[ ص: 5 ] تفسير سورة الأنفال .
وهي مدنية ، آياتها سبعون وست آيات ، كلماتها ألف كلمة ، وستمائة كلمة ، وإحدى وثلاثون كلمة ، حروفها خمسة آلاف ومائتان وأربعة وتسعون حرفا ، والله أعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28979_30781يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ( 1 ) )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال
ابن عباس الأنفال : الغنائم : حدثنا
محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا
سعيد بن سليمان ، أخبرنا
هشيم ، أخبرنا
أبو بشر ، عن
سعيد بن جبير ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : سورة الأنفال ؟ قال : نزلت في
بدر .
أما ما علقه عن
ابن عباس ، فكذلك رواه
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس أنه قال : " الأنفال " : الغنائم ، كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالصة ، ليس لأحد منها شيء . وكذا قال
مجاهد ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، والضحاك ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وغير واحد : إنها الغنائم .
وقال
الكلبي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس أنه قال : الأنفال : الغنائم ، قال فيها
لبيد :
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي والعجل
وقال
ابن جرير : حدثني
يونس ، أخبرنا
ابن وهب ، أخبرني
مالك بن أنس ، عن
ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال : سمعت رجلا يسأل
ابن عباس عن الأنفال ، فقال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : الفرس من النفل ، والسلب من النفل . ثم عاد لمسألته ، فقال
ابن عباس ذلك أيضا . ثم قال الرجل : الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي ؟ قال القاسم : فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه ، فقال
ابن عباس : أتدرون ما مثل هذا ، مثل
صبيغ الذي ضربه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال : قال
ابن عباس : كان
[ ص: 6 ] nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا سئل عن شيء قال : لا آمرك ولا أنهاك . ثم قال
ابن عباس : والله ما بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلا زاجرا آمرا محلا محرما . قال
القاسم : فسلط على
ابن عباس رجل يسأله عن الأنفال ، فقال
ابن عباس : كان الرجل ينفل فرس الرجل وسلاحه . فأعاد عليه الرجل ، فقال له مثل ذلك ، ثم أعاد عليه حتى أغضبه ، فقال
ابن عباس : أتدرون ما مثل هذا ؟ مثل
صبيغ الذي ضربه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، حتى سالت الدماء على عقبيه - أو على : رجليه فقال الرجل : أما أنت فقد انتقم الله
لعمر منك .
وهذا إسناد صحيح إلى
ابن عباس : أنه فسر النفل بما ينفله الإمام لبعض الأشخاص من سلب أو نحوه ، بعد قسم أصل المغنم ، وهو المتبادر إلى فهم كثير من الفقهاء من لفظ النفل ، والله أعلم .
وقال
ابن أبي نجيح ،
عن مجاهد : إنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخمس بعد الأربعة الأخماس ، فنزلت : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال ) وقال
ابن مسعود ومسروق : لا نفل يوم الزحف ، إنما النفل قبل التقاء الصفوف . رواه
ابن أبي حاتم عنهما .
وقال
ابن المبارك وغير واحد ، عن
عبد الملك بن أبي سليمان ، عن
عطاء بن أبي رباح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال ) قال : يسألونك فيما شذ من المشركين إلى المسلمين في غير قتال ، من دابة أو عبد أو أمة أو متاع ، فهو نفل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع به ما يشاء . .
وهذا يقتضي أنه فسر الأنفال بالفيء ، وهو ما أخذ من الكفار من غير قتال .
وقال
ابن جرير : وقال آخرون : هي أنفال السرايا ، حدثني
الحارث ، حدثنا
عبد العزيز ، حدثنا
علي بن صالح بن حي قال : بلغني في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال ) قال : السرايا .
ويعني هذا : ما ينفله الإمام لبعض السرايا زيادة على قسمهم مع بقية الجيش ، وقد صرح بذلك
الشعبي ، واختار
ابن جرير أنها الزيادات على القسم ، ويشهد لذلك ما ورد في سبب نزول الآية ، وهو ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد حيث قال : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
أبو إسحاق الشيباني ، عن
محمد بن عبد الله الثقفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821459لما كان يوم بدر ، وقتل أخي عمير ، وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه ، وكان يسمى " ذا الكتيفة " ، فأتيت به نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : اذهب فاطرحه في القبض . قال : فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي . قال : فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اذهب فخذ سيفك .
[ ص: 7 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا : حدثنا
أسود بن عامر ، أخبرنا
أبو بكر ، عن
عاصم بن أبي النجود ، عن
مصعب بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن مالك قال : قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821460يا رسول الله ، قد شفاني الله اليوم من المشركين ، فهب لي هذا السيف . فقال : إن هذا السيف لا لك ولا لي ، ضعه قال : فوضعته ، ثم رجعت ، قلت : عسى أن يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي ! قال : رجل يدعوني من ورائي ، قال : قلت : قد أنزل الله في شيئا ؟ قال : كنت سألتني السيف ، وليس هو لي وإنه قد وهب لي ، فهو لك قال : وأنزل الله هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول )
ورواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طرق ، عن
أبي [ بكر ] بن عياش ، به ، وقال
الترمذي : حسن صحيح .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : أخبرنا
شعبة ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، قال : سمعت
مصعب بن سعد ، يحدث عن
سعد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824534نزلت في أربع آيات : أصبت سيفا يوم بدر ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : نفلنيه . فقال : ضعه من حيث أخذته مرتين ، ثم عاودته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ضعه من حيث أخذته ، فنزلت هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال .
وتمام الحديث في نزول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) [ العنكبوت : 8 ] وقوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر ) [ المائدة : 90 ] وآية الوصية . وقد رواه
مسلم في صحيحه ، من حديث
شعبة ، به .
وقال
محمد بن إسحاق : حدثني
عبد الله بن أبي بكر ، عن بعض
بني ساعدة قال : سمعت
أبا أسيد مالك بن ربيعة يقول : أصبت سيف
ابن عائذ يوم
بدر ، وكان السيف يدعى بالمرزبان ، فلما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يردوا ما في أيديهم من النفل ، أقبلت به فألقيته في النفل ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمنع شيئا يسأله ، فرآه
nindex.php?page=showalam&ids=377الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ، فسأله رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأعطاه إياه .
ورواه
ابن جرير من وجه آخر .
[ سبب آخر في نزول الآية ] :
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى ، عن
مكحول ، عن
أبي أمامة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821461سألت عبادة عن الأنفال ، فقال : فينا - أصحاب بدر - [ ص: 8 ] نزلت ، حين اختلفنا في النفل ، وساءت فيه أخلاقنا ، فانتزعه الله من أيدينا ، وجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين عن بواء - يقول : عن سواء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا : حدثنا
معاوية بن عمرو ، أخبرنا
أبو إسحاق ، عن
عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى ، عن
أبي سلام ، عن
أبي أمامة ، عن
عبادة بن الصامت قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821462خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدرا ، فالتقى الناس ، فهزم الله [ تعالى ] العدو ، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون ، وأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه . وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصيب العدو منه غرة ، حتى إذا كان الليل ، وفاء الناس بعضهم إلى بعض ، قال الذين جمعوا الغنائم : نحن حويناها ، فليس لأحد فيها نصيب . وقال الذين خرجوا في طلب العدو : لستم بأحق به منا ، نحن منعنا عنها العدو وهزمناهم . وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لستم بأحق منا ، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخفنا أن يصيب العدو منه غرة ، فاشتغلنا به ، فنزلت : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين ، وكان رسول الله إذا غار في أرض العدو نفل الربع ، فإذا أقبل وكل الناس راجعا ، نفل الثلث ، وكان يكره الأنفال ويقول : ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم .
ورواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
عبد الرحمن بن الحارث به نحوه ، وقال
الترمذي : هذا حديث حسن . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في مستدركه من حديث
عبد الرحمن بن الحارث وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : صحيح الإسناد على شرط
مسلم ولم يخرجاه .
وروى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن مردويه - واللفظ له -
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825200لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا ، فتسارع في ذلك شبان الرجال ، وبقي الشيوخ تحت الرايات ، فلما كانت المغانم ، جاءوا يطلبون الذي جعل لهم ، فقال الشيوخ : لا تستأثروا علينا ، فإنا كنا ردءا لكم ، لو انكشفتم لفئتم إلينا . فتنازعوا فأنزل الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال ) إلى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين )
وقال
الثوري ، عن
الكلبي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825201لما كان يوم بدر قال رسول الله [ ص: 9 ] صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا فله كذا وكذا ، ومن أتى بأسير فله كذا وكذا . فجاء أبو اليسر بأسيرين ، فقال : يا رسول الله ، وعدتنا ، فقام سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله ، إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء ، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر ، ولا جبن عن العدو ، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك ، نخاف أن يأتوك من ورائك ، فتشاجروا ، ونزل القرآن : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ) قال : ونزل القرآن : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [ وللرسول ] ) إلى آخر الآية [ الأنفال : 41 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12074الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله - في كتاب " الأموال الشرعية وبيان جهاتها ومصارفها " : أما الأنفال : فهي المغانم ، وكل نيل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب ، فكانت الأنفال الأولى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ) فقسمها يوم
بدر على ما أراده الله من غير أن يخمسها على ما ذكرناه في حديث
سعد ، ثم نزلت بعد ذلك آية الخمس ، فنسخت الأولى .
قلت : هكذا روى
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس ، سواء . وبه قال
مجاهد ، وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
وقال
ابن زيد : ليست منسوخة ، بل هي محكمة .
قال
أبو عبيد : وفي ذلك آثار ، والأنفال أصلها : جمع الغنائم ، إلا أن الخمس منها مخصوص لأهله على ما نزل به الكتاب ، وجرت به السنة . ومعنى الأنفال في كلام العرب : كل إحسان فعله فاعل تفضلا من غير أن يجب ذلك عليه ، فذلك النفل الذي أحله الله للمؤمنين من أموال عدوهم وإنما هو شيء خصه الله به تطولا منه عليهم بعد أن كانت المغانم محرمة على الأمم قبلهم ، فنفلها الله هذه الأمة فهذا أصل النفل .
قلت : شاهد هذا في الصحيحين عن
جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821463أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي فذكر الحديث ، إلى أن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500970وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وذكر تمام الحديث .
ثم قال
أبو عبيد : ولهذا سمي ما جعل الإمام للمقاتلة نفلا وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم ، يفعل ذلك بهم على قدر الغناء عن الإسلام والنكاية في العدو . وفي النفل الذي ينفله الإمام سنن أربع ، لكل واحدة منهن موضع غير موضع الأخرى :
[ ص: 10 ] فإحداهن : في
nindex.php?page=treesubj&link=8569النفل لا خمس فيه ، وذلك السلب .
والثانية : في
nindex.php?page=treesubj&link=24012النفل الذي يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس ، وهو أن يوجه الإمام السرايا في أرض الحرب ، فتأتي بالغنائم فيكون للسرية مما جاءت به الربع أو الثلث بعد الخمس .
والثالثة : في
nindex.php?page=treesubj&link=24470النفل من الخمس نفسه ، وهو أن تحاز الغنيمة كلها ، ثم تخمس ، فإذا صار الخمس في يدي الإمام نفل منه على قدر ما يرى .
والرابعة : في
nindex.php?page=treesubj&link=24469النفل في جملة الغنيمة قبل أن يخمس منها شيء ، وهو أن يعطى الأدلاء ورعاة الماشية والسواق لها ، وفي كل ذلك اختلاف .
قال
الربيع : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الأنفال : ألا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخمس شيء غير السلب .
قال
أبو عبيد : والوجه الثاني من النفل هو شيء زيدوه غير الذي كان لهم ، وذلك من خمس النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن له خمس الخمس من كل غنيمة ، فينبغي للإمام أن يجتهد ، فإذا كثر العدو واشتدت شوكتهم ، وقل من بإزائه من المسلمين ، نفل منه اتباعا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا لم يكن ذلك لم ينفل .
والوجه الثالث من النفل : إذا بعث الإمام سرية أو جيشا ، فقال لهم قبل اللقاء : من غنم شيئا فله بعد الخمس ، فذلك لهم على ما شرط الإمام ؛ لأنهم على ذلك غزوا ، وبه رضوا . انتهى كلامه .
وفيما تقدم من كلامه وهو قوله : " إن غنائم
بدر لم تخمس " ، نظر . ويرد عليه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في شارفيه اللذين حصلا له من الخمس يوم
بدر ، وقد بينت ذلك في كتاب السيرة بيانا شافيا ولله الحمد [ والمنة ] .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) أي : اتقوا الله في أموركم ، وأصلحوا فيما بينكم ولا تظالموا ولا تخاصموا ولا تشاجروا ؛ فما آتاكم الله من الهدى والعلم خير مما تختصمون بسببه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وأطيعوا الله ورسوله ) أي : في قسمه بينكم على ما أراده الله ، فإنه قسمه كما أمره الله من العدل والإنصاف .
وقال
ابن عباس : هذا تحريج من الله على المؤمنين أن يتقوا [ الله ] ويصلحوا ذات بينهم . وكذا قال
مجاهد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) أي : لا تستبوا . ونذكر هاهنا حديثا أورده
الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي - رحمه الله - في مسنده ، فإنه قال : حدثنا
مجاهد [ ص: 11 ] بن موسى ، حدثنا
عبد الله بن بكر حدثنا
عباد بن شيبة الحبطي عن
سعيد بن أنس ، عن
أنس - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500971بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس ، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر : ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ؟ فقال : رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة ، تبارك وتعالى ، فقال أحدهما : يا رب ، خذ لي مظلمتي من أخي . قال الله تعالى : أعط أخاك مظلمتك . قال : يا رب ، لم يبق من حسناتي شيء . قال : رب ، فليحمل عني من أوزاري ، قال : وفاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبكاء ، ثم قال : إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم ، فقال الله تعالى للطالب : ارفع بصرك فانظر في الجنان ، فرفع رأسه فقال : يا رب ، أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ لأي صديق هذا ؟ لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن . قال : يا رب ، ومن يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه . قال : ماذا يا رب ؟ قال : تعفو عن أخيك . قال : يا رب ، فإني قد عفوت عنه . قال الله تعالى : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة .
[ ص: 5 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَنْفَالِ .
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ ، آيَاتُهَا سَبْعُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ ، كَلِمَاتُهَا أَلْفُ كَلِمَةٍ ، وَسِتُّمِائَةِ كَلِمَةٍ ، وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ كَلِمَةً ، حُرُوفُهَا خَمْسَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَتِسْعُونَ حَرْفًا ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28979_30781يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 1 ) )
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ الْأَنْفَالُ : الْغَنَائِمُ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : سُورَةُ الْأَنْفَالِ ؟ قَالَ : نَزَلَتْ فِي
بَدْرٍ .
أَمَّا مَا عَلَّقَهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَكَذَلِكَ رَوَاهُ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : " الْأَنْفَالُ " : الْغَنَائِمُ ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِصَةً ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهَا شَيْءٌ . وَكَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٌ ، وَالضَّحَّاكُ ، وقَتَادَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ : إِنَّهَا الْغَنَائِمُ .
وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : الْأَنْفَالُ : الْغَنَائِمُ ، قَالَ فِيهَا
لَبِيدُ :
إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلٍ وَبِإِذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وَالعَجَلْ
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ
ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْأَنْفَالِ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ ، وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ . ثُمَّ عَادَ لِمَسْأَلَتِهِ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَيْضًا . ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ : الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِيَ ؟ قَالَ الْقَاسِمُ : فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ يُحْرِجُهُ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرُونَ مَا مِثْلُ هَذَا ، مِثْلُ
صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ
[ ص: 6 ] nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ : لَا آمُرُكَ وَلَا أَنْهَاكَ . ثُمَّ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : وَاللَّهِ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا زَاجِرًا آمِرًا مُحِلًّا مُحَرِّمًا . قَالَ
الْقَاسِمُ : فَسُلِّطَ عَلَى
ابْنِ عَبَّاسٍ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْأَنْفَالِ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ الرَّجُلُ يَنْفُلُ فَرَسَ الرَّجُلِ وَسِلَاحَهُ . فَأَعَادَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ حَتَّى أَغْضَبَهُ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرُونَ مَا مِثْلُ هَذَا ؟ مِثْلُ
صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، حَتَّى سَالَتِ الدِّمَاءُ عَلَى عَقِبَيْهِ - أَوْ عَلَى : رِجْلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ : أَمَّا أَنْتَ فَقَدِ انْتَقَمَ اللَّهُ
لِعُمَرَ مِنْكَ .
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ فَسَّرَ النَّفَلَ بِمَا يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ مِنْ سَلَبٍ أَوْ نَحْوِهِ ، بَعْدَ قَسْمِ أَصْلِ الْمَغْنَمِ ، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى فَهْمِ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ لَفْظِ النَّفَلِ ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ،
عَنْ مُجَاهِدٍ : إِنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْخُمُسِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ ، فَنَزَلَتْ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ) وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٌ : لَا نَفَلَ يَوْمَ الزَّحْفِ ، إِنَّمَا النَّفَلُ قَبْلَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ . رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُمَا .
وَقَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ) قَالَ : يَسْأَلُونَكَ فِيمَا شَذَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ قِتَالٍ ، مِنْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مَتَاعٍ ، فَهُوَ نَفَلٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ . .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فَسَّرَ الْأَنْفَالَ بِالْفَيْءِ ، وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَنْفَالُ السَّرَايَا ، حَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ قَالَ : بَلَغَنِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ) قَالَ : السَّرَايَا .
وَيَعْنِي هَذَا : مَا يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ لِبَعْضِ السَّرَايَا زِيَادَةً عَلَى قَسْمِهِمْ مَعَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ
الشَّعْبِيُّ ، وَاخْتَارَ
ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهَا الزِّيَادَاتُ عَلَى الْقَسْمِ ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَيْثُ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821459لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، وَقُتِلَ أَخِي عُمَيْرٍ ، وَقَتَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَأَخَذْتُ سَيْفَهُ ، وَكَانَ يُسَمَّى " ذَا الْكَتِيفَةِ " ، فَأَتَيْتُ بِهِ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبَضِ . قَالَ : فَرَجَعْتُ وَبِي مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَتْلِ أَخِي وَأَخْذِ سَلَبِي . قَالَ : فَمَا جَاوَزْتُ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْفَالِ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : اذْهَبْ فَخُذْ سَيْفَكَ .
[ ص: 7 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا : حَدَّثَنَا
أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ
عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821460يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ شَفَانِي اللَّهُ الْيَوْمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ . فَقَالَ : إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَا لَكَ وَلَا لِي ، ضَعْهُ قَالَ : فَوَضَعْتُهُ ، ثُمَّ رَجَعْتُ ، قُلْتُ : عَسَى أَنْ يُعْطَى هَذَا السَّيْفُ الْيَوْمَ مَنْ لَا يُبْلِي بَلَائِي ! قَالَ : رَجُلٌ يَدْعُونِي مِنْ وَرَائِي ، قَالَ : قُلْتُ : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ شَيْئًا ؟ قَالَ : كُنْتَ سَأَلْتَنِي السَّيْفَ ، وَلَيْسَ هُوَ لِي وَإِنَّهُ قَدْ وُهِبَ لِي ، فَهُوَ لَكَ قَالَ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ )
وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
أَبِي [ بَكْرِ ] بْنِ عَيَّاشٍ ، بِهِ ، وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَهَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ : أَخْبَرَنَا
شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16052سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ
مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ
سَعْدٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824534نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ : أَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ : نَفِّلْنِيهِ . فَقَالَ : ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ عَاوَدْتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ .
وَتَمَامُ الْحَدِيثِ فِي نُزُولِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=8وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 8 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) [ الْمَائِدَةِ : 90 ] وَآيَةِ الْوَصِيَّةِ . وَقَدْ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، مِنْ حَدِيثِ
شُعْبَةَ ، بِهِ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ بَعْضِ
بَنِي سَاعِدَةَ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا أُسَيْدٍ مَالِكَ بْنَ رَبِيعَةَ يَقُولُ : أَصَبْتُ سَيْفَ
ابْنِ عَائِذٍ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَكَانَ السَّيْفُ يُدْعَى بِالْمَرْزُبَانِ ، فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ أَنْ يَرُدُّوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ النَّفَلِ ، أَقْبَلْتُ بِهِ فَأَلْقَيْتُهُ فِي النَّفَلِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْنَعُ شَيْئًا يُسْأَلُهُ ، فَرَآهُ
nindex.php?page=showalam&ids=377الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيُّ ، فَسَأَلَهُ رَسُولَ اللَّهِ [ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ] فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ .
وَرَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ .
[ سَبَبٌ آخَرُ فِي نُزُولِ الْآيَةِ ] :
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16969مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16047سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ
مَكْحُولٍ ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821461سَأَلْتُ عُبَادَةَ عَنِ الْأَنْفَالِ ، فَقَالَ : فِينَا - أَصْحَابُ بَدْرٍ - [ ص: 8 ] نَزَلَتْ ، حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفَلِ ، وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا ، فَانْتَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا ، وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ بَوَاءٍ - يَقُولُ : عَنْ سَوَاءٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا : حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، أَخْبَرَنَا
أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16047سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ
أَبِي سَلَّامٍ ، عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821462خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا ، فَالْتَقَى النَّاسُ ، فَهَزَمَ اللَّهُ [ تَعَالَى ] الْعَدُوَّ ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ . وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً ، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ ، وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ : نَحْنُ حَوَيْنَاهَا ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ . وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ : لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا ، نَحْنُ مَنَعْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ . وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَسْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا ، نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً ، فَاشْتَغَلْنَا بِهِ ، فَنَزَلَتْ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا غَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَّلَ الرُّبُعَ ، فَإِذَا أَقْبَلَ وَكُلَّ النَّاسِ رَاجِعًا ، نَفَّلَ الثُّلُثَ ، وَكَانَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ وَيَقُولُ : لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ .
وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بِهِ نَحْوَهُ ، وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ : صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ
مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ .
وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ - وَاللَّفْظُ لَهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825200لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ، فَتَسَارَعَ فِي ذَلِكَ شُبَّانُ الرِّجَالِ ، وَبَقِيَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ ، فَلَمَّا كَانَتِ الْمَغَانِمُ ، جَاءُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جُعِلَ لَهُمْ ، فَقَالَ الشُّيُوخُ : لَا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنَا ، فَإِنَّا كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ ، لَوِ انْكَشَفْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا . فَتَنَازَعُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ ، عَنِ
الْكَلْبِيِّ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825201لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [ ص: 9 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ، وَمَنْ أَتَى بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا . فَجَاءَ أَبُو الْيَسَرِ بِأَسِيرَيْنِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَعَدْتَنَا ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْقَ لِأَصْحَابِكَ شَيْءٌ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنَا مِنْ هَذَا زَهَادَةٌ فِي الْأَجْرِ ، وَلَا جُبْنٌ عَنِ الْعَدُوِّ ، وَإِنَّمَا قُمْنَا هَذَا الْمَقَامَ مُحَافَظَةً عَلَيْكَ ، نَخَافُ أَنْ يَأْتُوكَ مِنْ وَرَائِكَ ، فَتَشَاجَرُوا ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) قَالَ : وَنَزَلَ الْقُرْآنُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ [ وَلِلرَّسُولِ ] ) إِلَى آخَرِ الْآيَةِ [ الْأَنْفَالِ : 41 ] .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074الْإِمَامُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ " الْأَمْوَالِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيَانِ جِهَاتِهَا وَمَصَارِفِهَا " : أَمَّا الْأَنْفَالُ : فَهِيَ الْمَغَانِمُ ، وَكُلُّ نَيْلٍ نَالَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ ، فَكَانَتِ الْأَنْفَالُ الْأُولَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) فَقَسَمَهَا يَوْمَ
بَدْرٍ عَلَى مَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ
سَعْدٍ ، ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ آيَةُ الْخُمُسِ ، فَنَسَخَتِ الْأُولَى .
قُلْتُ : هَكَذَا رَوَى
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، سَوَاءً . وَبِهِ قَالَ
مُجَاهِدٌ ، وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14468والسُّدِّيُّ .
وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً ، بَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ .
قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ ، وَالْأَنْفَالُ أَصْلُهَا : جَمْعُ الْغَنَائِمِ ، إِلَّا أَنَّ الْخُمُسَ مِنْهَا مَخْصُوصٌ لِأَهْلِهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ ، وَجَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ . وَمَعْنَى الْأَنْفَالِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : كُلُّ إِحْسَانٍ فَعَلَهُ فَاعِلٌ تَفَضُّلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَذَلِكَ النَّفَلُ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَمْوَالِ عَدُوِّهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ تَطَوُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانَتِ الْمَغَانِمُ مُحَرَّمَةً عَلَى الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ ، فَنَفَلَهَا اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ فَهَذَا أَصْلُ النَّفَلِ .
قُلْتُ : شَاهِدُ هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
جَابِرٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821463أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500970وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ .
ثُمَّ قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِهَذَا سُمِّيَ مَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُقَاتِلَةِ نَفَلًا وَهُوَ تَفْضِيلُهُ بَعْضَ الْجَيْشِ عَلَى بَعْضٍ بِشَيْءٍ سِوَى سِهَامِهِمْ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ عَلَى قَدْرِ الْغَنَاءِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالنِّكَايَةِ فِي الْعَدُوِّ . وَفِي النَّفَلِ الَّذِي يَنْفُلُهُ الْإِمَامُ سُنَنٌ أَرْبَعٌ ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَوْضِعٌ غَيْرُ مَوْضِعِ الْأُخْرَى :
[ ص: 10 ] فَإِحْدَاهُنَّ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=8569النَّفَلِ لَا خُمُسَ فِيهِ ، وَذَلِكَ السَّلَبُ .
وَالثَّانِيَةُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24012النَّفَلِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ ، وَهُوَ أَنْ يُوَجِّهَ الْإِمَامُ السَّرَايَا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ ، فَتَأْتِي بِالْغَنَائِمِ فَيَكُونُ لِلسَّرِيَّةِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّبُعُ أَوِ الثُّلْثُ بَعْدَ الْخُمُسِ .
وَالثَّالِثَةُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24470النَّفَلِ مِنَ الْخُمُسِ نَفْسِهِ ، وَهُوَ أَنْ تُحَازَ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا ، ثُمَّ تُخَمَّسُ ، فَإِذَا صَارَ الْخُمُسُ فِي يَدَيِ الْإِمَامِ نَفَلَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى .
وَالرَّابِعَةُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24469النَّفَلِ فِي جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ يُخَمَّسَ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَهُوَ أَنْ يُعْطَى الْأَدِلَّاءُ وَرُعَاةُ الْمَاشِيَةِ وَالسَّوَّاقُ لَهَا ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ .
قَالَ
الرَّبِيعُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْأَنْفَالُ : أَلَّا يَخْرُجَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْخُمُسِ شَيْءٌ غَيْرُ السَّلَبِ .
قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ النَّفَلِ هُوَ شَيْءٌ زِيدُوهُ غَيْرَ الَّذِي كَانَ لَهُمْ ، وَذَلِكَ مِنْ خُمُسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ لَهُ خُمُسَ الْخُمُسِ مِنْ كُلِّ غَنِيمَةٍ ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ ، فَإِذَا كَثُرَ الْعَدُوُّ وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ ، وَقَلَّ مَنْ بِإِزَائِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، نَفَلَ مِنْهُ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُلْ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ النَّفَلِ : إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا ، فَقَالَ لَهُمْ قَبْلَ اللِّقَاءِ : مَنْ غَنِمَ شَيْئًا فَلَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ ، فَذَلِكَ لَهُمْ عَلَى مَا شَرَطَ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ غَزَوْا ، وَبِهِ رَضُوا . انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ : " إِنَّ غَنَائِمَ
بَدْرٍ لَمْ تُخَمَّسْ " ، نَظَرٌ . وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي شَارِفَيْهِ اللَّذَيْنِ حَصَلَا لَهُ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ السِّيرَةِ بَيَانًا شَافِيًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ [ وَالْمِنَّةُ ] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) أَي : اتَّقُوا اللَّهَ فِي أُمُورِكُمْ ، وَأَصْلِحُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَلَا تَظَالَمُوا وَلَا تَخَاصَمُوا وَلَا تَشَاجَرُوا ؛ فَمَا آتَاكُمُ اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ خَيْرٌ مِمَّا تَخْتَصِمُونَ بِسَبَبِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) أَيْ : فِي قَسْمِهِ بَيْنَكُمْ عَلَى مَا أَرَادَهُ اللَّهُ ، فَإِنَّهُ قَسَّمَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هَذَا تَحْرِيجٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّقُوا [ اللَّهَ ] وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ . وَكَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) أَيْ : لَا تَسْتَبُّوا . وَنَذْكُرُ هَاهُنَا حَدِيثًا أَوْرَدَهُ
الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُسْنَدِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُجَاهِدُ [ ص: 11 ] بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا
عَبَّادُ بْنُ شَيْبَةَ الْحَبَطِيُّ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500971بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ ، إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ؟ فَقَالَ : رَجُلَانِ جَثَيَا مِنْ أُمَّتِي بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَبِّ ، خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَكَ . قَالَ : يَا رَبِّ ، لَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ . قَالَ : رَبِّ ، فَلْيَحْمِلْ عَنِّي مِنْ أَوْزَارِي ، قَالَ : وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ ، يَوْمٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مِنْ أَوْزَارِهِمْ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ : ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أَرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضَّةٍ وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةً بِاللُّؤْلُؤِ ، لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا ؟ لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا ؟ لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ . قَالَ : يَا رَبِّ ، وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أَنْتَ تَمْلِكُهُ . قَالَ : مَاذَا يَا رَبِّ ؟ قَالَ : تَعْفُو عَنْ أَخِيكَ . قَالَ : يَا رَبِّ ، فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .