قوله تعالى : هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم .
هاأنتم هؤلاء تدعون أي ها أنتم هؤلاء أيها المؤمنون تدعون قوله تعالى : تدعون لتنفقوا في سبيل الله أي في الجهاد وطريق الخير . فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه أي على نفسه ، أي : يمنعها الأجر والثواب . والله الغني أي إنه ليس بمحتاج إلى أموالكم . وأنتم الفقراء إليها . وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم أي أطوع لله منكم . روى الترمذي عن قال : أبى هريرة وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم قالوا : ومن يستبدل بنا ؟ قال : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على منكب سلمان ثم قال : [ هذا وقومه . هذا وقومه ] قال : حديث غريب في إسناده مقال . وقد روى تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية عبد الله بن [ ص: 236 ] جعفر بن نجيح والد أيضا هذا الحديث عن علي بن المديني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن قال : أبي هريرة أنس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله ، من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا ثم لا يكونوا أمثالنا ؟ قال : وكان سلمان جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخذ سلمان ، قال : [ هذا وأصحابه . والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس ] . وقال قال الحسن : هم العجم . وقال عكرمة : هم فارس والروم . قال المحاسبي : فلا أحد بعد العربي من جميع أجناس الأعاجم أحسن دينا ، ولا كانت العلماء منهم إلا الفرس . وقيل : إنهم اليمن ، وهم الأنصار ، قاله شريح بن عبيد . وكذا قال ابن عباس : هم الأنصار . وعنه أنهم الملائكة . وعنه هم التابعون . وقال مجاهد : إنهم من شاء من سائر الناس . ثم لا يكونوا قال الطبري : أي : في البخل بالإنفاق في سبيل الله . وحكي عن أنه أبي موسى الأشعري والله أعلم . لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : [ هي أحب إلي من الدنيا ] .
ختمت السورة بحمد الله وعونه ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه الأطهار .