فصل [في سقوط خيار الزوجة المعتقة بعد ثبوته]
ويسقط خيارها بعد ثبوته بوجهين:
أحدهما: أن تختاره بالقول أو تمكنه من نفسها بعد علمها بعتقها وعلمها أن لها الخيار، فيصيبها أو يقبل أو يباشر، وكذلك إذا مكنته ثم لم يفعل، وإن اختلفا فقال: علمت بالعتق، وقالت: إني لم أعلم; صدقت. واختلف إن فقال في المدونة: لا تصدق. وقال في مختصر قالت: علمت بالعتق وجهلت أن لي الخيار، ابن عبد الحكم: تصدق، وهو أحسن، ولعل حديث بريرة مشهور [ ص: 2678 ] عندهم بالمدينة، ولا يحكم الآن بأنها علمت، ولا يعرف ذلك إلا أهل العلم، ولا يعرفه العوام من الرجال، وقد قال في الذي يطلق زوجته ثلاثا ثم يصيبها ويدعي الجهل أو يعتق أم ولده ثم يصيبها ويدعي الجهل إنه يعذر بذلك، ولا حد عليه، فإذا عذر من ادعى جهل ذلك مع اشتهار الثلاث كانت الأمة أعذر، وإن كانت عالمة، واختلفا في المسيس، فإن أقرت بالخلوة كان القول قوله مع يمينه، وإن أنكرت الخلوة كان القول قولها مع يمينها، وإن تصادقا على المسيس، واختلفا هل كان بطوعها أو مكرهة كان القول قوله، وإن تصادقا على المسيس والطوع، واختلفا هل علمت بالعتق كان القول قولها، قال محمد: بغير يمين، وإن اختارت نفسها بعد دخوله بها لم يسقط شيء من صداقها، وإن لم يكن دخل بها لم يكن لها شيء، وإن لم يعلم حتى بنى بها كان لها الأكثر من المسمى أو صداق المثل على أنها حرة، وإن كان العقد فاسدا كان لها صداق حرة قولا واحدا، وإن كان العقد صحيحا وعلمت بالعتق وبالحكم ثم بنى بها لم يكن لها إلا المسمى، وإن أعتقت وزوجها غائب واختارت نفسها، ثم ثبت أنه أعتق قبلها كان أحق بها ما لم تتزوج، واختلف إذا تزوجت فقيل: قد فاتت، وقيل: هو أحق بها ما لم يدخل بها الثاني، وقيل: هو أحق، وإن دخل، بخلاف من طلق وارتجع; لأن المطلق مرت به حالة كان في عقده وصم، وهذا عقده صحيح على الأصل، واختلف إذا أعتق في عدتها على القول أنه رجعي هل يكون عقد الثاني فوتا؟