فصل [في بيع الثنيا]
اختلف في هل هو بيع أو رهن، وإذا كان بيعا فأسقط البائع شرطه هل يصح البيع؟ فقال بيع الثنيا فيمن ابن القاسم لم يجز، وقال: كأنه بيع وسلف. يريد: أنه تارة بيع إن لم يرد البيع، وتارة سلف إن رده فرآه بيعا، فيكون على قوله ضامنا قياسا على المشتري إن هلك. [ ص: 4202 ] باع جارية على أنه متى جاء بالثمن أخذها:
وقال في العتبية فيمن مالك فبنى أو غرس: فهو فوت، وقال أيضا فيمن اشترى حائطا على مثل ذلك فاغتل، وبنى وحفر، قال: الغلة للمشتري بالضمان ويرد الحائط وللمشتري على البائع ما أنفق في بنيان جدار أو حفر. فجعله بيعا وأنه ضامن والغلة له، ولم يجعل الحفر والبناء فوتا؛ لأن ذلك إنما يكون فوتا فيما دخل المتبايعان فيه على البت وعلى ألا يرد، وإن كان فاسدا فكان رده بعد حدوث مثل ذلك مضرة على المشتري تارة وعلى البائع تارة، وهذا إن دخلا على الرد بعد أن كان حدوث مثل ذلك فلم يكن فوتا، فإن باعه المشتري على ثنيا من آخر كان فوتا على القولين جميعا؛ لأنه لم يحجر عليه البيع، وإنما قال: إن جئت بالثمن، يريد وهو قائم في يديك، ولو قال: أبيعك على ألا تبيعه حتى آتي بالثمن لكان له نقض البيع على أحد قولي اشترى أرضا على بيع ثنيا فيمن باع سلعة على إن باعها المشتري كان أحق بها. مالك
وفي كتاب محمد فيمن قال: ويصير جائزا، وقال اشترى على ثنيا فأسقط البائع الشرط مضى البيع، محمد: ذلك إذا رضي المشتري، وقال الشيخ أبو محمد بن أبي زيد: وقد فسخا الأول. وقول محمد إذا رضيا جميعا أحسن؛ لأن انتقالهما عن الصفة الأولى فسخ. [ ص: 4203 ]
وإن جاز ذلك في العروض والعبيد والوخش من الإماء؛ لأنه بعد العقد معروف، ولا يجوز في العلي؛ لأنه لا يجوز أن تبقى له منفعة وفيها حق لآخر. قال المشتري بعد عقد البيع متى جئت بالثمن، فهي لك،
وقال فإن باع ذلك المشتري، ولم يكن ضرب لإتيانه بالثمن أجلا جاز البيع، وإن ضرب أجلا لم يكن له أن يحدث فيها شيئا إلى منتهى ذلك الأجل، ولم يقل: يرد البيع. أصبغ:
وأرى أن يمضي البيع؛ لأن قول ذلك معروف وهبة فإذا خرج ما علق به الهبة والمعروف من يده إلى غيره سقطت الهبة.
وكذلك إذا قال المشتري للبائع على شرط أنه متى باعها البائع بعد رجوعها إليه كان المشتري المقيل أحق بها، جاز ذلك، ولزمه الوفاء بالشرط؛ لأن ذلك معروف من المقيل.
وقال في العتبية فيمن مالك قال: ذلك له وليس يرد البيع، ولكن يأخذ الثمن الذي باعه به الآخر. أقال بائعا من حائط اشتراه منه على أنه متى باعه فهو له بما يبيعه به، ثم باعه الأول بعد مدة فقام بشرطه
وقال إن طلب البائع المبتاع أن يقيله، فقال: أخاف أنك إنما رغبت في الثمن، فقال: لا، فقال: أنا أقيلك على أنك إن بعتها فهي لي [ ص: 4204 ] بالثمن الأول، فباعها بأكثر، فإن تبين أنه إنما طلب الإقالة رغبة في الزيادة، فهي للمقيل بالثمن الأول، وإن كان ذلك لأمر حدث فباعها بأكثر، فلا شيء للأول. ابن القاسم:
وقال أيضا: وإن علم أنه إنما طلب الإقالة ليبيعها فباعها، رد بيعه، وإن لم يكن ذلك وطال الزمان ثم باع فذلك نافذ، كالذي طلب زوجته وضيعة صداقها، فقالت: أخاف أن تطلقني، فقال: لا أفعل، فوضعته، ثم طلقها، قال: فإن كانت بقرب ذلك فلها الرجوع، وإن كان بعد طول الزمان وما لا يتهم أن يكون خدعها فلا رجوع لها. فجعل له الرجوع وإن لم يشترط أنك إن بحت فأنا أحق لما كانت الإقالة لئلا يبيعها. [ ص: 4205 ] ابن القاسم