين ولا يصح .
ومن ذلك ( مسألة : بما أنزل ) وفيها ثلاثة أوجه ( الأول ) التحقيق مذهب الجمهور ( والثاني ) بين بين طريق أكثر العراقيين ، ويجوز معه المد والقصر ( والثالث ) السكت مع التحقيق لمن تقدم آنفا ، وتجيء هذه الأربعة في نحو : ( فلما أضاءت ) مع تسهيل بالمد والقصر ، فتصبح ستة لإخراج المد مع المد والقصر مع القصر ، وتجيء أيضا في ( كلما أضاء ) مع ثلاثة الإبدال ، فتبلغ اثنا عشر وتجيء الثلاثة أيضا مع الخمسة الأخيرة من قوله : ( ولا ابنا ) فتبلغ خمسة عشر وجها ، بل عشرين ، لكن يسقط منها وجها التصادم ، فتصبح ثمانية عشر .
ومن ذلك ( مسألة : فسوف يأتيهم أنباوا ) وفيه باعتبار ما تقدم في ( شركاو ، وفي أموالنا ما نشوا ) أربعة وعشرون وجها وهي مع السكت على الميم اثنا عشر وجها ، المد والتوسط والقصر مع الإبدال ألفا ، والمد والقصر مع الروم ، وهذه الخمسة مع التخفيف القياسي والسبعة الباقية مع اتباع الرسم ، وهي المد والتوسط والقصر مع إسكان الواو ، وهذه الثلاثة مع الإشمام والقصر مع الروم .
[ ص: 491 ] ولو قرئ بالنقل على مذهب من أجازه لجاء أربعة وعشرون أخرى ، وذلك على وجهي فتح الميم وضمها ، أي : حالة النقل كما تقدم ، وكلاهما لا يصح .
ومن ذلك ( مسألة يشاء إلى ) ونحوه ، وفيه الثلاثة الجائزة لباقي القراءة وصلا وهي : التحقيق مذهب الجمهور ، وبين بين على مذهب أكثر العراقيين ، والياء المحضة على مذهب بعضهم ، وتجري هذه الثلاثة في عكسه في نحو ( في الأرض أمما ) وتجيء نحو ( في الكتاب أولئك ) ستة أوجه ، وهي الثلاثة ، وهي تسهيل الهمزة نحو ( في الكتاب أولئك ) ستة أوجه وهي هذه الثلاثة ، وهي تسهيل الهمزة المكسورة مع المد والقصر ، فقس على هذه المسائل ما وقع في نظيرها ، والله الموفق .