[ ص: 454 ] النوع الأربعون
في
nindex.php?page=treesubj&link=28960معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر
وأعني بالأدوات الحروف وما شاكلها من الأسماء والأفعال والظروف . اعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة لاختلاف مواقعها ، ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين [ سبأ : 24 ] فاستعملت ( على ) في جانب الحق ، و ( في ) في جانب الضلال ; لأن صاحب الحق كأنه مستعل يصرف نظره كيف شاء ، وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=19فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف [ الكهف : 19 ] عطف على الجمل الأول بالفاء والأخيرة بالواو ، لما انقطع نظام الترتب; لأن التلطف غير مرتب على الإتيان بالطعام ، كما كان الإتيان به مترتبا على النظر فيه ، والنظر فيه مترتبا على التوجه في طلبه ، والتوجه في طلبه مترتبا على قطع الجدال في المسألة عن مدة اللبث وتسليم العلم له تعالى .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء [ التوبة : 60 ] الآية . . عدل عن اللام إلى ( في ) في الأربعة الأخيرة إيذانا إلى أنهم أكثر استحقاقا للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام ; لأن ( في ) للوعاء ، فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم ، كما يوضع الشيء في وعائه مستقرا فيه .
وقال
الفارسي : إنما قال : وفي الرقاب ، ولم يقل : وللرقاب ، ليدل على أن العبد لا يملك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : الحمد لله الذي قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=5عن صلاتهم ساهون [ الماعون : 5 ] ولم يقل : في صلاتهم .
وسيأتي ذكر كثير من أشباه ذلك .
[ ص: 455 ] وهذا سردها مرتبة على حروف المعجم ، وقد أفرد هذا النوع بالتصنيف خلائق من المتقدمين
كالهروي في الأزهية ، والمتأخرين
كابن أم قاسم في الجنى الداني .
[ ص: 454 ] النَّوْعُ الْأَرْبَعُونَ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28960مَعْرِفَةِ مَعَانِي الْأَدَوَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا الْمُفَسِّرُ
وَأَعْنِي بِالْأَدَوَاتِ الْحُرُوفَ وَمَا شَاكَلَهَا مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ وَالظُّرُوفِ . اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَةِ لِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا ، وَلِهَذَا يَخْتَلِفُ الْكَلَامُ وَالِاسْتِنْبَاطُ بِحَسَبِهَا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [ سَبَأٍ : 24 ] فَاسْتُعْمِلَتْ ( عَلَى ) فِي جَانِبِ الْحَقِّ ، وَ ( فِي ) فِي جَانِبِ الضَّلَالِ ; لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ كَأَنَّهُ مُسْتَعْلٍ يَصْرِفُ نَظَرَهُ كَيْفَ شَاءَ ، وَصَاحِبَ الْبَاطِلِ كَأَنَّهُ مُنْغَمِسٌ فِي ظَلَامٍ مُنْخَفِضٍ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=19فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ [ الْكَهْفِ : 19 ] عَطَفَ عَلَى الْجُمَلِ الْأُوَلِ بِالْفَاءِ وَالْأَخِيرَةِ بِالْوَاوِ ، لَمَّا انْقَطَعَ نِظَامُ التَّرَتُّبِ; لِأَنَّ التَّلَطُّفَ غَيْرُ مُرَتَّبٍ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالطَّعَامِ ، كَمَا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى النَّظَرِ فِيهِ ، وَالنَّظَرُ فِيهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى التَّوَجُّهِ فِي طَلَبِهِ ، وَالتَّوَجُّهُ فِي طَلَبِهِ مُتَرَتِّبًا عَلَى قَطْعِ الْجِدَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ مُدَّةِ اللَّبْثِ وَتَسْلِيمِ الْعِلْمِ لَهُ تَعَالَى .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ [ التَّوْبَةِ : 60 ] الْآيَةَ . . عَدَلَ عَنِ اللَّامِ إِلَى ( فِي ) فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إِيذَانًا إِلَى أَنَّهُمْ أَكْثَرُ اسْتِحْقَاقًا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِمْ بِمَنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ بِاللَّامِ ; لِأَنَّ ( فِي ) لِلْوِعَاءِ ، فَنَبَّهَ بِاسْتِعْمَالِهَا عَلَى أَنَّهُمْ أَحِقَّاءُ بِأَنْ يُجْعَلُوا مَظِنَّةً لِوَضْعِ الصَّدَقَاتِ فِيهِمْ ، كَمَا يُوضَعُ الشَّيْءُ فِي وِعَائِهِ مُسْتَقِرًّا فِيهِ .
وَقَالَ
الْفَارِسِيُّ : إِنَّمَا قَالَ : وَفِي الرِّقَابِ ، وَلَمْ يَقُلْ : وَلِلرِّقَابِ ، لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=5عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [ الْمَاعُونِ : 5 ] وَلَمْ يَقُلْ : فِي صَلَاتِهِمْ .
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ كَثِيرٍ مِنْ أَشْبَاهِ ذَلِكَ .
[ ص: 455 ] وَهَذَا سَرْدُهَا مُرَتَّبَةً عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، وَقَدْ أَفْرَدَ هَذَا النَّوْعَ بِالتَّصْنِيفِ خَلَائِقُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ
كَالْهَرَوِيِّ فِي الْأُزْهِيَةِ ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ
كَابْنِ أُمِّ قَاسِمٍ فِي الْجَنَى الدَّانِي .