فتوبوا إلى بارئكم لما قال لهم فتوبوا إلى بارئكم قالوا كيف ؟ قال قوله تعالى : فاقتلوا أنفسكم قال أرباب الخواطر ذللوها بالطاعات وكفوها عن الشهوات والصحيح أنه قتل على الحقيقة هنا ، والقتل إماتة الحركة وقتلت الخمر كسرت شدتها بالماء قال سفيان بن عيينة التوبة نعمة من الله أنعم الله بها على هذه الأمة دون غيرها من الأمم وكانت توبة بني إسرائيل القتل وأجمعوا على أنه لم يؤمر كل واحد من عبدة العجل بأن يقتل نفسه بيده قال الزهري لما قيل لهم فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم قاموا صفين وقتل بعضهم بعضا حتى قيل لهم كفوا فكان ذلك شهادة للمقتول وتوبة للحي على ما تقدم ، وقال بعض المفسرين : أرسل الله عليهم ظلاما ففعلوا ذلك وقيل : وقف الذين عبدوا العجل صفا ودخل الذين لم يعبدوه عليهم بالسلاح فقتلوهم وقيل قام السبعون الذين كانوا مع موسى فقتلوا - إذ لم يعبدوا العجل - من عبد العجل . ويروى أن يوشع بن نون [ ص: 377 ] خرج عليهم وهم محتبون فقال ملعون من حل حبوته أو مد طرفه إلى قاتله أو اتقاه بيد أو رجل فما حل أحد منهم حبوته حتى قتل منهم يعني من قتل ، وأقبل الرجل يقتل من يليه . ذكره النحاس وغيره ، وإنما عوقب الذين لم يعبدوا العجل بقتل أنفسهم على القول الأول ; لأنهم لم يغيروا المنكر حين عبدوه ، وإنما اعتزلوا وكان الواجب عليهم أن يقاتلوا من عبده ، وهذه عوقب الجميع روى سنة الله في عباده إذا فشا المنكر ، ولم يغير جرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز منهم وأمنع لا يغيرون إلا عمهم الله بعقاب ابن ماجه في سننه ، وسيأتي الكلام في هذا المعنى إن شاء الله تعالى فلما استحر فيهم القتل ، وبلغ سبعين ألفا عفا الله عنهم قاله ابن عباس وعلي رضي الله عنهما ، وإنما رفع الله عنهم القتل ؛ لأنهم أعطوا المجهود في قتل أنفسهم فما أنعم الله على هذه الأمة نعمة بعد الإسلام هي أفضل من ، وقرأ التوبة قتادة " فأقيلوا أنفسكم " من الإقالة أي استقبلوها من العثرة بالقتل .