وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير قوله تعالى :
قوله تعالى : وأسروا قولكم أو اجهروا به اللفظ لفظ الأمر والمراد به الخبر ; يعني إن أخفيتم كلامكم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم أو جهرتم به ف إنه عليم بذات الصدور يعني بما في القلوب من الخير والشر . ابن عباس : نزلت في المشركين ، كانوا ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره جبريل عليه السلام ; فقال بعضهم لبعض : أسروا قولكم كي لا يسمع رب محمد ; فنزلت : " وأسروا قولكم أو اجهروا به " . يعني : أسروا قولكم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل في سائر الأقوال . أو اجهروا به ; أعلنوه .
إنه عليم بذات الصدور ذات الصدور : ما فيها ; كما يسمى ولد المرأة وهو جنين " ذا بطنها " .
ثم قال : ألا يعلم من خلق يعني ألا يعلم السر من خلق [ ص: 198 ] السر . يقول أنا خلقت السر في القلب أفلا أكون عالما بما في قلوب العباد . وقال أهل المعاني : إن شئت جعلت " من " اسما للخالق جل وعز ; ويكون المعنى : ألا يعلم الخالق خلقه . وإن شئت جعلته اسما للمخلوق ، والمعنى : ألا يعلم الله من خلق . ولا بد أن يكون الخالق عالما بما خلقه وما يخلقه . قال ابن المسيب : بينما رجل واقف بالليل في شجر كثير وقد عصفت الريح فوقع في نفس الرجل : أترى الله يعلم ما يسقط من هذا الورق ؟ فنودي من جانب الغيضة بصوت عظيم : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
وقال : من أسماء صفات الذات ما هو للعلم ; منها " العليم " ومعناه تعميم جميع المعلومات . ومنها " الخبير " ويختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون . ومنها " الحكيم " ويختص بأن يعلم دقائق الأوصاف . ومنها " الشهيد " ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر ومعناه أن لا يغيب عنه شيء ، ومنها الحافظ ويختص بأنه لا ينسى . ومنها " المحصي " ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم ; مثل ضوء النور واشتداد الريح وتساقط الأوراق ; فيعلم عند ذلك أجزاء الحركات في كل ورقة . وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق ! وقد قال : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير . الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني