باب في سهمان الخيل ومن لا يسهم له منها
؛ لحديث ويسهم للفارس سهم ولفرسه سهمان - رضي الله عنهما - ، قال : ابن عمر . اجتمع عليه جعل رسول الله للفرس سهمين ، ولصاحبه سهما البخاري ومسلم في الموطأ ، وهذا لفظ ومالك . البخاري
واختلف فيمن معه فرسان : فقال : يسهم لهما . وذكر ابن وهب ابن القصار عن ابن الجهم : أنه أنكر القول أن يسهم لواحد منهما . وقال : رأيت من انتهى إلي قوله من الفقهاء وأهل الثغور والمجاهدين يقولون : يسهم لفرسين ، ولأن صاحب الفرس كالراجل ؛ لأنه لا تؤمن عليه الحوادث . يريد : أنه يتكلف مؤونة الثاني ، وإخراج الثمن فيه ، والنفقة عليه عدة لما يحدث بالآخر .
والأول أحسن ؛ لأن القتال على واحد ، والموت وغيره من الطوارئ .
ولا يسهم لثلاث : ولا يسهم للبراذين إلا ما قارب منفعة الخيل ، ولا للبغال ولا للإبل ؛ لأن منفعتها غير مقاربة لمنفعة الخيل ، ولا يسهم لكسير ولا [ ص: 1418 ] حطيم ولا لهرم ولا لصغير لم يبلغ أن يركب .
واختلف في المريض والرهيص والصغير الذي لم يبلغ الركوب : فقال في المدونة : يسهم للمريض والرهيص .
وروى عنه أشهب وابن نافع : لا يسهم للمريض . وعلى هذا لا يسهم للرهيص ، وهو أحسن .
وإذا لم يسهم للبراذين لضعف منفعتها عن الخيل- كان أبين ألا يسهم للمريض إذا كان مرضه من قبل الإدراب ، وإن كان بعد أن قاتل عليه .
ويختلف إذا كان مرضه بعد الإدراب وقبل القتال قياسا على موته حينئذ ؛ لأن مرضه قطع الانتفاع به كموته . وهو أحسن ، وبه أخذ محمد بن عبد الحكم ، قال : بخلاف الرجل العليل ؛ لأن فيه المشورة إن كان فيه موضع المشورة . وعلى قوله إن لم يكن موضعا للمشورة- لا سهم له .
وقال في كتاب ابنه ، في الصغير لا يقاتل على مثله : هو راجل ، ولو كان فيه بعض القوة لذلك لأسهم له . [ ص: 1419 ] سحنون
ولا أرى أن يسهم له ؛ لأن منفعته أقل من منفعة البراذين .
وإن مات الفرس بعد القتال ثم وقع الفتح- أسهم له ، وإن مات بعد الإدراب وقبل القتال فلا شيء له على قول مالك . وابن القاسم
وقال أشهب : بالإدراب استحق السهمان ، وإن مات . وعبد الملك
وإن باعه أو أعاره أو غصب منه أو ضل عنه افترق الجواب : فإن قاتل عليه ، ثم باعه فقاتل عليه الثاني ففتح له كان سهمانه للأول .
وقال في كتاب ابنه : ولو قاتل عليه الثاني ، ثم باعه فقاتل عليه الثالث ففتح لهم كان سهمانه للأول ؛ لأنه قتال واحد ، كما لو مات الأول ، فقاتل عليه ورثته . قال : ولو كان قتالا مبتدأ بعد موته لكان للآخر السهمان أيضا . سحنون
ويختلف إذا باعه الأول بعد الإدراب الثاني وقبل القتال ، ثم قاتل عليه الثاني : هل يكون سهمانه للأول أو للثاني ؟
واختلف إذا أعاره قبل القتال : فقال في كتاب مالك محمد : سهمانه للمعار . وقاله مرة . وقال أيضا للمعير . ابن القاسم
وكأنه فرق بينه وبين لو ضل ، ويحتمل أن يكون ذلك لأنه يقول : يضرب له بسهمانه بالإدراب . أو يقول : إنه يستحق سهمانه إذا كان موجودا قائما ولم يقاتل عليه ، فلا يسقط ذلك قتال غيره عليه . [ ص: 1420 ]
والأول أحسن ؛ لأنه إنما يستحق سهمانه وإن كان قائما ؛ لأنه عدة إن رأى القتال عليه فعل ، فإذا أسلمه لغيره لم يكن له شيء ، ويصير بمنزلة لو باعه قبل أن يقاتل عليه . ولو أعاره بعد أن قاتل عليه كان السهمان لصاحبه ؛ لأنه استحق ذلك قبل العارية .
واختلف عن إذا غصب منه قبل أن يقاتل عليه : فقال في كتاب ابن القاسم محمد : السهمان لصاحبه . وقال أيضا : للمتعدي . وهذا يرجع إلى الخلاف في الضال : فعلى القول : إن لصاحبه سهمانه وإن ضل- يكون سهمان المغصوب لصاحبه ؛ لأنه يقول : لو ذهب مني لكان سهمانه لي ؛ فلا يضرني قتالك عليه . ولا يصح أن يكون له سهمان أيضا ؛ لأنه لا يضرب لفرس واحد بأربعة أسهم .
ومن لم يجعل له سهمانا إذا ضل جعل سهمانه ها هنا للغاصب ، وعليه إجارة المثل إلا على من قال فيمن غصب دارا فأغلقها ، أو عبدا فأوقفه : أنه يغرم لصاحبه ما حرمه من غلاته- فيجعل السهمان لصاحبه ؛ لأنه بالغصب حرمه ذلك .
ولو كان معه فرسان غصبه أحدهما ؛ كان سهمان المغصوب للغاصب ، وعليه لصاحبه إجارة المثل . ولو . ولو غنم المسلمون خيلا ، فغصب رجل منهما [ ص: 1421 ] فرسا فقاتل عليه- كان سهمانه للغاصب . غصب فرسا من أرض الإسلام كان سهمانه للغاصب ، ولصاحبه إجارة المثل
وقال محمد : وعليه إجارة المثل . وقال : إذا كانوا في سفن فلقوا العدو فغنموا ؛ يضرب للخيل التي معهم في السفن . والقياس ألا يضرب لها ؛ لأنها لم تستعد للبحر ، ولم تبلغ الموضع الذي يصح القتال بها فيه . مالك
قال : إذا خرجت سرية من عسكر ، وخلفوا خيلهم فغنموا ؛ يضرب لخيولهم سهمانهم . [ ص: 1422 ] ابن القاسم