فصل [القول في المعادن وملكها وإقطاعها وأخذ الزكاة مما يخرج منها من ذهب أو ورق]
واختلف بعد القول أنه لمالكه إذا أعطاه لمن يعمل فيه على معاوضة في الصفة التي يجوز أن يعطى عليها ، وعلى ملك من يزكي ، فأنزله وغيره بمنزلة من أعطى مالا قراضا ، أو مساقاة ، وأجاز أن يعطي المعدن على جزء نصف ، أو ثلث ، أو ربع ، أو بأجرة يأخذها العامل ، فيكون ما أخرج لمالكه . فأنزله ابن الماجشون ، مالك ، وأشهب بمنزلة من أكرى أرضه بأجرة معلومة يأخذها صاحبها ، فيكون ما أخرج للعامل ، ويزكي على ملك العامل . وأجاز في كتاب وسحنون محمد أن يعطى على الثلث ، والخمس ، ويجوز على هذا أن يعطى بأجرة يأخذها العامل ويكون ما أخرج لمالكه .
وأجاز في كتاب مالك للإمام أن يعطي المعدن لمن يعمل فيه على شيء معلوم يؤديه إليه بمنزلة من أكرى أرضه . وقال ابن سحنون في كتاب أشهب محمد ، في أهل الصلح يسلمون وفي أيديهم معدن ، فيأذنون لمن يعمل فيه من سواهم : فلا بد من زكاة ذلك . قال : وكذلك من عاملهم عليها قبل [ ص: 958 ] الإسلام إن كان مسلما يؤدي زكاته بمنزلة من اكترى منهم أرضهم . فيه فائدتان : أنه يزكيه المسلم وإن كان في الأصل للكافر ، وأنه بمنزلة الاكتراء ، ولا يجوز على هذا أن يعطيه بجزء مما يخرجه ، إلا على قول في كراء الأرض بالجزء ، ويمنع على قول الليث ، أن يعطى معدن الذهب بذهب ، كما يمنع من ابن القاسم لمن يزرعها حنطة ، ويمنع من كرائها بفضة كما يمنع من كراء الأرض بالعسل والملح . واختلف كراء الأرض بالحنطة عبد الملك في زكاته ، فقال وسحنون : إذا أعطى لمن يعمل فيه ، فالشركاء فيما خرج منه كالواحد ، والعبد فيه كالحر ، والذمي كالمسلم فإنما يزكى على ملك صاحبه . عبد الملك
وقال : هو كالزرع ليس على عبد ولا على ذمي فيه شيء ، وحكم الإشراك فيه حكمهم في الزرع . والأول أحسن ؛ لأن ما يؤخذ من المعدن قد كان فيه موجودا ، فلم يخرج العامل فيه من عنده شيئا ، وإنما حفر عن شيء موجود حتى كشف عنه ، فالذي كان فيه موجودا ، هو الذي يزكى ، ومكتري الأرض أخرج من عنده الزريعة ووضعها في الأرض ، وهي التي نبتت ، وإذا كان ذلك ؛ وجب أن يزكى المعدن على ملك صاحبه . [ ص: 959 ] سحنون
فإن كان لحر مسلم ؛ زكي ، وإن كان العامل عبدا ، أو ذميا ، أو جماعة . وإن كان المعدن لذمي ؛ لم يزك العامل وإن كان حرا مسلما . وفي كتاب الشركة ذكر بيع المعادن ، وموت من أقطعت له . [ ص: 960 ]