قوله تعالى : إنهم كانوا قوم سوء فاسقين ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين .
قوله : ولوطا [ 21 ] منصوب بفعل مضمر وجوبا يفسره آتيناه كما قال في الخلاصة :
فالسابق انصبه بفعل أضمرا حتما موافق لما قد أظهرا قال القرطبي في تفسير هذه الآية : الحكم : النبوة . والعلم : المعرفة بأمر الدين ، وما يقع به الحكم بين الخصوم . وقيل : علما : فهما . وقال : حكما : حكمة ، وهو ما يجب فعله ، أو فصلا بين الخصوم ، وقيل : هو النبوة . الزمخشري
قال مقيده - عفا الله عنه - : أصل الحكم في اللغة : المنع كما هو معروف . فمعنى الآيات أن الله آتاه من النبوة والعلم ما يمنع أقواله وأفعاله من أن يعتريها الخلل . والقرية التي كانت تعمل الخبائث هي سدوم وأعمالها ، والخبائث التي كانت تعملها جاءت موضحة في آيات من كتاب الله :
منها : اللواط ، وأنهم هم أول من فعله من الناس ، كما قال تعالى : أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين [ 7 \ 80 ] وقال : أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون [ 26 \ 165 - 166 ] ومن الخبائث المذكورة إتيانهم المنكر في ناديهم ، وقطعهم الطريق ، كما قال تعالى : أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر الآية [ 29 \ 29 ] . ومن أعظم خبائثهم : تكذيب نبي الله لوط ، وتهديدهم له بالإخراج من الوطن كما قال تعالى عنهم : قالوا لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين [ 26 \ 167 ] وقال تعالى : فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون [ 27 \ 56 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقد بين الله في مواضع متعددة من كتابه أنه أهلكهم فقلب بهم بلدهم ، وأمطر عليهم حجارة من سجيل ، كما قال تعالى : فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل [ 15 ] والآيات بنحو ذلك كثيرة . والخبائث : جمع خبيثة ، وهي الفعلة السيئة ، كالكفر واللواط ، وما جرى مجرى ذلك .
[ ص: 169 ] وقوله : قوم سوء أي : أصحاب عمل سيئ ، ولهم عند الله جزاء يسوءهم ، وقوله : فاسقين أي : خارجين عن طاعة الله . وقوله : وأدخلناه يعني لوطا في رحمتنا شامل لنجاته من عذابهم الذي أصابهم ، وشامل لإدخاله إياه في رحمته التي هي الجنة ، كما في الحديث الصحيح : . الحديث . وفيه : " تحاجت النار والجنة " . " فقال للجنة : أنت رحمتي أرحم بها من أشاء من عبادي "