باب في القرض الصحيح والفاسد
فمن القرض يجوز إذا كان قصد المقرض منفعة المستقرض وحده، فإن قصد منفعة نفسه أو منفعتهما، لم يجز وكان ربا، جاز، وكان المستقرض بالخيار بعد قبضه بين أن يتمسك به أو يرد عينه أو مثله. أقرض ثوبا وأراد منفعة المقرض،
واختلف إذا قصد أن يبيعه ذلك الثوب بمثله: فقال مالك وغيرهما: ذلك فاسد، وأجازه في مختصر الوقار، وإذا كان فاسدا على القول الأول رد إن كان قائما أو قيمته إن كان فائتا وهو بيع فاسد تفيته حوالة الأسواق فما فوق ذلك. وابن القاسم
وإن قال المقرض: أردت منفعة نفسي، ليكون مضمونا أو غير ذلك من الوجوه، لم يصدق إذا كذبه المستقرض وأخر الأمر إلى محل الأجل، ثم يغرم المستقرض مثل ما قبض ثم يباع؛ لأن المقرض مقر أن ليس له المثل، وإنما له قيمة، فإن بيع بدون القيمة لم يكن للمقرض إلا ما بيع به، وإن بيع بأكثر من القيمة وقف ذلك الزائد، فإن رجع المستقرض فأقر بالفساد أخذ تلك الفضلة، وإلا تصدق بها، وإن أقر المستقرض بالفساد وأنكر المقرض والثوب قائم، جبر على رده ولم يمكن من التمسك به، وإن فات بحوالة الأسواق فما بعد كان فوتا على قول المستقرض، وليس بفوت على قول ربه، فإن رجع المستقرض عن [ ص: 4206 ] قوله ورده جبر المقرض على قبوله، وإن أمسكه غرم المثل إلا أن يصدقه المقرض أنه كان فاسدا، أو يغرمه القيمة، فإن فاتت عينه وكان قد كذبه غرم القيمة معجلة، ولم يؤخر لمحل الأجل، ثم يشترى بها مثل الأول، فإن وفت فهو له، وإن لم توف كان عليه تمام الثمن، وإن كان في القيمة فضل وقف، فإن رجع المستقرض فاعترف بالفساد كان له ذلك الفضل.