فصل [تكفين الشهيد]
لا خلاف في الشهيد يوجد عريانا أنه يوارى بثوب، وإن كان عليه ما لا يستر جميع جسده أنه يعم بقية ذلك بما يستره، والأصل في ذلك حديث قتل يوم أحد ولم يترك إلا نمرة له إن غطي بها رأسه بدت رجلاه وإن غطيت بها رجلاه بدا رأسه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "غطوا رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر". مصعب بن عمير:
وإن لم يوجد إلا دون ذلك غطي من سرته إلى ركبتيه، فإن كان فيه فضل غطي ما فوق ذلك إلى صدره.
واختلف إذا كان عليه ما يواري جميع جسده فقال لا يزاد عليه شيء، وقال أشهب في مدونته وأصبغ في العتبية: لا بأس بذلك، والأول أحسن وأتبع للأثر، ومحمل الحديث أنه يبعث يوم القيامة على هيئة ما قتل عليه لله سبحانه، وكما قال في المحرم: مالك: وقال: "لا تخمروا رأسه ولا تمسوه بطيب وكفنوه في ثوبيه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا". "لا يكلم أحد في سبيل الله- والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما [ ص: 687 ] اللون لون الدم والريح ريح المسك".
فقال واختلف فيما ينزع عنه، ينزع عنه الدرع والسيف والرمح، يريد: آلة الحرب، ولا ينزع الفرو ولا القلنسوة ولا الخفان، وقال في العتبية: ولا المنطقة إلا أن يكون لها خطب، وقال مالك في مختصر ما ليس في المختصر: يدفن في الثوب الحديد الذي يلبسه للنشاب والمنطقة، يريد بالحديد: الدرع، وعلى هذا لا تنزع عنه الفاتخة. وقال ابن القاسم: في العتبية: لا ينزع عنه الخاتم إلا أن يكون نفيس الفص، وعلى قوله لا ينزع عنه الثوب الجديد إلا أن يكون كثير الثمن. ابن القاسم
وقال في مدونته: تنزع عنه القلنسوة والخفان والحشو، وليس هذا بحسن، وأرى ألا ينزع عنه شيء، إلا السيف، والرمح، ونزع الخاتم خفيف. أشهب
وقال في العتبية فيمن مات في المعترك وهو جنب: لا يغسل ولا يصلى عليه، وقاله أشهب وقال ابن الماجشون، يغسل. [ ص: 688 ] سحنون: