قالوا الركوب فقلنا تلك عادتنا
قال ألقوا قال الفراء : في الكلام حذف . والمعنى : قال لهم موسى إنكم لن تغلبوا ربكم ولن تبطلوا آياته . وهذا من معجز القرآن الذي لا يأتي مثله في كلام الناس ، ولا يقدرون عليه . يأتي اللفظ اليسير بجمع المعاني الكثيرة . وقيل : هو تهديد . أي ابتدئوا بالإلقاء ، فسترون ما يحل بكم من الافتضاح ; إذ لا يجوز على موسى أن يأمرهم بالسحر . وقيل : أمرهم بذلك ليبين كذبهم وتمويههم .فلما ألقوا أي الحبال والعصي سحروا أعين الناس أي خيلوا لهم وقلبوها عن صحة إدراكها ، بما يتخيل من التمويه الذي جرى مجرى الشعوذة وخفة اليد . كما تقدم في " البقرة " بيانه .
ومعنى عظيم أي عندهم ; لأنه كان كثيرا وليس بعظيم على الحقيقة . قال ابن زيد : كان الاجتماع بالإسكندرية فبلغ ذنب الحية وراء البحيرة . وقال غيره : وفتحت فاها فجعلت تلقف - أي تلتقم - ما ألقوا من حبالهم وعصيهم . وقيل : كان ما ألقوا حبالا من أدم فيها زئبق فتحركت وقالوا هذه حيات .
وقرأ حفص تلقف بإسكان اللام والتخفيف . جعله مستقبل لقف يلقف . قال النحاس : ويجوز على هذه القراءة " تلقف " لأنه من لقف . وقرأ الباقون بالتشديد وفتح اللام ، وجعلوه مستقبل تلقف ; فهي تتلقف . يقال : لقفت الشيء وتلقفته إذا أخذته أو بلعته . تلقف وتلقم وتلهم بمعنى واحد . قال أبو حاتم : وبلغني في بعض القراءات ( تلقم ) بالميم والتشديد . قال الشاعر :
أنت عصا موسى التي لم تزل تلقم ما يأفكه الساحر
ما يأفكون أي ما يكذبون ، لأنهم جاءوا بحبال وجعلوا فيها زئبقا حتى تحركت .