باب في تلقين الميت، وغسله، وتجريده، والماء الذي يغسل به، والثوب الذي ينشف به، واغتسال غاسله
لا إله إلا الله; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: يلقن الميت عند الاحتضار: أخرجه "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" ولقوله: مسلم، ويعاد ذلك عليه مرة بعد مرة، ويجعل بينهما مهلة. "من كان آخر قوله لا إله إلا الله دخل الجنة"
ويستحب أن يقرأ عنده القرآن، ويكون عنده طيب، ويجتنبه الحائض والجنب، واختلف في ذلك، والمنع أولى; لما روي: "أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب". وغمض النبي -صلى الله عليه وسلم- ويغمض إذا قضى، وقيل: إن أبا سلمة، غمض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس بصحيح، والذي في الصحيح أنه كان غائبا عند موته وأتى [ ص: 689 ] أبا بكر يقول: إنه لم يمت، فتلا: وعمر إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر: 30].
وقال ابن شعبان: يريد: خيفة تغير الرائحة والانفجار، ولا حجة في تأخير غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن ذلك مأمون عليه. لا يؤخر غسل الميت بعد خروج روحه،
لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في ابنته: ويبتدئ الغاسل بالميامن ومواضع الوضوء; "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"، وفي حديث آخر: "... أو سبعا..."، وقد تضمن هذا الحديث البداية بالميامن، وأن يوضأ، وأن يكون وترا من الثلاث إلى ما بعد، وجواز غسله بالماء المضاف، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ويخص بالإنقاء الفم والأنف والأرفاغ كالإبطين وغيرهما، ولا بأس أن يفضي باليد إلى الفرج إذا كانا زوجين، أو ملك يمين، وإن كانا أجنبيين لف على يده ثوبا كثيفا لا يجد معه حس ما تمر عليه اليد. [ ص: 690 ] "واغسلنها ثلاثا أو خمسا... بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورا..."
واختلف إذا كان في الموضع أذى لا يزيله إلا مباشرة اليد، فأجاز في المدونة أن يباشر ذلك، ومنعه مالك وهو أحسن، ولا يكون الميت في إزالة تلك النجاسة أعلى رتبة من الحي إذا كان لا يستطيع إزالتها لعلة أو لغيرها إلا بمباشرة غيره لذلك الموضع، فإنه لا يجوز أن يوكل من يمس فرجه لإزالة ذلك، ويجوز أن يصلي على حاله، فهو في الميت أخف، ولا يكشف ويباشر ذلك منه. ابن حبيب،
ولا يقتصر الغاسل على دون الثلاث; لأن الاقتصار على الواحدة لا يأتي على ما يراد من الإنقاء، والاقتصار على اثنتين خلاف ما تضمنه الحديث من أن يكون وترا، وإن أنقى في أربع زاد خامسة، وإن أنقى في ست زاد سابعة.