الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: (وما أهل به لغير الله) يعني: ما ذكر عليه غير اسم الله، فلا خلاف بين العلماء أن ما ذبحه المجوسي لناره أو لوثنه لا يؤكل، ولا تؤكل ذبيحته عند مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم، وإن لم يذبح لناره ووثنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجازها ابن المسيب وأبو ثور إذا ذبح لمسلم بأمره.

                                                                                                                                                                                                                                      وأباح الله تعالى ذبائح أهل الكتاب، وكره مالك أكل شحوم ذبائحهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن حبيب : وكذلك كل ما حرم عليهم في التنزيل، وما لم يذكر تحريمه في التنزيل فمكروه؛ كالطريف، ونحوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز أكل ذلك كله الشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 383 ] وكره مالك أكل ما ذبحه اليهود والنصارى لكنائسهم وأعيادهم، أو على اسم المسيح، أو الصليب، وأباحه أكثر أهل العلم، وروي ذلك عن أبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وغيرهما، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: إن سمعتهم يهلون لغير الله؛ فلا تأكل، وما غاب عنك من ذلك؛ فكل، وقاله النخعي، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                                                                                      وكره الثوري ما أهلوا به لغير الله، وحرمه الشافعي، وقال الثوري :

                                                                                                                                                                                                                                      إذا سمي الله؛ فكل، وإذا لم يسم؛ فلا تأكل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه : اختلف العلماء في حد الاضطرار، وقدر ما يحل للمضطر :

                                                                                                                                                                                                                                      فقال ابن عباس : من أكل الميتة مضطرا؛ فلا إثم عليه، ومن أكلها غير مضطر؛ فقد بغى واعتدى.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : لا تحل لمن خرج لقطع السبيل والرحم، و (الباغي) عنده: قاطع السبيل، و (العادي): قاطع الرحم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 384 ] الحسن البصري : (غير باغ): غير متجاوز حد الشبع، (ولا عاد): لا يأكلها متلذذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى (ولا عاد): غير عائد إلى أكلها، فهو مقلوب؛ مثل: (شائك السلاح)، و (شاكي السلاح).

                                                                                                                                                                                                                                      مسروق : من اضطر إلى الميتة ولم يأكل، فمات؛ دخل النار.

                                                                                                                                                                                                                                      مالك : يأكل المضطر من الميتة ويتزود، فإن استغنى عنها؛ طرحها.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن، والنخعي، وغيرهما: يأكل، قدر ما يقيمه.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حنيفة وأصحابه: يأكل قدر ما يمسك نفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية