( وجاء رجل ) قال أكثر أهل التفسير : هذا الرجل هو حزقيل بن صبورا مؤمن آل فرعون ، وكان ابن عم فرعون ; ذكره الثعلبي وقيل : طالوت ; ذكره السهيلي وقال المهدوي عن قتادة : شمعون مؤمن آل فرعون ، وقيل : شمعان ; قال : لا يعرف الدارقطني شمعان بالشين المعجمة إلا مؤمن آل فرعون وروي أن فرعون أمر بقتل موسى فسبق ذلك الرجل بالخبر ; ف قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك أي يتشاورون في قتلك بالقبطي الذي قتلته بالأمس وقيل : يأمر بعضهم بعضا . قال الأزهري : ائتمر القوم وتآمروا أي أمر بعضهم بعضا ; نظيره قوله : وأتمروا بينكم بمعروف . وقال النمر بن تولب :
أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفي كل حادثة يؤتمر
فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب أي ينتظر الطلب قال رب نجني من القوم الظالمين قيل : الجبار : الذي يفعل ما يريده من الضرب والقتل بظلم ، لا ينظر في العواقب ، ولا يدفع بالتي هي أحسن ، وقيل : المتعظم الذي لا يتواضع لأمر الله تعالى .ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل لما خرج قوله تعالى : موسى عليه السلام فارا بنفسه منفردا خائفا ، لا شيء معه من زاد ولا راحلة ولا حذاء نحو مدين ، للنسب الذي بينه وبينهم ; لأن مدين من ولد إبراهيم ، وموسى من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ; ورأى حاله وعدم معرفته بالطريق ، وخلوه من زاد وغيره ، أسند أمره إلى الله تعالى بقوله : عسى ربي أن يهديني سواء السبيل وهذه حالة المضطر .
قلت : روي أنه كان يتقوت ورق الشجر ، وما وصل حتى سقط خف قدميه . قال أبو مالك : وكان فرعون وجه في طلبه وقال لهم : اطلبوه في ثنيات الطريق ، فإن موسى لا يعرف [ ص: 246 ] الطريق . فجاءه ملك راكبا فرسا ومعه عنزة ، فقال لموسى اتبعني فاتبعه فهداه إلى الطريق ، فيقال : إنه أعطاه العنزة فكانت عصاه . ويروى أن عصاه إنما أخذها لرعي الغنم من مدين وهو أكثر وأصح . قال مقاتل : إن الله بعث إليه والسدي جبريل ; فالله أعلم . وبين مدين ومصر ثمانية أيام ; قال والناس : وكان ملك ابن جبير مدين لغير فرعون .