فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان قوله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان
قوله تعالى : فإذا انشقت السماء أي : انصدعت يوم القيامة فكانت وردة كالدهان الدهان الدهن ، عن مجاهد والضحاك وغيرهما . والمعنى أنها صارت في صفاء الدهن ، والدهان على هذا جمع دهن . وقال سعيد بن جبير وقتادة : المعنى : فكانت حمراء . وقيل : المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن ، أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم ، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها . وقيل : الدهان الجلد الأحمر الصرف ، [ ص: 158 ] ذكره أبو عبيد والفراء . أي تصير السماء حمراء كالأديم لشدة حر النار . ابن عباس : المعنى فكانت كالفرس الورد ، يقال للكميت : ورد إذا كان يتلون بألوان مختلفة . قال ابن عباس : الفرس الورد ، في الربيع كميت أصفر ، وفي أول الشتاء كميت أحمر ، فإذا اشتد الشتاء كان كميتا أغبر . وقال الفراء : أراد الفرس الوردية ، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة ، فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء ، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة ، فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل . وقال الحسن : كالدهان أي كصب الدهن فإنك إذا صببته ترى فيه ألوانا . وقال : المعنى أنها تصير كعكر الزيت ، وقيل : المعنى أنها تمر وتجيء . قال زيد بن أسلم الزجاج : أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان . وهذا قريب مما قدمناه من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها . وقال قتادة : إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر ، حكاه الثعلبي . وقال : وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة ، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق ، وشبهوا ذلك بعروق البدن ، وهي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء ، فإن كان هذا صحيحا فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء ، لأنه أصل لونها . والله أعلم . الماوردي
فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان هذا مثل قوله تعالى : قوله تعالى : ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون وأن القيامة مواطن لطول ذلك اليوم ، فيسأل في بعض ولا يسأل في بعض ، وهذا قول عكرمة . وقيل : المعنى لا يسألون إذا استقروا في النار . وقال الحسن وقتادة : لا يسألون عن ذنوبهم ، لأن الله حفظها عليهم ، وكتبتها عليهم الملائكة . رواه العوفي عن ابن عباس . وعن الحسن ومجاهد أيضا : المعنى لا تسأل الملائكة عنهم ، لأنهم يعرفونهم بسيماهم ؛ دليله ما بعده . وقاله مجاهد عن ابن عباس . وعنه أيضا في قوله تعالى : فوربك لنسألنهم أجمعين وقوله : فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان وقال : لا يسألهم ليعرف ذلك منهم ، لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكنه يسألهم لم عملتموها سؤال توبيخ . وقال أبو العالية : لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم . وقال قتادة : كانت المسألة قبل ، ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت الجوارح شاهدة عليهم . وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال : أبي هريرة وقد مضى هذا الحديث في ( حم السجدة ) وغيرها . فيلقى العبد فيقول أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول : بلى فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا فيقول : إني أنساك كما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول له مثل ذلك بعينه ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول : يا رب آمنت بك [ ص: 159 ] وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول هاهنا إذا ثم يقال له : الآن نبعث شاهدنا عليك فيفتكر في نفسه من هذا الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه : انطقي ، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه