قوله تعالى : والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا .
فيه مسألتان : الأولى : والذين إذا ذكروا بآيات ربهم أي إذا قرئ عليهم القرآن ذكروا آخرتهم ومعادهم ولم يتغافلوا حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع . وقال : لم يخروا [ ص: 78 ] وليس ثم خرور ; كما يقال : قعد يبكي وإن كان غير قاعد ; قاله قوله تعالى : الطبري واختاره ; قال ابن عطية : وهو أن يخروا صما وعميانا هي صفة الكفار ، وهي عبارة عن إعراضهم ; واقرن ذلك بقولك : قعد فلان يشتمني وقام فلان يبكي وأنت لم تقصد الإخبار بقعود ولا قيام ، وإنما هي توطئات في الكلام والعبارة . قال ابن عطية : فكأن المستمع للذكر قائم القناة قويم الأمر ، فإذا أعرض وضل كان ذلك خرورا ، وهو السقوط على غير نظام وترتيب ، وإن كان قد شبه به الذي يخر ساجدا لكن أصله على غير ترتيب . وقيل : أي إذا تليت عليهم آيات الله وجلت قلوبهم فخروا سجدا وبكيا ، ولم يخروا عليها صما وعميانا . وقال الفراء : أي لم يقعدوا على حالهم الأول كأن لم يسمعوا .
الثانية : قال بعضهم : إن يسجد معه ; لأنه قد سمع آيات الله تتلى عليه . قال من سمع رجلا يقرأ سجدة : وهذا لا يلزم إلا القارئ وحده ، وأما غيره فلا يلزمه ذلك إلا في مسألة واحدة ; وهو أن الرجل إذا تلا القرآن وقرأ السجدة فإن كان الذي جلس معه جلس ليسمعه فليسجد معه ، وإن لم يلتزم السماع معه فلا سجود عليه . وقد مضى هذا في ( الأعراف ) . ابن العربي