[ ص: 379 ] القول في قوله تعالى: إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله تعالى: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم [الآيات: 163-180].
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنـزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنـزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنـزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير.باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم [ ص: 380 ] إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ذلك بأن الله نـزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم .
الأحكام والنسخ:
قوله تعالى: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنـزير وما أهل به لغير الله : (الميتة) و (والدم) ههنا: عموم في اللفظ، ومعناه الخصوص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحل بقوله عليه الصلاة والسلام: " ميتة البحر والجراد ". أحلت لنا ميتتان: [ ص: 381 ] الحيتان والجراد
وقد كره طاووس، وغيرهما وابن سيرين، . أكل الطافي من السمك
وروي عن ابن عباس، : كراهية أكل كل ما طفا، وإباحة أكل ما وجد في حافتي النهر. وجابر بن عبد الله
وأكثر أهل العلم على جواز أكل جميع دواب البحر حيها وميتها، وهو مذهب رحمه الله، وتوقف أن يجيب في مالك وقال: (أنتم تقولون: خنزيرا)، قال خنزير الماء، : (وأنا أتقيه، ولا أراه حراما). ابن القاسم
فأما الجراد؛ فأكثر أهل العلم على جواز أكله على كل حال أخذ حيا أو ميتا، أو كيف تصرفت أحواله، وهو مذهب الشافعي، وغيرهما. وأبي حنيفة،
ولم ير مالك وأباح أكل ما أخذ حيا فقطعت رأسه، أو قلي أو شوي. أكل ما أخذ ميتا أو حيا فغفل عنه حتى مات،
[ ص: 382 ] فأما كما قال الله عز وجل، ولا خلاف فيما اختلط منه باللحم.0 الدم؛ فالمحرم منه المسفوح، محرم بالنص والإجماع، وإنما ذكر لحمه ليعلم أنه حرام على كل حال، ذكي أو لم يذك، وشحمه داخل مع تحريم لحمه؛ لأن اللحم أصل الشحم؛ فاستغني بذكر الأصل عن الفرع. ولحم الخنزير