[ ص: 108 ] ( ) شواهد ذم القرآن النزيه للكفار والمنافقين
( 1 - 4 ) وصف المشركين في الآيات ( 8 - 10 ) بأنهم لا يرقبون ولا يراعون في أحد من المؤمنين إلا ولا ذمة ، حتى قطعوا أرحامهم بهم خلافا لعاداتهم في عصبية النسب ، وأنهم يصدون عن سبيل الله ، وأن أكثرهم فاسقون ، وأنهم هم المعتدون .
( 5 ) قوله تعالى في منعهم عن عمارة المسجد الحرام وغيره ومن التعبد فيه : ( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ) ( 9 : 17 ) .
( 6 ) قوله تعالى : ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) ( 9 : 28 ) وكانت نجاستهم معنوية وهي الشرك وخرافاته ، وحسية إذا كانوا يأكلون الميتة ، ولا يدينون بالطهارة من النجاسة ولا الحيض والجنابة .
( 7 - 10 ) وصف كفار أهل الكتاب في الآية ( 30 ) بأنهم باتخاذ ابن لله سبحانه يضاهئون قول الذين كفروا من قبلهم كوثني قدماء الهند والمصريين ، وقوله : ( قاتلهم الله أنى يؤفكون ) ( 9 : 30 ) ووصفهم في الآية ( 31 ) بأنهم : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) وفي الآية ( 32 ) بأنهم ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ) أي بكلامهم الباطل في الصد عن الإسلام ، وفي الآية ( 34 ) بأن كثيرا من أحبارهم ورهبانهم يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله . وكل هذه الصفات ظاهرة معروفة في تاريخهم الماضي وسيرتهم في هذا الزمان ، ومن دقائق الصدق في القرآن الحكم في مثل هذا الكثير منهم دون الجميع كما قال في المشركين : ( وأكثرهم فاسقون ) ( 9 : 8 ) ولم يعهد مثل هذا التحري في كلام البشر .
وأما وصفه لشرور المنافقين وذمهم فيها فنلخصه فيما يأتي تابعا في العدد لما قبله .
( 11 ) ذكر في تبوك وبيان ما يكون شأنهم لو خرجوا من ابتغاء الفتنة والإفساد بين المؤمنين بالتثبيط وغيره ، ولم يزد فيها على قوله فيهم : ( استئذان المنافقين واعتذارهم عن الخروج إلى غزوة والله عليم بالظالمين ) ( 9 : 47 ) وقوله : ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) ( 9 : 49 ) ( راجع الآيات 42 - 49 ) .
( 12 و 13 ) تعليل عدم قبول نفقاتهم في الآية ( 53 ) بفسقهم ، وقوله بعده : ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون ) ( 9 : 54 ) .
( 14 و 15 ) وصفهم بعد إثبات استهزائهم فيما بينهم بالله وآياته ورسله واعتذارهم عنه [ ص: 109 ] بقولهم : ( إنما كنا نخوض ونلعب ) ( 9 : 65 ) بأنهم كفروا بعد إيمانهم وأنهم كانوا مجرمين ، ثم قال بعد ذكر صفاتهم العامة من الآية : ( نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) ( 9 : 67 ) أي الخارجون من محيط هداية الدين وسلامة الفطرة .
( 16 ) قوله في لمزهم وعيبهم للمتطوعين من المؤمنين في الصدقات وسخريتهم منهم في الآية ( سخر الله منهم ولهم عذاب أليم ) ( 9 : 79 ) وهذا التعبير يسمى بالمشاكلة أي عاقبهم بمثل جرمهم فجعلهم سخرية للمؤمنين بما فضح به نفاقهم الذي كانوا يخفونه .
( 17 ) قوله في تعليل عدم غفران الله لهم : ( ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ) ( 9 : 80 ) وقوله في هذا المعنى : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ) ( 9 : 84 ) وقد نزل هذا في زعيمهم عبد الله بن أبي ابن سلول ، ولكن جعل حكم النهي عاما .
( 18 و 19 ) أشد ما وصفهم به في الآية ( 95 ) أنهم رجس ، وأنه كلما نزلت سورة من القرآن زادتهم رجسا إلى رجسهم ، حتى ماتوا على كفرهم كما في الآية ( 125 ) وأنهم عند نزولها ينصرفون من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - عند غفلة المؤمنين عنهم ثم قال : ( صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ) أي صرف الله قلوبهم عن الاهتداء بها بسبب أنهم لا يفقهون ما فيها من البينات والهدى بمقتضى سنته في ارتباط الأسباب بمسبباتها وهذا آخر ما ذكروا به في هذه السورة من الآية 127 .
فأنت ترى أن كل ما وصفوا به بيان لحقيقة حالهم بأنزه تعبير يدل عليه مقرونا بتلك الأعمال القبيحة والأخلاق السافلة والسرائر التي هي شر منها ، وأن المراد بوصفهم التنفير منه لإعداد من فيه استعدادا لقبول الحق بالرجوع إليه ، وقد تاب أكثرهم ولله الحمد .