روى محمد بن عمر ، في الإكليل والحاكم عن رضي الله تعالى عنه قال : أصيب جابر بمؤتة ناس من المسلمين ، وغنم المسلمون بعض أمتعة المشركين ، وكان فيما غنموا خاتم جاء به رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قتلت صاحبه يومئذ فنفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتقدم حديث رضي الله تعالى عنه . وروى عوف بن مالك محمد بن عمر ، عن رضي الله تعالى عنه قال : «حضرت خزيمة بن ثابت مؤتة فبارزني رجل منهم يومئذ فأصبته وعليه بيضة له فيها ياقوتة ، فلم تكن همتي إلا الياقوتة ، فأخذتها . فلما رجعنا إلى المدينة أتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفلنيها ، فبعتها زمن بمائة دينار فاشتريت بها حديقة نخل» عثمان . قال في البداية : «وهذا يقتضي أنهم غنموا منهم وسلبوا من أشرافهم وقتلوا من أمرائهم» . وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنه قال : «لقد اندقت في يدي يوم خالد مؤتة تسعة أسياف وما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية» وهذا يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلا ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم- إذ كان المسلمون ثلاثة آلاف والمشركون أكثر من مائتي ألف- وهذا وحده دليل مستقل والله أعلم .
وقد ذكر أن ابن إسحاق قطبة بن قتادة العذري الذي كان على ميمنة المسلمين حمل على مالك بن رافلة ويقال ابن رافلة ، وهو أمير أعراب النصارى ، فقتله ، وقال قطبة يفتخر بذلك :
طعنت ابن رافلة ابن الإراش برمح مضى فيه ثم انحطم ضربت على جيده ضربة
فمال كما مال غصن السلم وسقنا نساء بني عمه
غداة رقوقين سوق النعم
وروى الإمام أحمد وابن ماجه رضي الله تعالى عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أصيب أسماء بنت عميس جعفر وأصحابه فقال : «ايتني ببني جعفر» . فأتيته بهم فشمهم وذرفت عيناه ، فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء ؟ قال : «نعم أصيبوا هذا اليوم» .
قالت : فقمت أصيح واجتمع إلي النساء وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال : «لا تغفلوا عن آل جعفر أن تصنعوا لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم» . عن [ ص: 153 ]
وروى البخاري والبيهقي رضي الله تعالى عنه قال : نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر أنس زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس يوم أصيبوا قبل أن يأتيه خبرهم فقال : «أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها فأصيب ، وعيناه تذرفان ، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله عليهم» ابن رواحة . عن
وروى النسائي عن والبيهقي أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال : زيد شهيدا ، فاستغفر له ثم أخذ اللواء جعفر فشد على القوم حتى قتل شهيدا ، فاستغفر له ، ثم أخذه ولم يكن من الأمراء ، هو أمر نفسه» . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره» خالد بن الوليد ، . «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الإمراء فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله ، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنودي : الصلاة جامعة . فاجتمع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «أخبركم عن جيشكم هذا . إنهم انطلقوا فلقوا العدو فقتل
فمن يومئذ «سيف الله» خالد : . سمي
وروى عن البيهقي ابن عقبة رحمه الله تعالى قال : رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بخبر أهل يعلى بن أمية مؤتة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن شئت أخبرني وإن شئت أخبرك ، بخبرهم» . قال : بل أخبرني يا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم كله فقال : «والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفا واحدا لم تذكره وإن أمرهم لكما ذكرت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله عز وجل رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم ورأيتهم في المنام على سرر من ذهب فرأيت في سرير ازورارا عن سريري صاحبيه فقلت : عم هذا ؟ فقيل لي : مضيا وتردد بعض التردد ثم مضى» عبد الله بن رواحة . «قدم
وروى عن عبد الرزاق رحمه الله تعالى مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن المسيب جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من در ، فرأيت زيدا ، وابن رواحة في أعناقهما صدودا ، ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود ، فسألت أو قيل لي إنهما حين غشيهما الموت اعتراضا أو كأنهما صدا بوجهيهما وأما [ ص: 154 ] جعفر فإنه لم يفعل وأن الله تعالى أبدله جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء» . «مثل
وروى البخاري عن والنسائي قال : «كان عامر الشعبي رضي الله تعالى عنهما إذا حيا ابن عمر عبد الله بن جعفر قال : السلام عليك يا ابن ذي الجناحين» .
قال : «ولما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيما بلغني- : ابن إسحاق فقاتل بها حتى قتل شهيدا» . قال : ثم صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه زيد بن حارثة الأنصار وظنوا أنه قد كان في بعض ما يكرهون ثم قال : «ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا» ، ثم قال : «لقد رفعوا إلي في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب» عبد الله بن رواحة . فذكر مثل ما سبق . «أخذ الراية
وروى ابن سعد عن أبي عامر رضي الله تعالى عنه . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه مصاب أصحابه شق ذلك عليه فصلى الظهر ثم دخل وكان إذا صلى الظهر قام فركع ركعتين ثم أقبل بوجهه على القوم ، فشق ذلك على الناس ، ثم صلى العصر ففعل مثل ذلك ، [ثم صلى المغرب ففعل مثل ذلك] ثم صلى العتمة ففعل مثل ذلك حتى إذا كان صلاة الصبح دخل المسجد ثم تبسم ، وكان تلك الساعة لا يقوم إليه إنسان من ناحية المسجد حتى يصلي الغداة . فقال له القوم [حين تبسم] : «يا نبي الله بأنفسنا أنت لا يعلم إلا الله ما كان بنا من الوجد منذ رأينا منك الذي رأينا» . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كان الذي رأيتهم مني أنه أحزنني قتل أصحابي حتى رأيتهم في الجنة إخوانا على سرر متقابلين ، ورأيت في بعضهم إعراضا كأنه كره السيف ورأيت جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم»
وروى في الثالث والعشرين بعد المائة من فوائده عن الحكيم الترمذي رضي الله تعالى عنه قال : بعثني عبد الرحمن بن سمرة بشيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خالد بن الوليد مؤتة .