قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا
فيه خمس مسائل :
الأولى
nindex.php?page=treesubj&link=28975قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وآتوا اليتامى أموالهم وأراد باليتامى الذين كانوا أيتاما ؛ كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=120وألقي السحرة ساجدين ولا سحر مع السجود ، فكذلك لا يتم مع البلوغ . وكان يقال للنبي صلى الله عليه وسلم : " يتيم
أبي طالب " استصحابا لما كان . وآتوا أي أعطوا . والإيتاء الإعطاء . ولفلان أتو ، أي عطاء .
أبو زيد : أتوت الرجل آتوه إتاوة ، وهي الرشوة . واليتيم من لم يبلغ الحلم ، وقد تقدم في " البقرة " مستوفى . وهذه الآية خطاب للأولياء والأوصياء . نزلت - في قول
مقاتل والكلبي - في
رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه ؛ فنزلت ، فقال العم : نعوذ بالله من الحوب الكبير ! ورد المال . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يوق شح نفسه ورجع به هكذا فإنه يحل داره يعني جنته . فلما قبض الفتى المال أنفقه في سبيل الله ، فقال عليه السلام : ثبت الأجر وبقي الوزر . فقيل : كيف يا رسول الله ؟ فقال : ثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده لأنه كان مشركا .
[ ص: 10 ] الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=33311وإيتاء اليتامى أموالهم يكون بوجهين :
أحدهما - إجراء الطعام والكسوة ما دامت الولاية ؛ إذ لا يمكن إلا ذلك لمن لا يستحق الأخذ الكلي والاستبداد كالصغير والسفيه الكبير .
الثاني - الإيتاء بالتمكن وإسلام المال إليه ، وذلك عند الابتلاء والإرشاد ، وتكون تسميته مجازا ، المعنى : الذي كان يتيما ، وهو استصحاب الاسم ؛ كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=120وألقي السحرة ساجدين أي الذين كانوا سحرة . وكان يقال للنبي صلى الله عليه وسلم : " يتيم
أبي طالب " . فإذا تحقق الولي رشده حرم عليه إمساك ماله عنه وكان عاصيا . وقال
أبو حنيفة : إذا بلغ خمسا وعشرين سنة أعطي ماله كله على كل حال ، لأنه يصير جدا .
قلت : لما لم يذكر الله تعالى في هذه الآية إيناس الرشد وذكره في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي الحنفي في أحكام القرآن : لما لم يقيد الرشد في موضع وقيد في موضع وجب استعمالهما ، فأقول : إذا بلغ خمسا وعشرين سنة وهو سفيه لم يؤنس منه الرشد ، وجب دفع المال إليه ، وإن كان دون ذلك لم يجب ، عملا بالآيتين . وقال
أبو حنيفة : لما بلغ أشده صار يصلح أن يكون جدا فإذا صار يصلح أن يكون جدا فكيف يصح إعطاؤه المال بعلة اليتم وباسم اليتيم ؟ ! وهل ذلك إلا في غاية البعد ؟ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا باطل لا وجه له ؛ لا سيما على أصله الذي يرى المقدرات لا تثبت قياسا وإنما تؤخذ من جهة النص ، وليس في هذه المسألة . وسيأتي ما للعلماء في الحجر إن شاء الله تعالى .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب أي لا تتبدلوا الشاة السمينة من مال اليتيم بالهزيلة ، ولا الدرهم الطيب بالزيف . وكانوا في الجاهلية لعدم الدين لا يتحرجون عن أموال اليتامى ، فكانوا يأخذون الطيب والجيد من أموال اليتامى ويبدلونه بالرديء من أموالهم ؛ ويقولون : اسم باسم ورأس برأس ؛ فنهاهم الله عن ذلك . هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والضحاك وهو ظاهر الآية . وقيل : المعنى لا تأكلوا أموال اليتامى وهي محرمة خبيثة وتدعوا الطيب وهو مالكم . وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح وباذان : لا تتعجلوا أكل الخبيث من أموالهم وتدعوا انتظار الرزق الحلال من عند الله . وقال
ابن زيد : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث .
عطاء : لا تربح على يتيمك الذي
[ ص: 11 ] عندك وهو غر صغير . وهذان القولان خارجان عن ظاهر الآية ؛ فإنه يقال : تبدل الشيء بالشيء أي أخذه مكانه . ومنه البدل .
الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال
مجاهد : وهذه الآية ناهية عن الخلط في الإنفاق ؛ فإن العرب كانت تخلط نفقتها بنفقة أيتامها فنهوا عن ذلك ، ثم نسخ بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وإن تخالطوهم فإخوانكم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ، عن
الحسن : تأول الناس في هذه الآية النهي عن الخلط فاجتنبوه من قبل أنفسهم ، فخفف عنهم في آية البقرة . وقالت طائفة من المتأخرين : إن إلى بمعنى مع ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52من أنصاري إلى الله . وأنشد
القتبي :
يسدون أبواب القباب بضمر إلى عنن مستوثقات الأواصر
وليس بجيد . وقال الحذاق : إلى على بابها وهي تتضمن الإضافة ، أي لا تضيفوا أموالهم وتضموها إلى أموالكم في الأكل . فنهوا أن يعتقدوا أموال اليتامى كأموالهم فيتسلطوا عليها بالأكل والانتفاع .
الخامسة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2إنه كان حوبا كبيرا " إنه " أي الأكل
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2كان حوبا كبيرا أي إثما كبيرا ؛ عن
ابن عباس والحسن وغيرهما . يقال : حاب الرجل يحوب حوبا إذا أثم . وأصله الزجر للإبل ؛ فسمي الإثم حوبا ؛ لأنه يزجر عنه وبه . ويقال في الدعاء : اللهم اغفر حوبتي ؛ أي إثمي . والحوبة أيضا الحاجة . ومنه في الدعاء : إليك أرفع حوبتي ؛ أي حاجتي . والحوب الوحشة ؛ ومنه قوله عليه السلام
لأبي أيوب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500083إن طلاق أم أيوب لحوب . وفيه ثلاث لغات " حوبا " بضم الحاء وهي قراءة العامة ولغة
أهل الحجاز . وقرأ
الحسن " حوبا " بفتح الحاء . وقال
الأخفش : وهي لغة تميم .
مقاتل : لغة الحبش .
والحوب المصدر ، وكذلك الحيابة . والحوب الاسم . وقرأ
أبي بن كعب " حابا " على المصدر مثل القال . ويجوز أن يكون اسما مثل الزاد . والحوأب ( بهمزة بعد الواو ) . المكان الواسع . والحوأب ماء أيضا . ويقال : ألحق الله به الحوبة أي المسكنة والحاجة ؛ ومنه قولهم : بات بحيبة سوء . وأصل الياء الواو . وتحوب فلان أي تعبد وألقى الحوب عن نفسه . والتحوب أيضا التحزن . وهو أيضا الصياح الشديد ؛ كالزجر ، وفلان يتحوب من كذا أي يتوجع وقال
طفيل :
[ ص: 12 ] فذوقوا كما ذقنا غداة محجر من الغيظ في أكبادنا والتحوب
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى
nindex.php?page=treesubj&link=28975قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَأَرَادَ بِالْيَتَامَى الَّذِينَ كَانُوا أَيْتَامًا ؛ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=120وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ وَلَا سِحْرَ مَعَ السُّجُودِ ، فَكَذَلِكَ لَا يُتْمَ مَعَ الْبُلُوغِ . وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَتِيمُ
أَبِي طَالِبٍ " اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ . وَآتُوا أَيْ أَعْطُوا . وَالْإِيتَاءُ الْإِعْطَاءُ . وَلِفُلَانٍ أَتْوٌ ، أَيْ عَطَاءٌ .
أَبُو زَيْدٍ : أَتَوْتُ الرَّجُلَ آتُوهُ إِتَاوَةً ، وَهِيَ الرِّشْوَةُ . وَالْيَتِيمُ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَةِ " مُسْتَوْفًى . وَهَذِهِ الْآيَةُ خِطَابٌ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ . نَزَلَتْ - فِي قَوْلِ
مُقَاتِلٍ وَالْكَلْبِيِّ - فِي
رَجُلٍ مِنْ غَطَفَانَ كَانَ مَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ لِابْنِ أَخٍ لَهُ يَتِيمٍ ، فَلَمَّا بَلَغَ الْيَتِيمُ طَلَبَ الْمَالَ فَمَنَعَهُ عَمُّهُ ؛ فَنَزَلَتْ ، فَقَالَ الْعَمُّ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ ! وَرَدَّ الْمَالَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ وَرَجَعَ بِهِ هَكَذَا فَإِنَّهُ يَحُلُّ دَارَهُ يَعْنِي جَنَّتَهُ . فَلَمَّا قَبَضَ الْفَتَى الْمَالَ أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ثَبَتَ الْأَجْرُ وَبَقِيَ الْوِزْرُ . فَقِيلَ : كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ثَبَتَ الْأَجْرُ لِلْغُلَامِ وَبَقِيَ الْوِزْرُ عَلَى وَالِدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُشْرِكًا .
[ ص: 10 ] الثَّانِيةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=33311وَإِيتَاءُ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا - إِجْرَاءُ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مَا دَامَتِ الْوِلَايَةُ ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ إِلَّا ذَلِكَ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ الْكُلِّيَّ وَالِاسْتِبْدَادَ كَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الْكَبِيرِ .
الثَّانِي - الْإِيتَاءُ بِالتَّمَكُّنِ وَإِسْلَامِ الْمَالِ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ عِنْدَ الِابْتِلَاءِ وَالْإِرْشَادِ ، وَتَكُونُ تَسْمِيَتُهُ مَجَازًا ، الْمَعْنَى : الَّذِي كَانَ يَتِيمًا ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الِاسْمِ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=120وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ أَيِ الَّذِينَ كَانُوا سَحَرَةً . وَكَانَ يُقَالُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَتِيمُ
أَبِي طَالِبٍ " . فَإِذَا تَحَقَّقَ الْوَلِيُّ رُشْدَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ إِمْسَاكُ مَالِهِ عَنْهُ وَكَانَ عَاصِيًا . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : إِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً أُعْطِيَ مَالَهُ كُلَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَدًّا .
قُلْتُ : لَمَّا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِينَاسَ الرُّشْدِ وَذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ : لَمَّا لَمْ يُقَيَّدِ الرُّشْدُ فِي مَوْضِعٍ وَقُيِّدَ فِي مَوْضِعٍ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُمَا ، فَأَقُولُ : إِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ سَفِيهٌ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ ، وَجَبَ دَفْعُ الْمَالِ إِلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ ، عَمَلًا بِالْآيَتَيْنِ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ صَارَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَدًّا فَإِذَا صَارَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَدًّا فَكَيْفَ يَصِحُّ إِعْطَاؤُهُ الْمَالَ بِعِلَّةِ الْيُتْمِ وَبِاسْمِ الْيَتِيمِ ؟ ! وَهَلْ ذَلِكَ إِلَّا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ؟ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا بَاطِلٌ لَا وَجْهَ لَهُ ؛ لَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي يَرَى الْمُقَدَّرَاتِ لَا تَثْبُتُ قِيَاسًا وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ النَّصِّ ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . وَسَيَأْتِي مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الْحَجْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ أَيْ لَا تَتَبَدَّلُوا الشَّاةَ السَّمِينَةَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِالْهَزِيلَةِ ، وَلَا الدِّرْهَمَ الطَّيِّبَ بِالزَّيْفِ . وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِعَدَمِ الدِّينَ لَا يَتَحَرَّجُونَ عَنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ، فَكَانُوا يَأْخُذُونَ الطَّيِّبَ وَالْجَيِّدَ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيُبَدِّلُونَهُ بِالرَّدِيءِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ؛ وَيَقُولُونَ : اسْمٌ بِاسْمٍ وَرَأْسٌ بِرَأْسٍ ؛ فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ . هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَ الْيَتَامَى وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ خَبِيثَةٌ وَتَدَعُوا الطَّيِّبَ وَهُوَ مَالُكُمْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=12045وَأَبُو صَالِحٍ وَبَاذَانُ : لَا تَتَعَجَّلُوا أَكْلَ الْخَبِيثِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتَدَعُوا انْتِظَارَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَيَأْخُذُ الْأَكْبَرُ الْمِيرَاثَ .
عَطَاءٌ : لَا تَرْبَحْ عَلَى يَتِيمِكَ الَّذِي
[ ص: 11 ] عِنْدَكَ وَهُوَ غِرٌّ صَغِيرٌ . وَهَذَانَ الْقَوْلَانِ خَارِجَانِ عَنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ : تَبَدَّلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ أَيْ أَخَذَهُ مَكَانَهُ . وَمِنْهُ الْبَدَلُ .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ قَالَ
مُجَاهِدٌ : وَهَذِهِ الْآيَةُ نَاهِيَةٌ عَنِ الْخَلْطِ فِي الْإِنْفَاقِ ؛ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَخْلِطُ نَفَقَتَهَا بِنَفَقَةِ أَيْتَامِهَا فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنُ فُورَكَ ، عَنِ
الْحَسَنِ : تَأَوَّلَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ النَّهْيَ عَنِ الْخَلْطِ فَاجْتَنَبُوهُ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ ، فَخُفِّفَ عَنْهُمْ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ : إِنَّ إِلَى بِمَعْنَى مَعَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ . وَأَنْشَدَ
الْقُتَبِيُّ :
يَسُدُّونَ أَبْوَابَ الْقِبَابِ بِضُمَّرٍ إِلَى عُنُنٍ مُسْتَوْثِقَاتِ الْأَوَاصِرِ
وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ . وَقَالَ الْحُذَّاقُ : إِلَى عَلَى بَابِهَا وَهِيَ تَتَضَمَّنُ الْإِضَافَةَ ، أَيْ لَا تُضِيفُوا أَمْوَالَهُمْ وَتَضُمُّوهَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ فِي الْأَكْلِ . فَنُهُوا أَنْ يَعْتَقِدُوا أَمْوَالَ الْيَتَامَى كَأَمْوَالِهِمْ فَيَتَسَلَّطُوا عَلَيْهَا بِالْأَكْلِ وَالِانْتِفَاعِ .
الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا " إِنَّهُ " أَيِ الْأَكْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2كَانَ حُوبًا كَبِيرًا أَيْ إِثْمًا كَبِيرًا ؛ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا . يُقَالُ : حَابَ الرَّجُلُ يَحُوبُ حُوبًا إِذَا أَثِمَ . وَأَصْلُهُ الزَّجْرُ لِلْإِبِلِ ؛ فَسُمِّيَ الْإِثْمُ حُوبًا ؛ لِأَنَّهُ يُزْجَرُ عَنْهُ وَبِهِ . وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ حَوْبَتِي ؛ أَيْ إِثْمِي . وَالْحَوْبَةُ أَيْضًا الْحَاجَةُ . وَمِنْهُ فِي الدُّعَاءِ : إِلَيْكَ أَرْفَعُ حَوْبَتِي ؛ أَيْ حَاجَتِي . وَالْحَوْبُ الْوَحْشَةُ ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِأَبِي أَيُّوبَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500083إِنَّ طَلَاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحَوْبٌ . وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ " حُوبًا " بِضَمِّ الْحَاءِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ وَلُغَةُ
أَهْلِ الْحِجَازِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ " حَوْبًا " بِفَتْحِ الْحَاءِ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ .
مُقَاتِلٌ : لُغَةُ الْحَبَشِ .
وَالْحُوبُ الْمَصْدَرُ ، وَكَذَلِكَ الْحِيَابَةُ . وَالْحُوبُ الِاسْمُ . وَقَرَأَ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ " حَابًا " عَلَى الْمَصْدَرِ مِثْلَ الْقَالِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا مِثْلَ الزَّادِ . وَالْحَوْأَبُ ( بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْوَاوِ ) . الْمَكَانُ الْوَاسِعُ . وَالْحَوْأَبُ مَاءٌ أَيْضًا . وَيُقَالُ : أَلْحَقَ اللَّهُ بِهِ الْحَوْبَةَ أَيِ الْمَسْكَنَةَ وَالْحَاجَةَ ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : بَاتَ بِحَيْبَةِ سُوءٍ . وَأَصْلُ الْيَاءِ الْوَاوُ . وَتَحَوَّبَ فُلَانٌ أَيْ تَعَبَّدَ وَأَلْقَى الْحُوبَ عَنْ نَفْسِهِ . وَالتَّحَوُّبُ أَيْضًا التَّحَزُّنُ . وَهُوَ أَيْضًا الصِّيَاحُ الشَّدِيدُ ؛ كَالزَّجْرِ ، وَفُلَانٌ يَتَحَوَّبُ مِنْ كَذَا أَيْ يَتَوَجَّعُ وَقَالَ
طُفَيْلٌ :
[ ص: 12 ] فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ مِنَ الْغَيْظِ فِي أَكْبَادِنَا وَالتَّحَوُّبِ