الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وينبغي أن يكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ، وأن يضع بعدهما يديه ، ثم يضع بعدهما وجهه وأن يضع جبهته وأنفه على الأرض .

التالي السابق


(وينبغي) أي: السنة، كما في الشرح (أن يكون أول ما يقع منه) ، أي: من الساجد، (على الأرض ركبتاه، وأن يضع بعدهما يديه، ثم بعدهما وجهه) ، وأخصر منه أن يقول: ثم يداه ثم وجهه، أي: أنفه وجبهته، قال الرافعي خلافا لمالك حيث قال: يضع يديه قبل ركبتيه، وربما خير فيه، لنا ما روي عن وائل بن حجر قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، فإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه".

قلت: أخرجه أصحاب السنن الأربعة، وابن خزيمة وابن السكن في [ ص: 68 ] صحاحهم من طريق شريك عن عاصم بن كليب، عن أبيه عنه، تفرد به شريك، وتابعه همام عن عاصم مرسلا، وقال الحازمي: رواية من أرسل أصح، ورواه همام أيضا عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه موصولا؛ وهذه الطريق في سنن أبي داود، إلا أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، وله شاهد من وجه آخر .

روى الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس في حديث: "ثم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه". قال البيهقي : تفرد به العلاء بن إسماعيل العطار، وهو مجهول .

قلت: وعند أصحابنا مثل مذهب الشافعي : يضع ركبتيه ثم يديه إذا لم يكن له عذر يمنعه من النزول على هذه الصفة، وهو أيضا مذهب أحمد، وأورد البخاري معلقا عن نافع: "كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه، قال الحافظ في "بلوغ المرام": لكن حديث أبي هريرة: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه". أقوى من حديث وائل: "رأيته إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه". لأن حديث أبي هريرة له شاهد من حديث ابن عمر ، وصححه ابن خزيمة .

(وأن يضع) الساجد (أنفه على الأرض) مع الجبهة، وهو معدود من السنن، وقد قدمنا أن إحدى الروايتين عن أحمد أن الجمع بين وضع الجبهة والأنف واجب، وهي المشهورة، وأيضا رواية ابن حبيب من المالكية، وروى أشهب عن مالك كمذهب أبي حنيفة، وقد تقدم ذلك كله .



(تنبيه) :

بعد القول بوجوب السجود على الأنف عند أصحابنا، اتفقت كلمتهم على أن المراد بالأنف ما صلب منه لا ما لان حتى لو سجد على ما لان منه فقط، لا يجوز بإجماعهم، والله أعلم .




الخدمات العلمية