[ ص: 511 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28985_31756_31763_31759_32409_29485_32412الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار ( 32 )
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=33وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار ( 33 )
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ( 34 ) )
يعدد تعالى نعمه على خلقه ، بأن خلق لهم السماوات سقفا محفوظا والأرض فراشا ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به أزواجا من نبات شتى ، ما بين ثمار وزروع ، مختلفة الألوان والأشكال ، والطعوم والروائح والمنافع ، وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحر ، تجري عليه بأمر الله تعالى ، وسخر البحر يحملها ليقطع المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر ، لجلب ما هنا إلى هناك ، وما هناك إلى هاهنا ، وسخر الأنهار تشق الأرض من قطر إلى قطر ، رزقا للعباد من شرب وسقي وغير ذلك من أنواع المنافع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=33وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) أي : يسيران لا يقران ليلا ولا نهارا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) [ الأعراف : 54 ] فالشمس والقمر يتعاقبان ، والليل والنهار عارضان فتارة يأخذ هذا من هذا فيطول ، ثم يأخذ الآخر من هذا فيقصر ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=29يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ) [ لقمان : 29 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ) [ الزمر : 5 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وآتاكم من كل ما سألتموه ) يقول : هيأ لكم كل ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم مما تسألونه بحالكم وقالكم .
وقال بعض السلف : من كل ما سألتموه وما لم تسألوه .
وقرأ بعضهم : " وأتاكم من كل ما سألتموه " .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) يخبر عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلا عن القيام بشكرها ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب - رحمه الله - : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد ، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين .
[ ص: 512 ]
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823781 " اللهم ، لك الحمد غير مكفي ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ربنا " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13863الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا
إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا
داود بن المحبر ، حدثنا
صالح المري عن
جعفر بن زيد العبدي ، عن
أنس ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825568عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين ، ديوان فيه العمل الصالح ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه النعم من الله تعالى عليه . فيقول الله لأصغر نعمه - أحسبه قال في ديوان النعم - خذي ثمنك من عمله الصالح ، فتستوعب عمله الصالح كله ، ثم تنحى وتقول : وعزتك ما استوفيت . وتبقى الذنوب والنعم فإذا أراد الله أن يرحم قال : يا عبدي ، قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك - أحسبه قال : ووهبت لك نعمي - . غريب ، وسنده ضعيف .
وقد روي في الأثر : أن
داود - عليه السلام - قال : يا رب ، كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك علي ؟ فقال الله تعالى : الآن شكرتني يا
داود ، أي : حين اعترفت بالتقصير عن أداء
nindex.php?page=treesubj&link=19614_20698_33147شكر النعم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه ، إلا بنعمة توجب على مؤدي ماضي نعمه بأدائها نعمة حادثة توجب عليه شكره بها .
وقال القائل في ذلك :
لو كل جارحة مني لها لغة تثني عليك بما أوليت من حسن لكان ما زاد شكري إذ شكرت به
إليك أبلغ في الإحسان والمنن
[ ص: 511 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28985_31756_31763_31759_32409_29485_32412اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ( 32 )
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=33وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ( 33 )
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ( 34 ) )
يُعَدِّدُ تَعَالَى نِعَمَهُ عَلَى خَلْقِهِ ، بِأَنْ خَلَقَ لَهُمُ السَّمَاوَاتِ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَالْأَرْضَ فِرَاشًا ، وأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ، مَا بَيْنَ ثِمَارٍ وَزُرُوعٍ ، مُخْتَلِفَةِ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْكَالِ ، وَالطُّعُومِ وَالرَّوَائِحِ وَالْمَنَافِعِ ، وَسَخَّرَ الْفُلْكَ بِأَنْ جَعْلَهَا طَافِيَةً عَلَى تَيَّارِ مَاءِ الْبَحْرِ ، تَجْرِي عَلَيْهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَسَخَّرَ الْبَحْرَ يَحْمِلُهَا لِيَقْطَعَ الْمُسَافِرُونَ بِهَا مِنْ إِقْلِيمٍ إِلَى إِقْلِيمٍ آخَرَ ، لِجَلْبِ مَا هُنَا إِلَى هُنَاكَ ، وَمَا هُنَاكَ إِلَى هَاهُنَا ، وَسَخَّرَ الْأَنْهَارَ تَشُقُّ الْأَرْضَ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ ، رِزْقًا لِلْعِبَادِ مَنْ شُرْبٍ وَسَقْيٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَافِعِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=33وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ) أَيْ : يَسِيرَانِ لَا يُقِرَّانِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=40لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) [ يس : 40 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) [ الْأَعْرَافِ : 54 ] فَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَتَعَاقَبَانِ ، وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ عَارِضَانِ فَتَارَةً يَأْخُذُ هَذَا مِنْ هَذَا فَيَطُولُ ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْآخَرُ مِنْ هَذَا فَيَقْصُرُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=29يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) [ لُقْمَانَ : 29 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ) [ الزُّمَرِ : 5 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ) يَقُولُ : هَيَّأَ لَكُمْ كُلَّ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكُمْ مِمَّا تَسْأَلُونَهُ بِحَالِكُمْ وَقَالِكُمْ .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَمَا لَمْ تَسْأَلُوهُ .
وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ : " وَأَتَاكُمْ مِنْ كُلٍّ مَا سَأَلْتُمُوهُ " .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ) يُخْبِرُ عَنْ عَجْزِ الْعِبَادِ عَنْ تَعْدَادِ النِّعَمِ فَضْلًا عَنِ الْقِيَامِ بِشُكْرِهَا ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16259طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : إِنَّ حَقَّ اللَّهِ أَثْقَلُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهِ الْعِبَادُ ، وَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعِبَادُ ، وَلَكِنْ أَصْبِحُوا تَوَّابِينَ وَأَمْسُوا تَوَّابِينَ .
[ ص: 512 ]
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823781 " اللَّهُمَّ ، لَكَ الْحَمْدُ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُودَّعٍ ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13863الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ ، حَدَّثَنَا
دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ ، حَدَّثَنَا
صَالِحٌ الْمُرْيُّ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ
أَنَسٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825568عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : " يَخْرُجُ لِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةُ دَوَاوِينَ ، دِيوَانٌ فِيهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ ، وَدِيوَانٌ فِيهِ ذُنُوبُهُ ، وَدِيوَانٌ فِيهِ النِّعَمُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ . فَيَقُولُ اللَّهُ لِأَصْغَرِ نِعَمِهِ - أَحْسَبَهُ قَالَ فِي دِيوَانِ النِّعَمِ - خُذِي ثَمَنَكِ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ ، فَتَسْتَوْعِبُ عَمَلَهُ الصَّالِحَ كُلَّهُ ، ثُمَّ تَنَحَّى وَتَقُولُ : وَعِزَّتِكَ مَا اسْتَوْفَيْتُ . وَتَبْقَى الذُّنُوبُ وَالنِّعَمُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَ قَالَ : يَا عَبْدِي ، قَدْ ضَاعَفْتُ لَكَ حَسَنَاتَكَ وَتَجَاوَزْتُ عَنْ سَيِّئَاتِكَ - أَحْسَبُهُ قَالَ : وَوَهَبْتُ لَكَ نِعَمِي - . غَرِيبٌ ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ .
وَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَثَرِ : أَنَّ
دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أَشْكُرُكَ وَشُكْرِي لَكَ نِعْمَةٌ مِنْكَ عَلَيَّ ؟ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : الْآنَ شَكَرْتَنِي يَا
دَاوُدُ ، أَيْ : حِينَ اعْتَرَفْتَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ أَدَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=19614_20698_33147شُكْرِ النِّعَمِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يُؤَدَّى شُكْرُ نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِهِ ، إِلَّا بِنِعْمَةٍ تُوجِبُ عَلَى مُؤَدِّي مَاضِي نِعَمِهِ بِأَدَائِهَا نِعْمَةً حَادِثَةً تُوجِبُ عَلَيْهِ شُكْرَهُ بِهَا .
وَقَالَ الْقَائِلُ فِي ذَلِكَ :
لَوْ كُلُّ جَارِحَةٍ مِنِّي لَهَا لُغَةٌ تُثْنِي عَلَيكَ بِمَا أَوْلَيتَ مِنْ حَسَنِ لَكَانَ مَا زَادَ شُكْرِي إِذْ شَكَرْتُ بِهِ
إِلَيْكَ أَبْلُغَ فِي الْإِحْسَانِ وَالْمِنَنِ