(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98nindex.php?page=treesubj&link=31975فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ( 98 ) )
[ ص: 297 ]
يقول تعالى : فهلا كانت قرية آمنت بكمالها من الأمم السالفة الذين بعثنا إليهم الرسل ، بل ما أرسلنا من قبلك يا
محمد من رسول إلا كذبه قومه ، أو أكثرهم كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=30ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) [ يس : 30 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ) [ الذاريات : 52 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) [ الزخرف : 23 ] وفي الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825492 " عرض علي الأنبياء ، فجعل النبي يمر ومعه الفئام من الناس ، والنبي معه الرجل والنبي معه الرجلان ، والنبي ليس معه أحد " ثم ذكر كثرة أتباع موسى ، عليه السلام ، ثم ذكر كثرة أمته ، صلوات الله وسلامه عليه ، كثرة سدت الخافقين الشرقي والغربي .
والغرض أنه لم توجد قرية آمنت بكمالها بنبيهم ممن سلف من القرى ، إلا قوم
يونس ، وهم أهل
نينوى ، وما كان إيمانهم إلا خوفا من وصول العذاب الذي أنذرهم به رسولهم ، بعد ما عاينوا أسبابه ، وخرج رسولهم من بين أظهرهم ، فعندها جأروا إلى الله واستغاثوا به ، وتضرعوا لديه . واستكانوا وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم ، وسألوا الله تعالى أن يرفع عنهم العذاب الذي أنذرهم به نبيهم . فعندها رحمهم الله ، وكشف عنهم العذاب وأخروا ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) .
واختلف المفسرون : هل كشف عنهم العذاب الأخروي مع الدنيوي ؟ أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقط ؟ على قولين ، أحدهما : إنما كان ذلك في الحياة الدنيا ، كما هو مقيد في هذه الآية . والقول الثاني فيهما لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين ) [ الصافات : 147 ، 148 ] فأطلق عليهم الإيمان ، والإيمان منقذ من العذاب الأخروي ، وهذا هو الظاهر ، والله أعلم .
قال
قتادة في تفسير هذه الآية : لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب ، فتركت ، إلا قوم
يونس ، لما فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم ، قذف الله في قلوبهم التوبة ، ولبسوا المسوح ، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة . فلما عرف الله منهم الصدق من قلوبهم ، والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم - قال
قتادة : وذكر أن قوم
يونس كانوا
بنينوى أرض
الموصل .
وكذا روي عن
ابن مسعود ،
ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وغير واحد من السلف ، وكان
ابن مسعود يقرؤها : " فهلا كانت قرية آمنت " .
[ ص: 298 ]
وقال
أبو عمران ، عن
أبي الجلد قال : لما نزل بهم العذاب ، جعل يدور على رءوسهم كقطع الليل المظلم ، فمشوا إلى رجل من علمائهم فقالوا : علمنا دعاء ندعوا به ، لعل الله يكشف عنا العذاب ، فقال : قولوا : يا حي حين لا حي ، يا محيي الموتى لا إله إلا أنت . قال : فكشف عنهم العذاب .
وتمام القصة سيأتي مفصلا في سورة الصافات إن شاء الله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98nindex.php?page=treesubj&link=31975فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ( 98 ) )
[ ص: 297 ]
يَقُولُ تَعَالَى : فَهَلَّا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ بِكَمَالِهَا مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ الَّذِينَ بَعَثْنَا إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ ، بَلْ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ يَا
مُحَمَّدُ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَذَّبَهُ قَوْمُهُ ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=30يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) [ يس : 30 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=52كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ) [ الذَّارِيَاتِ : 52 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) [ الزُّخْرُفِ : 23 ] وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825492 " عُرِضَ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الْفِئَامُ مِنَ النَّاسِ ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ " ثُمَّ ذَكَرَ كَثْرَةَ أَتْبَاعِ مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَثْرَةَ أُمَّتِهِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، كَثْرَةً سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ الشَّرْقِيَّ وَالْغَرْبِيَّ .
وَالْغَرَضُ أَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ بِكَمَالِهَا بِنَبِيِّهِمْ مِمَّنْ سَلَفَ مِنَ الْقُرَى ، إِلَّا قَوْمَ
يُونُسَ ، وَهُمْ أَهْلُ
نِينَوَى ، وَمَا كَانَ إِيمَانُهُمْ إِلَّا خَوْفًا مِنْ وُصُولِ الْعَذَابِ الَّذِي أَنْذَرَهُمْ بِهِ رَسُولُهُمْ ، بَعْدَ مَا عَايَنُوا أَسْبَابَهُ ، وَخَرَجَ رَسُولُهُمْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ ، فَعِنْدَهَا جَأَرُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغَاثُوا بِهِ ، وَتَضَرَّعُوا لَدَيْهِ . وَاسْتَكَانُوا وَأَحْضَرُوا أَطْفَالَهُمْ وَدَوَابَّهُمْ وَمَوَاشِيَهُمْ ، وَسَأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ الَّذِي أَنْذَرَهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ . فَعِنْدَهَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، وَكَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ وَأُخِّرُوا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) .
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ : هَلْ كُشِفَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ الْأُخْرَوِيُّ مَعَ الدُّنْيَوِيِّ ؟ أَوْ إِنَّمَا كُشِفَ عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، كَمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِيهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) [ الصَّافَّاتِ : 147 ، 148 ] فَأَطْلَقَ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانَ ، وَالْإِيمَانُ مُنْقِذٌ مِنَ الْعَذَابِ الْأُخْرَوِيِّ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
قَتَادَةُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : لَمْ يَنْفَعْ قَرْيَةً كَفَرَتْ ثُمَّ آمَنَتْ حِينَ حَضَرَهَا الْعَذَابُ ، فَتُرِكَتْ ، إِلَّا قَوْمَ
يُونُسَ ، لَمَّا فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ وَظَنُّوا أَنَّ الْعَذَابَ قَدْ دَنَا مِنْهُمْ ، قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ التَّوْبَةَ ، وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ بَهِيمَةٍ وَوَلَدِهَا ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً . فَلَمَّا عَرَفَ اللَّهُ مِنْهُمُ الصِّدْقَ مِنْ قُلُوبِهِمْ ، وَالتَّوْبَةَ وَالنَّدَامَةَ عَلَى مَا مَضَى مِنْهُمْ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ بَعْدَ أَنْ تَدَلَّى عَلَيْهِمْ - قَالَ
قَتَادَةُ : وَذَكَرَ أَنَّ قَوْمَ
يُونُسَ كَانُوا
بِنِينَوَى أَرْضِ
الْمَوْصِلِ .
وَكَذَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ ، وَكَانَ
ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَؤُهَا : " فَهَلَّا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ " .
[ ص: 298 ]
وَقَالَ
أَبُو عِمْرَانَ ، عَنْ
أَبِي الْجَلْدِ قَالَ : لَمَّا نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ ، جَعَلَ يَدُورُ عَلَى رُءُوسِهِمْ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، فَمَشَوْا إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالُوا : عَلِّمْنَا دُعَاءً نَدْعُوا بِهِ ، لَعَلَّ اللَّهَ يَكْشِفُ عَنَّا الْعَذَابَ ، فَقَالَ : قُولُوا : يَا حَيُّ حِينَ لَا حَيَّ ، يَا مُحْيِي الْمَوْتَى لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ . قَالَ : فَكَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ .
وَتَمَامُ الْقِصَّةِ سَيَأْتِي مُفَصَّلًا فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .