الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويكبر عند الهوي ولا يرفع يديه في غير الركوع .

التالي السابق


ثم هذا الذي ذكره المصنف يتعلق بأقل السجود، وأما ما يتعلق بأكمله، فقد أشار إليه المصنف بقوله: (ويكبر عند الهوي) ، أي: يبتدئ التكبير مع ابتداء الهوي، وهل يمد أو يحذف؟ فيه ما سبق في القولين، وسيذكره المصنف قريبا، (ولا يرفع يديه) من التكبير ههنا، أي: (مع غير الركوع) لما روي عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في السجود". رواه البخاري، وفي رواية له: "ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود". وفي رواية: "ولا يرفع بين السجدتين"، وفي أخرى للبخاري: "ولا يفعل ذلك في السجود"، وفي رواية لمسلم: "ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود"، ووهم بعضهم رواية من روى "بين السجدتين"، وصوب بقية الألفاظ لعمومها، وقال الدارقطني في غرائبه: إن قول بندار "بين السجدتين" وهم، وقول ابن سنان في السجود أصح .



(تنبيه) :

يعارض هذه الألفاظ ما رواه الطبراني من حديث ابن عمر أيضا: "كان يرفع يديه إذا كبر، وإذا رفع، وإذا سجد" . وما رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "وحين يركع وحين يسجد" وما رواه أبو داود: "وإذا وقع للسجود فعل مثل ذلك"، وله من حديث أبي وائل : "وإذا رفع رأسه من السجود"، وما رواه النسائي من حديث مالك بن الحويرث : "وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من سجوده". وما رواه أحمد من حديث وائل: "كلما كبر ورفع ووضع وبين السجدتين". وما رواه ابن ماجه أيضا من حديث عمير بن خبيب: "مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة"، وما رواه الطحاوي من حديث ابن عمر أيضا: "كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود، وقيام وقعود بين السجدتين". فتمسك الأئمة الأربعة بالروايات التي فيها نفي الرفع في السجود لكونها أصح، وضعفوا ما عارضها، وهو قول جمهور العلماء .

وأخذ آخرون بظاهر تلك الروايات وصححوها وقالوا: هي مثبتة، فهي مقدمة على النفي، وبه قال ابن حزم، ونقل هذا المذهب عن ابن عمر وابن عباس والحسن البصري وطاوس، وابنه عبد الله ونافع مولى ابن عباس، وأيوب السختياني، وعطاء بن أبي رباح . وقال به ابن المنذر وأبو علي الطبري من الشافعية، وهو قول عن مالك والشافعي، فحكى ابن خويز منداد رواية: "أنه يرفع في كل خفض ورفع"، وفي أواخر البويطي: "ويرفع في كل خفض ورفع". وروى ابن أبي شيبة الرفع بين السجدتين عن أنس والحسن، وابن سيرين، كذا في "شرح التقريب" للعراقي.




الخدمات العلمية