عبد الغني
الإمام العالم الحافظ الكبير الصادق القدوة العابد الأثري المتبع [ ص: 444 ] عالم الحفاظ تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي المنشأ الصالحي الحنبلي ، صاحب " الأحكام الكبرى " و " الصغرى " .
قرأت سيرته في جزئين جمع الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله المقدسي على الشيخ عبد الحميد بن أحمد البناء بسماعه عام ستة وعشرين وستمائة من المؤلف فعامة ما أورده فمنها .
قال : ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة بجماعيل أظنه في ربيع الآخر ، قالت والدتي هو أكبر من أخيها الشيخ الموفق بأربعة أشهر ، والموفق ولد في شعبان .
سمع الكثير بدمشق ، والإسكندرية ، وبيت المقدس ، ومصر ، وبغداد ، وحران ، والموصل ، وأصبهان ، وهمذان ، وكتب الكثير .
سمع أبا الفتح بن البطي ، وأبا الحسن علي بن رباح الفراء ، والشيخ ، عبد القادر الجيلي وهبة الله بن هلال الدقاق ، وأبا زرعة المقدسي ومعمر بن الفاخر ، وأحمد بن المقرب ، ويحيى بن ثابت ، وأبا بكر بن [ ص: 445 ] النقور ، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي ، وعدة ببغداد ، والحافظ أبا طاهر السلفي فكتب عنه نحوا من ألف جزء ، وبدمشق أبا المكارم بن هلال ، وسلمان بن علي الرحبي ، وأبا المعالي بن صابر ، وعدة . وبمصر محمد بن علي الرحبي ، وعبد الله بن بري ، وطائفة ، وبأصبهان الحافظ أبا موسى ، المديني ، وأبا الوفاء محمود بن حمكا ، وأبا الفتح الخرقي ، وابن ينال الترك ومحمد بن عبد الواحد الصائغ ، وحبيب بن إبراهيم الصوفي ، وبالموصل أبا الفضل الطوسي ، وطائفة .
ولم يزل يطلب ويسمع ويكتب ، ويسهر ، ويدأب ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويتقي الله ، ويتعبد ويصوم ، ويتهجد ، وينشر العلم إلى أن مات .
رحل إلى بغداد مرتين ، وإلى مصر مرتين ; سافر إلى بغداد هو وابن خاله الشيخ الموفق في أول سنة إحدى وستين فكانا يخرجان معا ويذهب أحدهما في صحبة رفيقه إلى درسه وسماعه ، كانا شابين مختطين وخوفهما الناس من أهل بغداد .
وكان الحافظ ميله إلى الحديث والموفق يريد الفقه ، فتفقه الحافظ وسمع الموفق معه الكثير ، فلما رآهما العقلاء على التصون وقلة المخالطة أحبوهما ، وأحسنوا إليهما ، وحصلا علما جما ، فأقاما ببغداد نحو أربع سنين ، ونزلا أولا عند الشيخ عبد القادر فأحسن إليهما ، ثم مات بعد قدومهما بخمسين ليلة ، ثم اشتغلا بالفقه والخلاف على ابن المنى .
ورحل الحافظ إلى السلفي في سنة ست وستين ، فأقام مدة ، ثم رحل أيضا إلى السلفي سنة [ ص: 446 ] سبعين . ثم سافر سنة نيف وسبعين إلى أصبهان ، فأقام بها مدة ، وحصل الكتب الجيدة .
قال الضياء : وكان ليس بالأبيض الأمهق بل يميل إلى السمرة ، حسن الشعر كث اللحية ، واسع الجبين ، عظيم الخلق ، تام القامة ، كأن النور يخرج من وجهه ، وكان قد ضعف بصره من البكاء والنسخ والمطالعة .
قلت : حدث عنه الشيخ موفق الدين ، والحافظ عز الدين محمد والحافظ أبو موسى عبد الله والفقيه أبو سليمان ، أولاده ، والحافظ الضياء ، والخطيب سليمان بن رحمة الأسعردي ، والبهاء عبد الرحمن ، والشيخ الفقيه محمد اليونيني ، والزين بن عبد الدائم ، وأبو الحجاج بن خليل ، والتقي اليلداني ، والشهاب القوصي ، وعبد العزيز بن عبد الجبار القلانسي ، والواعظ عثمان بن مكي الشارعي وأحمد بن حامد الأرتاحي ، وإسماعيل بن عبد القوي بن عزون ، وأبو عيسى عبد الله بن علاق الرزاز ، وخلق آخرهم موتا سعد الدين محمد بن مهلهل الجيني . وروى عنه بالإجازة شيخنا أحمد بن أبي الخير الحداد .