الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1843 باب حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن إسماعيل بن عبيد الله حدثه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ) كذا للأكثر بغير ترجمة ، وسقط من رواية النسفي ، وعلى الحالين لا بد أن يكون لحديث أبي الدرداء المذكور فيه تعلق بالترجمة ، ووجهه ما وقع من إفطار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان في السفر بمحضر منه ، ولم ينكر عليهم ، فدل على الجواز ، وعلى رد قول من قال : من سافر في شهر رمضان امتنع عليه الفطر . قوله : ( عن أم الدرداء ) في رواية أبي داود من طريق سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله ، وهو ابن أبي المهاجر الدمشقي " حدثتني أم الدرداء " والإسناد كله شاميون سوى شيخ البخاري وقد دخل الشام ، وأم الدرداء هي الصغرى التابعية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ) في رواية مسلم من طريق سعيد بن عبد العزيز أيضا " خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان في حر شديد " الحديث ، وبهذه الزيادة يتم المراد من الاستدلال ، ويتوجه الرد بها على أبي محمد بن حزم في زعمه أن حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه ؛ لاحتمال أن يكون ذلك الصوم تطوعا ، وقد كنت ظننت أن هذه السفرة غزوة الفتح لما رأيت في " الموطأ " من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن عن رجل من الصحابة قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرج في الحر ، وهو يصب على رأسه الماء - وهو صائم - من العطش ومن الحر ، فلما بلغ الكديد أفطر ، فإنه يدل على أن غزاة الفتح كانت في أيام شدة الحر ، وقد اتفقت الروايتان على أن كلا من السفرتين كان في رمضان ، لكنني رجعت عن ذلك وعرفت أنه ليس بصواب ؛ لأن عبد الله بن رواحة استشهد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف ، وإن كانتا جميعا في سنة واحدة ، وقد استثناه أبو الدرداء في هذه السفرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصح أنها كانت سفرة أخرى . وأيضا فإن في سياق أحاديث غزوة الفتح أن الذين استمروا من الصحابة صياما كانوا جماعة ، وفي هذا أنه عبد الله بن رواحة وحده . وأخرج الترمذي من حديث عمر " غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان يوم بدر ويوم الفتح " الحديث ، ولا يصح حمله أيضا على بدر ؛ لأن أبا الدرداء لم يكن حينئذ أسلم ، وفي الحديث دليل على أن لا كراهية في الصوم في السفر لمن قوي عليه ولم يصبه منه مشقة شديدة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية