( أصول التشريع في الإسلام )
المعروف عند جمهور أهل السنة أن أصول التشريع الأساسية أربعة :
( 1 ) ، وعدها بعضهم خمسمائة آية للعبادات والمعاملات ، والظاهر أنهم يعنون الصريح منها وأكثرها في الأمور الدينية ؛ لأن أكثر أمور الدنيا موكولة إلى عرف الناس واجتهادهم . القرآن المجيد والمشهور عند علماء الأصول أن آيات الأحكام العملية فيه من دينية وقضائية وسياسية لا تبلغ عشر آياته
( 2 ) ما ، وقالوا أيضا إن أحاديث الأحكام الأصول خمسمائة حديث تمدها أربعة آلاف فيما أذكر . سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للعمل والقضاء به من بيان لكتاب الله تعالى
( 3 ) إجماع الأمة ، واتفق الأئمة على في الدينيات ، وفي إجماع المجتهدين بعدهم تفصيل . الاحتجاج بإجماع الصحابة
( 4 ) ، وخصه بعض الفقهاء ( بالقياس ) وأنكر بعضهم القياس وقيده آخرون كما فصلنا ذلك في تفسير آية ( 5 : 101 ) . اجتهاد الأئمة والأمراء والقضاة والقواد في الأمور القضائية والسياسية والإدارية والحربية
وورد في هذا الترتيب أحاديث وآثار تدل على العمل به في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين ( منها ) حديث معاذ اليمن قال له : ( ( كيف تصنع إذا عرض لك قضاء ؟ ) ) قال : أقضي بما في كتاب الله ، قال : فإن لم يكن في كتاب الله ) ) ؟ قال : فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : ( ( فإن لم يكن في سنة رسول الله ) ) قال : أجتهد رأيي لا آلو . قال معاذ : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدري ثم قال : ( ( الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ) رواه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى أبو داود من طريق والترمذي الحارث بن عمرو وفيه مقال وله شواهد ، وأما العمل بهذا الترتيب فهو معروف عن الخلفاء الراشدين ، وقد بيناه في محله وبه أمر عمر - رضي الله عنه - قاضيه شريحا في كتابه المشهور في القضاء ، ولكن الفقهاء يقدمون الإجماع حتى العرفي عند علماء الأصول - وهو مختلف فيه - على النص .
والأصل في شرعية اجتهاد الرأي للحكام حديث ( ( ) ) رواه الجماعة كلهم . إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد
بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي أمراء الجيوش والسرايا حق الحكم بما يرون فيه المصلحة بقوله للواحد منهم : ( ( ) ) رواه وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك على أن تنزلهم على حكم [ ص: 221 ] الله فلا تنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا أحمد ومسلم والترمذي من حديث وابن ماجه بريدة . وقال مثل ذلك في إنزالهم على ذمة الأمير دون ذمة الله ورسوله لئلا يخفرها .