[ ص: 167 ] قوله تعالى يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون
فيه مسألتان :
الأولى قوله تعالى لا يفتننكم أي لا يصرفنكم الشيطان عن الدين ; كما فتن أبويكم بالإخراج من الجنة . " أب للمذكر ، و " أبة " للمؤنث . فعلى هذا قيل : أبوان
ينزع عنهما لباسهما ليريهما في موضع نصب على الحال . ويكون مستأنفا فيوقف على من الجنة ليريهما نصب بلام كي . وفي هذا أيضا دليل على وجوب ; لقوله : ستر العورة ينزع عنهما لباسهما . قال الآخرون : إنما فيه التحذير من زوال النعمة ; كما نزل بآدم . هذا أن لو ثبت أن شرع آدم يلزمنا ، والأمر بخلاف ذلك .
الثانية إنه يراكم هو وقبيله قبيله جنوده . قال قوله تعالى مجاهد : يعني الجن والشياطين . ابن زيد : قبيله نسله . وقيل : جيله .
من حيث لا ترونهم قال بعض العلماء : في هذا دليل على أن ; لقوله الجن لا يرون من حيث لا ترونهم قيل : جائز أن يروا ; لأن الله تعالى إذا أراد أن يريهم كشف أجسامهم حتى ترى . قال النحاس : من حيث لا ترونهم يدل على أن الجن لا يرون إلا في وقت نبي ; ليكون ذلك دلالة على نبوته ; لأن الله جل وعز خلقهم خلقا لا يرون فيه ، وإنما يرون إذا نقلوا عن صورهم . وذلك من المعجزات التي لا تكون إلا في وقت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم . قال القشيري : أجرى الله العادة بأن بني آدم لا يرون الشياطين اليوم . وفي الخبر آدم مجرى الدم . وقال تعالى : إن الشيطان يجري من ابن الذي يوسوس في صدور الناس . وقال عليه السلام : . وقد تقدم في " البقرة " وقد جاء في رؤيتهم أخبار [ ص: 168 ] صحيحة . وقد خرج إن للملك لمة وللشيطان لمة - أي بالقلب - فأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق وأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق عن البخاري قال : أبي هريرة . وقد تقدم في " البقرة " وفي صحيح وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، وذكر قصة طويلة ، ذكر فيها أنه أخذ الجني الذي كان يأخذ التمر ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ما فعل أسيرك البارحة مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة - في العفريت الذي تفلت عليه . وسيأتي في " ص " إن شاء الله تعالى . والله لولا دعوة أخي
إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون أي زيادة في عقوبتهم وسوينا بينهم في الذهاب عن الحق .