( المسألة الثانية عشرة :
nindex.php?page=treesubj&link=18682_19366ازدراء الكفار المستكبرين ، للفقراء والضعفاء من المؤمنين ) :
كان الملأ المستكبرون من الأقوام ، المغرورون بالمال والجاه ، هم أول الذين يجحدون آيات ربهم ويكذبون رسله ، لأنهم يرون في اتباعهم لهم غضا من عظمتهم ، وخفضا من علو رياستهم ، ووقوفا مع الدهماء ، حتى الفقراء والضعفاء ، في صف التابعين لأولئك الأنبياء ، وجعلهم مثلهم مرءوسين لهم ، كما حكاه التنزيل عن جواب ملأ
فرعون لموسى وأخيه - عليهما السلام - بقوله : -
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=28982قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض - 10 : 78 ؟
[ ص: 186 ] كما كان الذين يسبقون إلى الإيمان بهم من هؤلاء الضعفاء والفقراء وكذا الوسط ، ولهذا كان الكبراء المستكبرون يزدادون إعراضا عن الأنبياء وعداوة لهم كما بينه التنزيل مرارا وتكرارا ، ومنه قصة
نوح : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي - إلى قوله - عليه السلام - : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=31ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا - 27 - 31 ومنه تهديد
مدين لرسولهم
شعيب - عليه السلام - بالرجم هنا لولا رهطه ، وتهديده ومن آمن معه في سورة الأعراف بالنفي والإخراج من أرضهم ، ومنه تهديد
فرعون لموسى وأخيه ، وما فعله مشركو
مكة برسول الله وخاتم النبيين من التهديد بالقتل أو الحبس أو الإخراج من وطنه ، وقد فعلوا ما استطاعوا ، وكذلك يفعلون بدعاة الإصلاح وكل من يرشد الشعوب إلى مقاومة الظلم والاستبداد ، والرياسة الطاغية المتكبرة في كل زمان ومكان .
فهذا الإرشاد الرباني في كتاب الله - تعالى - عام دائم لا نهاية له ، ولا غنى عنه . وقد غفل أهل القرآن عنه .
( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18682_19366ازْدِرَاءُ الْكُفَّارِ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، لِلْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) :
كَانَ الْمَلَأُ الْمُسْتَكْبِرُونَ مِنَ الْأَقْوَامِ ، الْمَغْرُورُونَ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ ، هُمْ أَوَّلُ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ آيَاتِ رَبِّهِمْ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ ، لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ فِي اتِّبَاعِهِمْ لَهُمْ غَضًّا مِنْ عَظَمَتِهِمْ ، وَخَفْضًا مِنْ عُلُوِّ رِيَاسَتِهِمْ ، وَوُقُوفًا مَعَ الدَّهْمَاءِ ، حَتَّى الْفُقَرَاءِ وَالضُّعَفَاءِ ، فِي صَفِّ التَّابِعِينَ لِأُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَجَعْلِهِمْ مِثْلَهُمْ مَرْءُوسِينَ لَهُمْ ، كَمَا حَكَاهُ التَّنْزِيلُ عَنْ جَوَابِ مَلَأِ
فِرْعَوْنَ لِمُوسَى وَأَخِيهِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - بِقَوْلِهِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=28982قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ - 10 : 78 ؟
[ ص: 186 ] كَمَا كَانَ الَّذِينَ يَسْبِقُونَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَكَذَا الْوَسَطُ ، وَلِهَذَا كَانَ الْكُبَرَاءُ الْمُسْتَكْبِرُونَ يَزْدَادُونَ إِعْرَاضًا عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَدَاوَةً لَهُمْ كَمَا بَيَّنَهُ التَّنْزِيلُ مِرَارًا وَتَكْرَارًا ، وَمِنْهُ قِصَّةُ
نُوحٍ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=27وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ - إِلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=31وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا - 27 - 31 وَمِنْهُ تَهْدِيدُ
مَدْيَنَ لِرَسُولِهِمْ
شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالرَّجْمِ هُنَا لَوْلَا رَهْطُهُ ، وَتَهْدِيدُهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِالنَّفْيِ وَالْإِخْرَاجِ مِنْ أَرْضِهِمْ ، وَمِنْهُ تَهْدِيدُ
فِرْعَوْنَ لِمُوسَى وَأَخِيهِ ، وَمَا فَعَلَهُ مُشْرِكُو
مَكَّةَ بِرَسُولِ اللَّهِ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مِنَ التَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ أَوِ الْحَبْسِ أَوِ الْإِخْرَاجِ مِنْ وَطَنِهِ ، وَقَدْ فَعَلُوا مَا اسْتَطَاعُوا ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ بِدُعَاةِ الْإِصْلَاحِ وَكُلِّ مَنْ يُرْشِدُ الشُّعُوبَ إِلَى مُقَاوَمَةِ الظُّلْمِ وَالِاسْتِبْدَادِ ، وَالرِّيَاسَةِ الطَّاغِيَةِ الْمُتَكَبِّرَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ .
فَهَذَا الْإِرْشَادُ الرَّبَّانِيُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَامٌّ دَائِمٌ لَا نِهَايَةَ لَهُ ، وَلَا غِنَى عَنْهُ . وَقَدْ غَفَلَ أَهْلُ الْقُرْآنِ عَنْهُ .