ذكر بعد قتل أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهزمه المشركين ، خالد بن الوليد وإعلام الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح تأمير المسلمين
قال : ثم أخذ الراية ابن إسحاق ثابت بن أقرم أخو بني العجلان فقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم . فقالوا : أنت . قال : ما أنا بفاعل . فاصطلح الناس على خالد بن الوليد .
وروى عن الطبراني أبي اليسر الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال : أنا دفعت الراية إلى ثابت بن أقرم لما أصيب فدفعت إلى عبد الله بن رواحة وقال [له خالد ثابت بن أقرم] أنت أعلم بالقتال مني . قال : «فلما أخذ الراية ابن إسحاق دافع القوم وحاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه وانصرف بالناس» . خالد بن الوليد
هكذا ذكر أنه لم يكن إلا المحاشاة والتخلص من أيدي ابن إسحاق الروم الذين كانوا مع من انضم إليهم أكثر من مائتي ألف والمسلمون ثلاثة آلاف . ووافق على ذلك شرذمة . وعلى هذا سمي هذا نصرا وفتحا باعتبار ما كانوا فيه من إحاطة العدو وتراكمهم وتكاثرهم عليهم وكان مقتضى العادة أن يقتلوا بالكلية وهو محتمل لكنه خلاف الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم : «حتى فتح الله عليكم» . ابن إسحاق
والأكثرون على أن خالدا ومن معه رضي الله تعالى عنهم قاتلوا المشركين حتى هزموهم . ففي حديث أبي عامر عند ابن سعد أن خالدا لما أخذ [ ص: 151 ] اللواء «حمل على القوم فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاءوا» .
وروى برجال ثقات عن الطبراني قال : ثم اصطلح المسلمون بعد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم على موسى بن عقبة خالد بن الوليد المخزومي فهزم الله تعالى العدو وأظهر المسلمين . وروى محمد بن عمر الأسلمي عن عطاف بن خالد لما قتل مساء بات ابن رواحة فلما أصبح غدا وقد جعل مقدمته ساقته وساقته مقدمته وميمنته ميسرة وميسرته ميمنة ، فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئاتهم وقالوا وقد جاءهم مدد فرعبوا وانكشفوا منهزمين . قال : فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم . وذكر خالد بن الوليد ، ابن عائذ في مغازيه نحوه .
وروى محمد بن عمر عن الحارث بن الفضل رحمه الله تعالى : لما أخذ الراية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الآن حمي الوطيس» . خالد بن الوليد
وروى القراب في تاريخه عن برذع بن زيد رضي الله تعالى عنه قال : اقتتل المسلمون مع المشركين سبعة أيام . وروى الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وهذا الذي ذكره وأبي سعيد الخدري أبو عامر والزهري ، وعروة ، وابن عقبة ، وعطاف بن خالد ، وابن عائذ وغيرهم هو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث «ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه» . أنس :
وفي حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه مرفوعا كما سيأتي . ثم أخذ اللواء ولم يكن من الأمراء ، هو أمر نفسه . خالد بن الوليد
ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعه ، ثم قال : . «اللهم إنه سيف من سيوفك فانصره»
فمن يومئذ ، رواه الإمام سمي خالد بن الوليد «سيف الله» برجال ثقات ويزيده قوة ويشهد له بالصحة ما رواه الإمام أحمد أحمد ، ومسلم ، ، وأبو داود والبرقاني عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه قال : «خرجت [مع من خرج] مع رضي الله تعالى عنهما في غزوة زيد بن حارثة مؤتة ورافقني مددي من المسلمين من اليمن ، ليس معه غير سيفه . فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المددي طائفة من جلد ، فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرقة ، ومضينا ولقينا جموع الروم فيهم رجل على فرس له أشقر ، عليه سرج مذهب وسلاح مذهب ، فجعل الرومي يغزو المسلمين ، فقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه بسيفه وخر الرومي فعلاه بسيفه فقتله وحاز سلاحه وفرسه . فلما فتح الله تعالى على المسلمين بعث إليه فأخذ منه بعض السلب . قال خالد بن الوليد عوف ، فأتيت خالدا وقلت له : أما [ ص: 152 ] علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ولكني استكثرته . فقلت لتردنه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأبي أن يرد عليه . قال عوف : فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصة المددي وما فعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما صنعت ؟ » قال : استكثرته . قال : «رد عليه ما أخذت منه» . قال خالد ، عوف : دونكها يا ألم أف لك ؟ [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وما ذاك ؟ » فأخبرته] . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : «يا خالد لا ترد عليه هل أنتم تاركون أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره» خالد . عن