قوله تعالى : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين .
قوله تعالى : والذين جاهدوا فينا أي جاهدوا الكفار فينا . أي في طلب مرضاتنا . وقال وغيره : إن هذه الآية نزلت قبل فرض القتال . قال السدي ابن عطية : فهي قبل الجهاد العرفي وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته . قال : الآية في العباد . وقال الحسن بن أبي الحسن ابن عباس : هي في الذين يعملون بما يعلمون وقد قال صلى الله عليه وسلم : وإبراهيم بن أدهم ونزع بعض العلماء إلى قول : من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم واتقوا الله ويعلمكم الله . وقال عمر بن عبد العزيز : إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا ; قال الله تعالى : واتقوا الله ويعلمكم الله . وقال أبو سليمان الداراني : ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط بل هو نصر الدين والرد على المبطلين وقمع الظالمين ، وعظمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله وهو الجهاد الأكبر وقال سفيان بن عيينة : إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور فإن الله تعالى يقول : لنهدينهم . وقال لابن المبارك الضحاك : معنى الآية ; والذين جاهدوا في الهجرة لنهدينهم سبل الثبات على الإيمان . ثم قال : مثل السنة في الدنيا كمثل الجنة في العقبى من دخل الجنة في العقبى [ ص: 337 ] سلم كذلك . وقال من لزم السنة في الدنيا سلم : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا . وهذا يتناول بعموم الطاعة جميع الأقوال . ونحوه قول عبد الله بن عباس عبد الله بن الزبير ; قال : تقول الحكمة : من طلبني فلم يجدني فليطلبني في موضعين : أن يعمل بأحسن ما يعلمه ويجتنب أسوأ ما يعلمه . وقال الحسن بن الفضل : فيه تقديم وتأخير أي الذين هديناهم هم الذين جاهدوا فينا . لنهدينهم سبلنا أي طريق الجنة ; قاله . السدي النقاش : يوفقهم لدين الحق . وقال يوسف بن أسباط : المعنى : لنخلصن نياتهم وصدقاتهم وصلواتهم وصيامهم وإن الله لمع المحسنين لام تأكيد ودخلت في ( مع ) على أحد وجهين : أن يكون اسما ولام التوكيد إنما تدخل على الأسماء ، أو حرفا فتدخل عليها ; لأن فيها معنى الاستقرار ; كما تقول إن زيدا لفي الدار . و ( مع ) إذا سكنت فهي حرف لا غير وإذا فتحت جاز أن تكون اسما وأن تكون حرفا . والأكثر أن تكون حرفا جاء لمعنى وتقدم معنى الإحسان والمحسنين في ( البقرة ) وغيرها وهو سبحانه معهم بالنصرة والمعونة ، والحفظ والهداية ، ومع الجميع بالإحاطة . والقدرة فبين المعيتين بون .