(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=31917_31916وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ( 90 )
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ( 91 )
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ( 92 ) )
يذكر تعالى كيفية إغراقه
فرعون وجنوده ؛ فإن بني إسرائيل لما خرجوا من
مصر صحبة
موسى ، عليه السلام ، وهم - فيما قيل - ستمائة ألف مقاتل سوى الذرية ، وقد كانوا استعاروا من القبط حليا كثيرا ، فخرجوا به معهم ، فاشتد حنق
فرعون عليهم ، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه ، فركب وراءهم في أبهة عظيمة ، وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم ، ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته ، فلحقوهم وقت شروق الشمس ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=61فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ) [ الشعراء : 61 ] وذلك أنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر ، وأدركهم فرعون ، ولم يبق إلا أن يتقاتل الجمعان ، وألح أصحاب موسى ، عليه السلام ، عليه في السؤال كيف المخلص مما نحن فيه ؟ فيقول : إني أمرت أن أسلك هاهنا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=62كلا إن معي ربي سيهدين ) [ الشعراء : 62 ]
[ ص: 292 ] فعندما ضاق الأمر اتسع ، فأمره الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه ، فضربه فانفلق البحر ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63فكان كل فرق كالطود العظيم ) [ الشعراء : 63 ] أي : كالجبل العظيم ، وصار اثني عشر طريقا ، لكل سبط واحد . وأمر الله الريح فنشفت أرضه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=77فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ) [ طه : 77 ] وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك ، ليرى كل قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا . وجازت بنو إسرائيل البحر ، فلما خرج آخرهم منه انتهى
فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى ، وهو في مائة ألف أدهم سوى بقية الألوان ، فلما رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهم بالرجوع ، وهيهات ولات حين مناص ، نفذ القدر ، واستجيبت الدعوة . وجاء
جبريل ، عليه السلام ، على فرس - وديق حائل - فمر إلى جانب حصان
فرعون فحمحم إليها وتقدم
جبريل فاقتحم البحر ودخله ، فاقتحم الحصان وراءه ، ولم يبق
فرعون يملك من نفسه شيئا ، فتجلد لأمرائه ، وقال لهم : ليس بنو إسرائيل بأحق بالبحر منا ، فاقتحموا كلهم عن آخرهم
وميكائيل في ساقتهم ، لا يترك أحدا منهم ، إلا ألحقه بهم . فلما استوسقوا فيه وتكاملوا ، وهم أولهم بالخروج منه ، أمر الله القدير البحر أن يرتطم عليهم ، فارتطم عليهم ، فلم ينج منهم أحد ، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم ، وتراكمت الأمواج فوق
فرعون ، وغشيته سكرات الموت ، فقال وهو كذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ) فآمن حيث لا ينفعه الإيمان ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=84فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر : 84 ، 85 ] .
وهكذا قال الله تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلآن وقد عصيت قبل ) أي : أهذا الوقت تقول ، وقد عصيت الله قبل هذا فيما بينك وبينه ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91وكنت من المفسدين ) أي : في الأرض الذين أضلوا الناس ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=41وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ) [ القصص : 41 ]
وهذا الذي حكى الله تعالى عن
فرعون من قوله هذا في حاله ذاك من أسرار الغيب التي أعلم الله بها رسوله ؛ ولهذا قال
الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله :
حدثنا
سليمان بن حرب ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
علي بن زيد ، عن
يوسف بن مهران ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821644 " لما قال فرعون : ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ) قال : قال لي جبريل : [ يا محمد ] لو رأيتني وقد أخذت [ حالا ] من حال البحر ، فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة " [ ص: 293 ]
ورواه
الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم في تفاسيرهم ، من حديث
حماد بن سلمة ، به وقال
الترمذي : حديث حسن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
شعبة ، عن
عدي بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=16571وعطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825489قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال لي جبريل : لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر ، فأدسه في فم فرعون مخافة أن تدركه الرحمة " . وقد رواه
أبو عيسى الترمذي أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير أيضا ، من غير وجه ، عن
شعبة ، به وقال
الترمذي : حسن غريب صحيح .
ووقع في رواية عند
ابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، عن
غندر ، عن
شعبة ، عن
عطاء وعدي ، عن
سعيد ، عن
ابن عباس ، رفعه أحدهما - وكأن الآخر لم يرفعه ، فالله أعلم .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
أبو خالد الأحمر ، عن
عمر بن عبد الله بن يعلى الثقفي ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : لما أغرق الله فرعون ، أشار بأصبعه ورفع صوته : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ) قال : فخاف جبريل أن تسبق رحمة الله فيه غضبه ، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه .
وكذا رواه
ابن جرير ، عن
سفيان بن وكيع ، عن
أبي خالد ، به موقوفا
وقد روي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أيضا ، فقال
ابن جرير :
حدثنا
ابن حميد ، حدثنا
حكام ، عن
عنبسة - هو ابن سعيد - عن
كثير بن زاذان ، عن
أبي حازم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825490قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال لي جبريل : يا محمد ، لو رأيتني وأنا أغطه وأدس من الحال في فيه ، مخافة أن تدركه رحمة الله فيغفر له " يعني :
فرعون كثير بن زاذان هذا قال
ابن معين : لا أعرفه ، وقال
أبو زرعة وأبو حاتم : مجهول ، وباقي رجاله ثقات .
[ ص: 294 ]
وقد أرسل هذا الحديث جماعة من السلف :
قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=12402وإبراهيم التيمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران . ونقل عن
الضحاك بن قيس : أنه خطب بهذا للناس ، فالله أعلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) قال
ابن عباس وغيره من السلف : إن بعض بني إسرائيل شكوا في موت
فرعون ، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده بلا روح ، وعليه درعه المعروفة [ به ] على نجوة من الأرض وهو المكان المرتفع ، ليتحققوا موته وهلاكه ؛ ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92فاليوم ننجيك ) أي : نرفعك على نشز من الأرض ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92ببدنك ) قال
مجاهد : بجسدك . وقال
الحسن : بجسم لا روح فيه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد : سويا صحيحا ، أي : لم يتمزق ليتحققوه ويعرفوه . وقال
أبو صخر : بدرعك
وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها ، كما تقدم ، والله أعلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92لتكون لمن خلفك آية ) أي : لتكون لبني إسرائيل دليلا على موتك وهلاكك ، وأن الله هو القادر الذي ناصية كل دابة بيده ، وأنه لا يقوم لغضبه شيء ؛ ولهذا قرأ بعض السلف : " لتكون لمن خلقك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون " أي : لا يتعظون بها ، ولا يعتبرون . وقد كان [ إهلاك فرعون وملئه ] يوم عاشوراء ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
غندر ، حدثنا
شعبة ، عن
أبي بشر ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821645قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، واليهود تصوم يوم عاشوراء فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أنتم أحق بموسى منهم ، فصوموه "
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=31917_31916وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 90 )
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ( 91 )
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ( 92 ) )
يَذْكُرُ تَعَالَى كَيْفِيَّةَ إِغْرَاقِهِ
فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ ؛ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ
مِصْرَ صُحْبَةَ
مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَهُمْ - فِيمَا قِيلَ - سِتُّمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَى الذُّرِّيَّةِ ، وَقَدْ كَانُوا اسْتَعَارُوا مِنَ الْقِبْطِ حُلِيًّا كَثِيرًا ، فَخَرَجُوا بِهِ مَعَهُمْ ، فَاشْتَدَّ حَنَقُ
فِرْعَوْنَ عَلَيْهِمْ ، فَأَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَجْمَعُونَ لَهُ جُنُودَهُ مِنْ أَقَالِيمِهِ ، فَرَكَبَ وَرَاءَهُمْ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ ، وَجُيُوشٍ هَائِلَةٍ لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ دَوْلَةٌ وَسُلْطَانٌ فِي سَائِرِ مَمْلَكَتِهِ ، فَلَحِقُوهُمْ وَقْتَ شُرُوقِ الشَّمْسِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=61فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) [ الشُّعَرَاءِ : 61 ] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا انْتَهَوْا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ، وَأَدْرَكَهُمْ فِرْعَوْنُ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَتَقَاتَلَ الْجَمْعَانِ ، وَأَلَحَّ أَصْحَابُ مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ كَيْفَ الْمَخْلَصُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ : إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْلُكَ هَاهُنَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=62كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) [ الشُّعَرَاءِ : 62 ]
[ ص: 292 ] فَعِنْدَمَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ ، فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ الْبَحْرُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) [ الشُّعَرَاءِ : 63 ] أَيْ : كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ ، وَصَارَ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقًا ، لِكُلِّ سِبْطٍ وَاحِدٌ . وَأَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَنَشَّفَتْ أَرْضَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=77فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ) [ طه : 77 ] وَتَخَرَّقَ الْمَاءُ بَيْنَ الطُّرُقِ كَهَيْئَةِ الشَّبَابِيكِ ، لِيَرَى كُلُّ قَوْمِ الْآخَرِينَ لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّهُمْ هَلَكُوا . وَجَازَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ، فَلَمَّا خَرَجَ آخِرُهُمْ مِنْهُ انْتَهَى
فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ إِلَى حَافَّتِهِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى ، وَهُوَ فِي مِائَةِ أَلْفِ أَدْهَمَ سِوَى بَقِيَّةِ الْأَلْوَانِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ هَالَهُ وَأَحْجَمَ وَهَابَ وَهَمَّ بِالرُّجُوعِ ، وَهَيْهَاتَ وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ، نَفَذَ الْقَدَرُ ، وَاسْتُجِيبَتِ الدَّعْوَةُ . وَجَاءَ
جِبْرِيلُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عَلَى فَرَسٍ - وَدِيقٍ حَائِلٍ - فَمَرَّ إِلَى جَانِبِ حِصَانِ
فِرْعَوْنَ فَحَمْحَمَ إِلَيْهَا وَتَقَدَّمَ
جِبْرِيلُ فَاقْتَحَمَ الْبَحْرَ وَدَخَلَهُ ، فَاقْتَحَمَ الْحِصَانُ وَرَاءَهُ ، وَلَمْ يَبْقَ
فِرْعَوْنُ يَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا ، فَتَجَلَّدَ لِأُمَرَائِهِ ، وَقَالَ لَهُمْ : لَيْسَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِأَحَقَّ بِالْبَحْرِ مِنَّا ، فَاقْتَحَمُوا كُلُّهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ
وَمِيكَائِيلُ فِي سَاقَتِهِمْ ، لَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْهُمْ ، إِلَّا أَلْحَقَهُ بِهِمْ . فَلَمَّا اسْتَوْسَقُوا فِيهِ وَتَكَامَلُوا ، وَهَمَّ أَوَّلُهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ ، أَمَرَ اللَّهُ الْقَدِيرُ الْبَحْرَ أَنْ يَرْتَطِمَ عَلَيْهِمْ ، فَارْتَطَمَ عَلَيْهِمْ ، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَجَعَلَتِ الْأَمْوَاجُ تَرْفَعُهُمْ وَتَخْفِضُهُمْ ، وَتَرَاكَمَتِ الْأَمْوَاجُ فَوْقَ
فِرْعَوْنَ ، وَغَشِيَتْهُ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فَآمَنَ حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ الْإِيمَانُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=84فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) [ غَافِرٍ : 84 ، 85 ] .
وَهَكَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَوَابِ فِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ مَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ) أَيْ : أَهَذَا الْوَقْتُ تَقُولُ ، وَقَدْ عَصَيْتَ اللَّهَ قَبْلَ هَذَا فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ ؟ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=91وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) أَيْ : فِي الْأَرْضِ الَّذِينَ أَضَلُّوا النَّاسَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=41وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ ) [ الْقَصَصِ : 41 ]
وَهَذَا الَّذِي حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ
فِرْعَوْنَ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا فِي حَالِهِ ذَاكَ مِنْ أَسْرَارِ الْغَيْبِ الَّتِي أَعْلَمَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ ؛ وَلِهَذَا قَالَ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ :
حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ
يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821644 " لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ) قَالَ : قَالَ لِي جِبْرِيلُ : [ يَا مُحَمَّدُ ] لَوْ رَأَيْتَنِي وَقَدْ أَخَذْتُ [ حَالًا ] مِنْ حَالِ الْبَحْرِ ، فَدَسَسْتُهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تَنَالَهُ الرَّحْمَةُ " [ ص: 293 ]
وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفَاسِيرِهِمْ ، مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، بِهِ وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ : حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=16571وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825489قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ لِي جِبْرِيلُ : لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخِذٌ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ ، فَأَدُسُّهُ فِي فَمِ فِرْعَوْنَ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ " . وَقَدْ رَوَاهُ
أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، بِهِ وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ .
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ
ابْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ
غُنْدَرٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ ، عَنْ
عَطَاءٍ وَعَدِيٍّ ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَفَعَهُ أَحَدُهُمَا - وَكَأَنَّ الْآخَرَ لَمْ يَرْفَعْهُ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ، عَنْ
عُمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيِّ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ ، أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ وَرَفَعَ صَوْتَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ) قَالَ : فَخَافَ جِبْرِيلُ أَنْ تَسْبِقَ رَحْمَةُ اللَّهِ فِيهِ غَضَبَهُ ، فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْحَالَ بِجَنَاحَيْهِ فَيَضْرِبُ بِهِ وَجْهَهُ فَيَرْمُسُهُ .
وَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ ، عَنْ
أَبِي خَالِدٍ ، بِهِ مَوْقُوفًا
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا ، فَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا
حَكَّامٌ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ
كَثِيرِ بْنِ زَاذَانَ ، عَنْ
أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825490قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ لِي جِبْرِيلُ : يَا مُحَمَّدُ ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَغُطُّهُ وَأَدُسُّ مِنَ الْحَالِ فِي فِيهِ ، مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ فَيَغْفِرَ لَهُ " يَعْنِي :
فِرْعَوْنَ كَثِيرُ بْنُ زَاذَانَ هَذَا قَالَ
ابْنُ مَعِينٍ : لَا أَعْرِفُهُ ، وَقَالَ
أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ : مَجْهُولٌ ، وَبَاقِي رِجَالِهِ ثِقَاتٌ .
[ ص: 294 ]
وَقَدْ أَرْسَلَ هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ :
قَتَادَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=12402وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17188وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ . وَنُقِلَ عَنِ
الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ : أَنَّهُ خَطَبَ بِهَذَا لِلنَّاسِ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ : إِنَّ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَكُّوا فِي مَوْتِ
فِرْعَوْنَ ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَحْرَ أَنْ يُلْقِيَهُ بِجَسَدِهِ بِلَا رُوحٍ ، وَعَلَيْهِ دِرْعُهُ الْمَعْرُوفَةُ [ بِهِ ] عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ ، لِيَتَحَقَّقُوا مَوْتَهُ وَهَلَاكَهُ ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ ) أَيْ : نَرْفَعُكَ عَلَى نَشَزٍ مِنَ الْأَرْضِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92بِبَدَنِكَ ) قَالَ
مُجَاهِدٌ : بِجَسَدِكَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : بِجِسْمٍ لَا رُوحَ فِيهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16439عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ : سَوِيًّا صَحِيحًا ، أَيْ : لَمْ يَتَمَزَّقْ لِيَتَحَقَّقُوهُ وَيَعْرِفُوهُ . وَقَالَ
أَبُو صَخْرٍ : بِدِرْعِكَ
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=92لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) أَيْ : لِتَكُونَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ دَلِيلًا عَلَى مَوْتِكَ وَهَلَاكِكَ ، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ بِيَدِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَقُومُ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ ؛ وَلِهَذَا قَرَأَ بَعْضُ السَّلَفِ : " لِتَكُونَ لِمَنْ خَلَقَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ " أَيْ : لَا يَتَّعِظُونَ بِهَا ، وَلَا يَعْتَبِرُونَ . وَقَدْ كَانَ [ إِهْلَاكُ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ] يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا
غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821645قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَالْيَهُودُ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالُوا : هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : " أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ ، فَصُومُوهُ "